تفكيك المضادات الحيوية في المياه العادمة

وضحوا في هذه الدراسة كيفية هذا التفكيك. حيث تشكل المستحضرات الصيدلانية وبشكل خاص المضادات الحيوية، مشكلة بيئية جديدة فقد أدى ازدياد استخدامها إلى ازدياد تراكيزها في المياه العادمة، والتي تبدي مقاومة عالية للتحلل البيولوجي في الأوساط المائية. لذلك تعد تقانات الأكسدة المتقدمة إحدى الطرائق المقترحة لمعالجة المياه العادمة. درس التفكـك الضوئي الحفزي بوجود أكسيد التيتانيوم لكل من المـضادات الحيويـة الآتيـة: الأمبيـسيلين (Amp)، والأموكسيسيلين (Amx)، والسيفوتاكسيم (Cef)، والأوفلوكساسين (Ofl). كما قورن بـين الخـواص الامتزازية للمضادات الحيوية المدروسة والحركية الكيميائية للتفاعل، ووجد أنه من المرتبة الأولـى مـن أجل المركبات المدروسة جميعها. وقد لوحظ أن النسبة المئوية للتحطيم في تفاعل التفكك الضوئي الحفزي للمضادات الحيوية المدروسة تخضع للترتيب الآتي: Amp<Amx<Cef<Ofl. وبينت النتائج انخفاضاً في قيمة الـ TOC بنسبة %82.5 و قيمة الـ COD بنـسبة %48.43. كمـا أن إضـافة المـاء الأكسجيني بتركيز 20mM أدت إلى ازدياد ملحوظ في النسبة المئوية للتحطيم لتصل إلى%99.

المستحضرات الصيدلانية كملوثات

تعرف المستحضرات الـصيدلانية (Pharmaceutical Compounds (PhACS بأنهـا مركبات كيماوية تستخدم في علاج الأمراض والوقاية منها وتشخيصها، فتحـافظ علـى الصحة الفيزيائية والعقلية للإنسان والحيوان على حد سواء. وتشكل هذه المستحضرات في وقتنا الحاضر تهديداً للإنسان والبيئة، حيث يتزايد وجودها في الأوساط المائيـة ولو بتراكيز منخفضة التي هي من مرتبة (ppm)، وذلك نتيجة ازدياد إنتاجها النـاجم عـن الاستهلاك المفرط لها دون إجراء أي معالجة تذكر قبل إلقائها، إذ تخرج إلى مياه الصرف الصحي مع البول والبراز فضلاً عن المخلفات الصناعية لمعامل الأدوية. كما يزداد أثرها الملوث للبيئة لدى وجود مزيج من هذه المواد مع نواتج استقلابه.

خطر على المياه

 فقد أكدت الدراسات مؤخراً إدراج هذه المستحضرات بوصفها ملوثةً، كونها تشكل خطراً على المياه الجوفية والمياه السطحية مسببة بذلك آثاراً ضارة في الحياة البرية والمائية، ونذكر من هذه المواد على سبيل المثال: مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية ــ خافـضات الحـرارة ـ مضادات الاكتئاب ـ المدرات البولية ـ المضادات الحيوية وأيضاً مضادات القرحة التي ينتج عن استقلابها مركبات جديدة تعد بدورها ملوثة للبيئة، أما المضادات الحيوية فتخرج مع البول بتراكيز قليلة، كما تخرج نواتج استقلابها إما مع البول أو مع البراز. 

معالجة الصرف الصحي

تعد الطرائق التقليدية في معالجة مياه الصرف الصحي غير فعالة فـي إزالـة الأثـر الملوث للمركبات الدوائيـة بـسبب مقاومـة بعـضها أو منتجـات اسـتقلابها للتحلـل البيولوجي. كما أن ترسيب الملوثات العضوية، أو امتزازها على الفحـم الفعـال أو غيره من المواد المازة، سوف ينتقل بالمشكلة من شكل إلى آخر؛ يتمثل في صعوبة التخلص من الراسب الناتج أو تجديد المادة المازة. وبعيداً عن الطرائق التقليدية في المعالجة اختيرت تقانات الأكسدة المتقدمة (Advanced Oxidation Processes AOPs) التي تلقـى اهتماماً واسعاً في هذه الأيام، بوصفها إحدى الطرائق المرشحة لحل مثـل هـذه المـشكلة فقد بينت الدراسات أن لها فعالية كبيرة في التخلص من العديد من الملوثات العضوية مثل الأصبغة والمبيدات والمركبات العطرية عامة. تعتمد تقانات الأكـسدة. المتقدمة جميعها على توليد كواشف فعالة جداً أهمها جذور الهيدروكسيل OH التـي تقـوم بأكسدة الملوثات العضوية بأنواعها المختلفة وبسرعة عالية. 

الأكسدة الضوئية

تتميز كل من طريقتي: الأكسدة الضوئية الحفزية اللامتجانسة بوجود أنـصاف النواقـل والأكسدة الضوئية المتجانسة بواسطة تفاعل الفوتوفينتون بقابلية أكثر للتطبيق من الناحيـة العملية؛ وذلك لأن أشعة الشمس قادرة على تزويدهما بالطاقة اللازمة. لذلك وقع اختيارنا على تقانة الأكسدة الضوئية الحفزية اللامتجانسة بوجود أنصاف النواقل نظراً إلى ما يتمتع به TiO2 من ثباتية عالية وعدم سمية والذي يعد من أفضل أنصاف النواقل لهذه العملية.

فعالية عالية للطريقة

أظهرت تقانة التفكك الضوئي الحفزي فعالية عالية جداً في إزالة المضادات الحيويـة من المياه الملوثة صنعياً، يؤدي الامتزاز دوراً أساسياً فـي عمليـة تحطـيم المـضادات الحيوية، ويعد من أهم العوامل المؤثرة في تفاعلات التحطيم الـضوئي الحفـزي، إذ أدى دوراً مهماً في زيادة سرعة هذا التفاعل أو إنقاصها، وتأخذ مرتبة التفاعل المرتبة الأولى.

كما تزيد إضافة الماء الأكسجيني من سرعة التفكك، إذ يؤدي إلى زيادة التفكـك بنـسب عالية جداً. وقد أشارت نتائج COD وTOC إلى الإزالة العالية للكربون العـضوي مـن المياه الملوثة صناعياً.

أشعة الشمس علاجياً

وأخيراً: يجب ملاحظة أن الإشعاع يقع ضمن مجال فوق البنفسجي القريـب والمتـاح من أشعة الشمس، مما يتيح إجراء تقانة الحفز الـضوئي بواسـطة المفاعـل نـصف الصناعي الموجود في قسم الكيمياء بكلية العلوم بجامعة دمشق، وإجراء مقارنة بين النتائج المستحصل عليها في المخبر مع المفاعل نصف الصناعي الذي يعمل بالطاقة الشمسية.