علم الآثار العُلْوية في الحضارات القديمة
في كتابها « علم الآثار العلوية في الحضارات القديمة» الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، تتحدث الكاتبة رنا مزيك عن علم الأرصاد الجوية في العصور السابقة، فتقول: إن علم الآثار العلوية علمٌ حيوي، ذلك لأنه ارتبط بالإنسان منذ بدء الخليقة. فهو يرتبط بصيده ومعاشه وحله وترحاله.
وقد مر بمراحل تطور عديدة عبر الحضارات إلى أن وصل إلى عصرنا الحديث. ولكن يمكن القول: إن هذا العلم في الحضارات القديمة لم يكن علماً بحتاً بمفهومه الحالي في إطارٍ من القوانين والمعادلات التي تحكمه إلى أن جاء اليونان فبدؤوا بدراسته بشكلٍ علمي ومنهجي. ومنه انتقل إلى العرب المسلمين في ظل الدولة العربية الإسلامية، حيث برز العديد من العلماء الذين اهتموا بتفسير ظواهر الآثار العلوية
إن هذا العلم واسعٌ جداً فهو يشمل العديد من الظواهر (البرق، الرعد، الصاعقة الرياح، الثلج، المد والجذر، الزلازل،...). وقد اخترنا أربعةً من هذه الظواهر محوراً لدراستنا وهي (البرق، الرعد، الصاعقة، والرياح) نظراً لأن هذه الظواهر هي الأكثر التصاقاً من غيرها ببيئة الإنسان العربي.
لقد هدفنا في هذا البحث إلى توضيح أهمية الآثار العلوية في حياة الإنسان، ومراحل تطور هذا العلم عبر الحضارات، وإلقاء الضوء على نتاجات بعض العلماء العرب المسلمين في القرن 4 هـ/10م من الذين درسوا الآثار العلوية باعتبار هذه الفترة هي الفترة الذهبية للعلوم العربية الإسلامية. فاخترنا ثلاثةً من العلماء وهم الحسن بن البهلول الذي ترجم مخطوطة «الآثار العلوية» لثؤفرسطس المختارة في دراستنا هذه. وإخوان الصفاء وابن سينا كنماذج عن العلماء العرب المسلمين بمختلف مدارسهم والذين أبدعوا في هذا المجال. ولكن كان لابد لنا من أن نعرج على بعضٍ من علماء القرن 3هـ/9 م فاخترنا منهم عالمين وهما جابر بن حيان باعتباره من أوائل العلماء الذين درسوا ظواهر الآثار العلوية، والكندي الذي أحدث ثورةً علمية في ذلك الوقت باعتماده قانون التمدد الفيزيائي. كما هدِفْنا إلى دراسة مدى تأثُر العلماء العرب المسلمين في القرن4 هـ/ 10م بالحضارات التي سبقتهم، ولاسيما اليونانية.
ومن هنا تأتي أهمية هذا البحث من حيث أنه أحد الدراسات القليلة التي تبحث في علم الآثار العلوية عند العلماء العرب المسلمين، ومدى التأثير اليوناني على نتاجات هؤلاء العلماء.