وجدتها : صائدو الفرص

وجدتها : صائدو الفرص

مصطلحات كالانتهازية وما شابهها معروفة في اللغة العربية وهي تشير لمن يتخذ من الظروف غير المؤاتية للغير فرصة له لتحقيق أهداف لا يمكنه تحقيقها في الظروف الاعتيادية

لكنني سمعت مصطلحاً في اللغة الألمانية لأول مرة في العام 2000 وهو Schnäppchenjäger ويعني حرفياً صائدي الصفقات، وقد مر عليّ كغيره من المصطلحات مرور الكرام رغم أنه لفت نظري كونه مصطلحاً مرتبطاً بنمط محدد من التفكير، لم أجد له مقابلاً حرفياً في اللغة العربية كون اللغات تعبر على الغالب عن نمط العلاقات الاجتماعية الذي يحكم المجتمعات إلى هذا الحد أو ذاك، فاللغة تتطور بالتوازي مع التغيرات في المجتمع.
لكنني وفي هذه الأيام تحديداً أتذكر هذا المصطلح «في الغداة والعشي»، في ارتفاع سعر الخبز، في ارتفاع أسعار المياه، في التهاب أسعار السوق.
تقول نعومي كلاين في كتابها عقيدة الصدمة إن فريدمان (منظر هذه العقيدة ومؤسسها)، عبّر بوضوح في إحدى مقالاته المؤثرة، عن الخطة التكتيكية الزائفة، التي تشكل جوهر الرأسمالية المعاصرة، والتي تفهمها المؤلفة باعتبارها مبدأ الصدمة. وقال فريدمان في مقالته تلك: «إن الأزمات فقط سواء كانت حقيقية أو محسوسة هي التي تخلق التغيير الحقيقي. فعندما تحدث تلك الأزمات فإن الإجراءات المتخذة تعتمد على الأفكار المتوفرة، وتلك فيما أعتقد مهمتنا الأساسية: أن نوجد بدائل للسياسات الموجودة، وأن نبقيها حية ومتوفرة إلى أن يصبح المستحيل من الناحية السياسية، حتمياً من الناحية السياسية».
وتعلق المؤلفة قائلة إن بعض الناس يدخرون الأطعمة المعلبة والماء استعداداً لوقوع الكوارث الكبرى، أما أتباع فريدمان فإنهم يدخرون أفكار السوق الحرة، وعندما تقع أزمة من الأزمات يكون أستاذ جامعة شيكاغو مقتنعاً بأهمية العمل بسرعة خاطفة، لفرض تغير لا يمكن الرجوع عنه، قبل أن يثوب المجتمع الذي عزلته الأزمة إلى رشده، ويعود إلى الخضوع «لاستبداد الواقع الراهن» وهو يقدر أن «أي إدارة جديدة لديها ستة إلى تسعة أشهر تستطيع خلالها أن تجري تغييرات كبرى، وإذا لم تغتنم الفرصة لتتصرف بصورة حاسمة خلال تلك الفترة، فلن تتاح لها فرصة أخرى مماثلة».
وذلك شكل آخر من أشكال نصائح مكيافيلي الذي يرى ضرورة تحقيق الإصابات على الفور ودون تريث.
لكن من الواضح أن شبكة هؤلاء الصيادين لا قاع لها وغير قابلة للامتلاء.