حراقات النفط من جديد
من توابع الحرب في سورية انتشار ما يسمى بحراقات النفط (مصافي بدائية) التي انتشرت في المنطقة الشرقية والجزيرة من سورية وطبقا لأقل التقديرات يوجد 30 ألف حراق نفط في المنطقة الشرقية.
ووفق العاملين في تكرير النفط تتم العملية عبر وضع خزان سعته من خمسة إلى عشرة براميل في حفرة تشتعل فيها النيران باستخدام النفط الخام الخفيف أو الثقيل أو إطارات السيارات بغية إيصال النفط داخل الخزان لدرجة الغليان والتبخر، حيث يخرج النفط على شكل بخار عبر أنبوب يمر بحفرة مليئة بالمياه ليتكثف وينزل من الطرف الآخر على شكل مشتقات نفطية كالمازوت والبنزين وزيت الكاز ويعبأ في براميل وفق النوع حيث ينتج كل خمسة براميل من النفط الخام، ثلاثة براميل مازوت وسبعين لتر بنزين وأربعين لتر زيت كاز.
أسعار النفط الداعشي
وتختلف الأسعار حسب سائقي السيارات الخاصة بنقل النفط في محافظة الحسكة، فهناك أسعار مختلفة من نفط حقول الكبيبة في منطقة الشدادي حتى نفط حقول الرميلان المهرب من ناحية المالكية.
حيث يتراوح سعر برميل النفط الخام من البئر بين ثلاثة آلاف وخمسمائة ليرة سورية ويباع بخمسة آلاف ومئتي ليرة سورية، أما سعر برميل النفط الخام من حقول الرميلان، فيشترونه بسعر أربعة آلاف ليرة سورية، ويباع بسعر ثمانية آلاف ومئتين وخمسين ليرة سورية، فيما يبلغ سعر لتر البنزين 50 ليرة، وزيت الكاز 50 ليرة سورية.
وقد حدد ما يسمى «تنظيم الدولة الإسلامية»، أسعار بيع برميل النفط الخام المستخرج من محطة كبيبة النفطية قرب مدينة الشدادي جنوب الحسكة بـ35 دولاراً للبرميل الواحد،
وتوجد في ناحية اليعربية آبار تضخ النفط من تلقاء نفسها، حيث تتم تعبئة النفط الخام في صهاريج كبيرة تقف على الطريق الدولي بين القامشلي واليعربية، ثم تقوم بتفريغ حمولتها في صهاريج صغيرة، والتي تقوم بدورها بتوزيع هذا النفط على الحراقات المنتشرة في المنطقة، وأغلب الحراقات تتواجد في منطقة قلعة الهادي جنوب غربي ناحية الجوادية.
انفجارات منزلية
وتشكل المشتقات المكررة في الحراقات البدائية خطورة لدى الاستعمال تحديداً التي تستخدم لأغراض التدفئة، حيث أدت في حالات متعددة إلى إشعال حرائق أو انفجارات بسبب عدم نقاوة المادة المكررة بدائيا من كافة مكونات النفط، ما نتيجته اختلاط في بواعث الطاقة ضمن المشتق النفطي.
فهي منتشرة بين المناطق السكنية ومما يزيد من تأثيرها أنها منطقة شبه صحراوية، تنعدم فيها الأشجار، فدخان الحراقات يغطي كامل المنطقة ويتحول إلى غيوم وسحب يصل تأثيرها ورائحتها إلى أكثر من 20 كم.
تشوهات خلقية
أن الأمراض بدأت تظهر للعيان مؤخراً، مثل الالتهابات الجلدية وأمراض الربو والتهاب الكبد والسرطان الجلدي والتشوهات الخلقية، فقد تم تسجيل عشرات حالات التشوه الخلقي في مدينة الميادين والقرى المجاورة مثل الشحيل والطيانة وذيبان والحوايج وهجين ناتجة عن التكرير اليدوي للنفط، وهو ملاحظ في منطقة دير الزور في بعض الصور الشعاعية ما قبل الولادة بشكل تشوهات مختلفة، كما تلاحظ السرطانات وخاصة بين الأطفال، لأن معظم الذين يعملون في الحراقات هم عائلات كاملة من أب وأم وأطفال، وكل ذلك يعود إلى الاستخراج والتكرير اليدوي للنفط في مناطق دير الزور، إضافة إلى التشوهات الولادية التي سيزداد احتمال ظهورها مستقبلاً، ومن الغازات الناجمة عن الاستخراج البدائي للنفط غاز الكبريت (السام جداً) ولا سيما أنه عديم الرائحة، ويتسبَّب بفقدان مباشر لحاسة الشم، والوفاة المباشرة عند وصوله لنقطة التركيز (عشرة أجزاء من المليون )، إن عواقب سرطانية كثيرة تنتج عن التعرض المباشر والمستمر للأشعة الصادرة عن النفط الخام، كما أنها خطيرة على التوازن الحيوي وعلى الحيوانات والنباتات.
تلوث التربة
ويدوم أثرها عشرات السنين، حيث تمتص التربة والصخور هذه الأشعة وتختزنها، كما أن الدخان المتصاعد من حرّاقات التكرير اليدوي يؤدي إلى تلوث كبير للبيئة، ويمنع تلقيح الأشجار، ويؤدي إلى تشكل غيوم سوداء في سماء المنطقة، وبالتالي تساقط الأمطار الحمضية المضرة لكل الكائنات الحية، وقد لوحظ هجران الطيور المهاجرة للمنطقة وعدم استراحتها فيها كعادتها، حيث كانت تعتبر من أهم محطات الطيور القادمة من وسط آسيا كطائر القطقاط الاجتماعي المهدد بالانقراض، ورغم علم غالبية هؤلاء بوجود الخطر دون العلم بتفاصيله إلا أن الظاهرة تزداد انتشاراً، وبالتالي تزداد احتمالية ظهور الأمراض السرطانية بشكل فوري، وظهور التشوُّهات الولادية خلال ثلاث سنوات.
تدمير الزراعة والبيئة
وبما أن عمليات التكرير تتم ضمن الأراضي الزراعية، فهذا له أضرار مباشرة وكبيرة على القمح والشعير والقطن، والأخطر من ذلك على الخضار التي تستهلك بشكل يومي.. وعمليات التكرير الجارية وبكثرة لها مضاعفات كارثية ومستقبلية على نوعية التربة، بسبب ترسُّب المواد الناجمة عن الحرق والدخان على الأتربة الزراعية وعلى أوراق النباتات، وبالتالي انتقالها إلى الإنسان والقطعان بطريقة مباشرة وغير مباشرة وحسب نوعية النبات، كما انخفض مردود الخضار إلى النصف.
وما زاد الطين بلّة من الناحية الصحية تراكم القمامة وجريان مياه الصرف الصحي في جداول صغيرة في بعض المناطق بسبب انسداد اقنية الصرف الصحي، وعدم وجود آليات لتعزيلها مما أدى إلى توسع المستنقعات المجاورة للقرى، هذا سبّب تضاعف أعداد الذباب والحشرات الناقلة، والتي سببت ازدياد حالات المرض.