وجدتها : بحثاً عن المجد
في الدوافع الداخلية للباحثين أسرار عميقة، أغوار متشعبة ومعقدة بحثها البعض لكن ظروف العمل البحثي المتطورة والمتغيرة تفسح المجال دوماً لدوافع جديدة.
قد تكون خدمة البشرية واحدة من أسمى الأهداف التي تخطر ببال القارئ عندما تتراءى له صورة الباحث –ذاك الذي يلبس معطفاً مخبرياً أبيض ويمسك بيده الأنابيب، ترتبط الصورة مباشرة بصورة المرضى الذين يعانون في المستشفيات ويبدو المحلول الأخضر في الأنبوب هو الحل الوحيد لمشاكلهم، إنه حقاً الإكسير السحري، ويبدو الباحث في هذه الحالة مزيجاً من الساحر والمنقذ، والخيميائي والنبي.
لكن صورة أخرى قد تندفع إلى مخيلتنا، شيء ما يشبه أفلام الأشرار -الذين يريدون تدمير العالم- ويبدو العالم الشرير بتكشيرته الغريبة وشعره المنفوش، حاملاً دورقاً فيه سائل أزرق، يتصل به الشرير الكبير الذي كلفه بمهمة تحضير المحلول المدمر، وتلتمع عيناهما سعادة لغاية تحطيم البشرية والسيطرة على العالم.
لكن الواقع لا يحمل في الواقع من هاتين الصورتين المتناقضتين والفاقعتين إلا النذر اليسير، ويبدو الباحثون أشخاصاً بسيطين عموماً في تركيبتهم، منهم الشباب الذي يبحث عن درجة علمية أعلى عله يحصل تقديراً اجتماعياً في وسطه الذي لا يرى فيه سوى فأر كتب، أو سيدة طيبة أمضت جل عمرها في العمل في الحقول لحماية محاصيلنا الأساسية من الأمراض، وقد ترى ذاك المتسلق على الأكتاف الذي يسرق أبحاث وجهود الآخرين طمعاً في منصب إداري يؤمن له سلطة ونفوذا وقدرة أكبر على الفساد والنهي، وفتاة لطيفة تحاول تحقيق حلم والدها الذي كان يقول دوماً أريد لابنتي أن تكون دكتورة، كل هؤلاء يندرجون تحت اسم الباحث، وكلهم يبحثون عن «المجد».