تغيرات التكاليف والتركيبة المحصولية للقطن

تغيرات التكاليف والتركيبة المحصولية للقطن

في مجلة جامعة دمشق للعلوم الزراعية وفي عددها الثالث لعام 2014 وتحت عنوان «أثر تغيرات تكاليف القطن في التركيبة المحصولية للقطن في النظام الزراعي السوري» قدم الباحث الدكتور أحمد عبد الله من قسم الاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة، بحثه الذي كتب فيه قائلاً: يعد القطاع الزراعي السوري من القطاعات الأكثر إسهاماً في الاقتصاد الوطني بوصفه يؤمن فـرص عمل لنحو 50% من القوة العاملة السورية، فضلاً عن تأمينه الغذاء والكساء للمواطنين والمـادة الأوليـة للصناعات التحويلية الوطنية، ويخفف من عجز الميزان التجاري. ويعد محصول القطن من أهم المحاصيل الاستراتيجية والاجتماعية إذْ يعمل به ما يقارب 18% من الأيدي العاملة، بدءاً من عملية الزراعة حتـى إيصال المنتج إلى المستهلك، فضلاً عن ذلك فهو محصول تصديري، إذْ يشمل ذلك القطن الخام والمحلوج والمغزول والمنسوج والألبسة بما قيمته عشرات المليارات من الليرات السورية. وتعد زراعة القطـن أحـد أهم الزراعات المروية في سورية، وهذا ما يظهر أهميته النسبية في الزراعة السوري. لهذا شملت هـذه الدراسة الاقتصادية لمحصول القطن العديد من الجوانب الزراعية-الإنتاجية، كما اعتمدت الدراسة علـى بيانات إحصائية رسمية حللت ونوقشت وفق الأسس العلمية المعتمـدة لمثـل هـذه الدراسـات.

وتبـين باستخدام الاقتصاد القياسي أن زيادة التكاليف أدت إلى انحسار مساحة القطن وبـدوره إلـى نقـص فـي الإنتاج على الرغم من زيادة البحوث المقدمة في مجال القطن لزيادة الإنتاج.
أحد أهم دعائم الاقتصاد الوطني
أشار الباحث الأحمد (1994) إلى عمل الباحثين العلميين الزراعيين خلال العقدين الماضيين ونتائجهم وابتكاراتهم، إذْ اِستُنبطت الأصناف والسلالات المحسنة للقطن. وتعاون الأخـوة الفلاحون مع المهندسين والفنيين الزراعيين وعملوا معاً على تطبيق نتائج البحوث العلمية من أجل رفع الإنتاج والإنتاجية. كما وضح الجميلي، جدوع شهاب أحمد (1998) فـي بحثـه منهجية حساب دول إنتاج محصول القطن وتكاليفه، ودرس العوامل التي تؤدي إلى زيـادة الإنتاجية من هذا المحصول. مع تلك الأهمية التي أعطيت للقطن إلا أنه لوحظ تراجع الإنتاج العالمي مـن أليـاف القطن في العام 2009 فبلغ 23.3 مليون طن، في حين كان يتجاوز 26 مليون طن في العام 2008، كما تراجعت المساحة العالمية المزروعة من 32.9 مليون هكتار؛ وذلك فـي عـام  2008  إلى 30.6 مليون هكتار عام 2009، وتعد الصين في المرتبة الأولى إنتاجـاً؛ وذلـك بنسبة 34% ثم الهند 21 % فالولايات المتحدة أقل من %13؛ وذلـك فـي عـام 2009) المركز الوطني للسياسات الزراعية، 2010(. ويعد القطاع الزراعي أحد أهم دعائم الاقتصاد الوطني في سورية، وذلك مـن حيـث إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ نحو 18%، إلى جانب اسـتيعابه لـشريحة واسعة من العمالة بنسبة 16% من إجمالي العمالة في سورية في عـام 2010 (المركـز الوطني للسياسات الزراعية، 2010(.
تراجع المـساحة المزروعـة
يعد القطن في مقدمة الإنتاج الزراعي النباتي السوري من حيث الأهمية الاقتصادية بعد محصول القمح. كما أنه المحصول الاستراتيجي والاجتماعي كونه يؤمن فرص عمل لأكثر من 14% من القوى العاملة السورية (وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، 2001). كما أن القطن يمد معامل الحلج والغزل والنسيج والزيوت والأعلاف بالمادة الأولية، كمـا يعـد المحصول الزراعي الأول في التصدير، إذْ شكلت صادرات القطن عام 2009 نحو 8% من إجمالي قيمة الصادرات الزراعية (المركز الوطني للسياسات الزراعية، 2010). تراجعت قيمة صادرات القطن السوري من 201.2 مليون دولار وسطي بين عـامي 2000 و2002 التي كانت تشكل 20.5 % من إجمالي قيمة الصادرات الزراعية السورية إلى 79 مليون دولار في عام 2009 التي شكلت 2.7% من إجمالي قيمـة الـصادرات الزراعية السورية. وكانت هناك أسباباً عديدة للتراجع منها تراجع المـساحة المزروعـة والتراجع في الإنتاج. وكان من الأسباب الرئيسة لتراجع المساحة المزروعة والإنتاج ارتفـاع أسـعار المحروقات، والسبب الآخر هو تحرير أسعار الأسمدة؛ مما أدى إلى زيادة التكاليف التي بدورها أثرت في المساحة والإنتاج.
رفع سعر المحروقات وتحرير الأسمدة
شهد القطاع الزراعي في المدة السابقة العديد من التغيـرات التـي طالت طيفاً واسعاً من بنود تكاليف الإنتاج الزراعي وأسعار بعض المحاصيل الزراعيـة، ولاسيما الاستراتيجية منها. بدأت تلك التغيرات في مطلع عام 2008 بقرار رفـع سـعر المحروقات (المازوت) بنحو 3.6 ضعفاً بعد طوال استقرار، وهذا ما أثر في إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية التي تعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على المحروقـات فـي مختلف مفاصل النشاط الزراعي، وخاصةً بالنسبة إلى المحاصيل المزروعة فـي الـنظم الزراعية المروية، حيث تشكل تكلفة المحروقات نحو 35% مـن تكـاليف المحاصـيل المروية مقابل 20% من تكاليف المحاصيل البعلية. كما ترافقت هذه التغيرات أيضا بتغيرات في أسعار الأسمدة الكيميائية التي تشكل أحد أهم مستلزمات الإنتاج، إذْ أصدرت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي قراراً بتحريـر أسعار الأسمدة الكيميائية خلال الموسم الصيفي 2009-2008،ْ فارتفعت أسعار سلفات البوتاس بنسبة (357.6%) مقابل (192.9%) للسوبر فوسـفات، و(160.9%) لليوريـا و(123.2%) لنترات الأمونيوم 33%، و(51.7%) لنترات الأمونيوم 30%. وانعكست تلك الزيادات في أسعار الأسمدة على معدلات استهلاكها من قبل المزارعين فـي مـزارعهم بسبب التكلفة الباهظة الجديدة لها، فقد انخفض استهلاك العناصـر الـسمادية الأساسـية.
توصيات
ويوصى بضرورة استخدام المكننة الزراعية في الفلاحة والعزق والبذار مما يخفـف من تكاليف الإنتاج، والتوسع بإنشاء معامل الغزل والمحالج ومعامل تـصنيع المنتجـات القطنية حتى نتمكن من تصنيع القطن والاستفادة من القيمة المضافة بدلاً من تصديرها خاماً، وأن تستمر الدولة في دعم زراعة القطن كما تفعل معظم الدول لأن تصنيعه يعـوض فرق الخسارة.