البريطانيون يخسرون الكثير في الحرب ضدّ اليمن
كلّفت حرب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الأخيرة ضدّ اليمن حتّى الآن الشعب البريطاني ما يصل إلى 19 مليون باوند إسترليني «قرابة 24 مليون دولار» من تكاليف الصواريخ فقط دون حساب بقيّة التكاليف المادية، ناهيك عن قيام الحكومة بأخذ تمويل الوزارات الأخرى حتّى تتمكن من تأمين النفقات، وذلك حسب بحثٍ أجرته مؤسسة Declassified UK.
ترجمة: قاسيون
تمّ الإعلان عن إطلاق ما يصل إلى 53 صاروخاً، تبلغ تكلفة بعضها أكثر من مليون باوند إسترليني، من قِبل البحرية والقوات الجوية الملَكية البريطانية. تستمرّ المهمة العسكرية، التي لم يتم التصويت عليها في البرلمان ولم تحصل على الموافقة منه في الازدياد والتضخم بالرغم من المؤشرات على فشلها في تحقيق أهدافها الأساسية.
وبدلاً من جعل البحر الأحمر أكثر أماناً للشحن، فقد باتت السفن التجارية المرتبطة ببريطانيا موضوعة مباشرة في مرمى اليمنيين الحوثيين، مما أدى إلى غرقٍ كارثي لسفينة روبيمار، وهي ناقلة بضائع ضخمة مملوكة للمملكة المتحدة. يقول اليمنيون الحوثيون الذين يسيطرون على العاصمة وأغلبية المناطق ذات التعداد السكاني، إنّ حصارهم يهدف إلى وقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها «إسرائيل» في غزة. حيث قتلت «إسرائيل» أكثر من 30 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، خلال الأشهر الخمسة الماضية.
قبل أن يأمر سوناك بشنّ غارات جوية على اليمن، تعرّضت سفينة تجارية واحدة فقط، كانت ترفع العلم البريطاني، للهجوم من قبل اليمنيين. كانت تلك سفينة سوان أتلانتيك المسجلة في جزر كايمان، والتي اعتقد اليمنيون خطأً أنّها مملوكة لشركة «إسرائيلية». لكن بالرغم من ذلك، فإن التصعيد في البحر الأحمر يوفّر فرصة طال انتظارها للجيش البريطاني ولصناعة الأسلحة في بريطانيا. علماً أنّ ريشي سوناك هو تاسع رئيس وزراء بريطاني يقوم بقصف اليمن.
تُصنّف التكلفة الحقيقية لحرب سوناك في اليمن حالياً على أنّها سرية، ولن يتم نشرها إلا عندما تنشر وزارة الدفاع حساباتها السنوية في تموز. يضطرّ وزير الدفاع غرانت شابس، الذي سخر من «ادعاءات الحوثيين السخيفة بأنهم روبن هود اليمن»، إلى اقتراض أموال من وزارات حكومية أخرى في الواقع، لدفع تكاليف الحرب. يعتمد شابس على صندوق الطوارئ التابع لوزارة الخزانة، بعد أن «طلب التمويل من الاحتياطي الخاص للبحر الأحمر».
قال كيني ماكاسكيل، عضو البرلمان الذي استجوب الوزراء بشأن الصراع: «هناك دائماً أموالٌ لشنّ حرب في الخارج، ولا توجد أموالٌ أبداً لمحاربة الفقر في الداخل. إنّ التكلفة الاقتصادية التي نتحملها جرّاء شن غارات جوية ضد بعض أفقر الناس على هذا الكوكب، تضاعف الضرر البيئي الذي يلحق بكوكبنا نتيجة الطيران آلاف الأميال للقيام بذلك. في هذه الأثناء، يعاني الناس هنا من الجوع ويحترق كوكبنا. إن النخبة زادت ثروتها، لكن البقية يدفعون الثمن».
قصفت القوات الجوية الملكية 40 هدفاً في جميع أنحاء اليمن في أربع موجات من الضربات الجوية منذ كانون الثاني، وفقاً لتصريحات أدلى بها شابس في البرلمان. تم ضرب الأهداف بصواريخ Paveway IV، التي كانت كلفة الواحد منها حوالي 70 ألف باوند في عام 2014. ومع التضخم، قد تكلّف الصواريخ الآن أكثر. وتبلغ تكلفة إطلاق 40 من هذه الصواريخ حوالي 2.8 مليون باوند، على افتراض أنه تمّ استخدام صاروخ واحد لكل هدف. وترفض وزارة الدفاع توضيح عدد أو تكلفة الذخائر المستخدمة.
هناك تكاليف إضافية تتعلق بتحليق أسطول مكوّن من أربع طائرات تايفون على بعد آلاف الأميال من قاعدة في قبرص، وإجراء التزود بالوقود الجوي مرتين لكل مهمة بوساطة ناقلات فوييجر. كل طائرة تكلف آلاف الجنيهات في الساعة لتشغيلها. وفي البحر، تتحمّل البحريّة الملكية فاتورة أكبر. بدأت المدمرة HMS Diamond بمحاولة التصدي لطائرات اليمنيين دون طيار في 16 كانون الأول باستخدام صواريخ Sea Viper التي تبلغ تكلفة كل منها مليون باوند على الأقل.
في المجمل، ربما كلفت الذخائر التي أطلقتها بريطانيا على اليمنيين منذ كانون الأول ما يصل إلى 19 مليون باوند إسترليني. الأمر الواضح هو أنّ شركات الأسلحة ستستفيد من ذلك. يتم تصنيع Sea Vipers وCeptors بوساطة شركة MBDA، وهو تجمّع شركات عملاقة يضم شركة BAE Systems البريطانية، وشركة Airbus الفرنسية وشركة Leonardo الإيطالية.
يتم تصنيع Paveways بوساطة شركة Raytheon، وهي شركة أسلحة أمريكية عملاقة. وشهدت كل من Raytheon وBAE ارتفاع أسعار أسهمهما إلى ما يقارب الثلث منذ 7 تشرين الأول. أعلنت شركة MBDA الأسبوع الماضي أن سجل طلباتها وصل إلى مستوى قياسي بلغ ما يقارب 10 مليارات يورو.
وقد استفادت هذه الشركات بشكل مباشر من الحرب في البحر الأحمر. وافقت البحرية الملكية في كانون الثاني على عقود جديدة بقيمة 405 ملايين باوند لتحديث نظام Sea Viper على مدمرات مثل Diamond. هذا الصراع هو المرّة الأولى التي تقوم فيها البحرية الملكيّة بإسقاط هدف جوي منذ حرب الخليج عام 1991، حيث تمّ اختبار كل من Viper وCeptor.
يبدو أن Viper يحتاج بالفعل إلى الترقية حتى تتمكن البحرية من إسقاط الصواريخ الباليستية المضادة للسفن (ASBMs)، وليس الطائرات دون طيار أو الصواريخ قصيرة المدى فقط والتي يستخدمها اليمنيون. في الوقت الحالي، تعتمد المملكة المتحدة على الإبحار مع حلفاء مثل الولايات المتحدة التي تمتلك قواتها البحرية قدرة مضادة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
وأدى الصراع مع اليمن إلى انخفاض مخزون الصواريخ بعد محاولات إسقاط تسع طائرات من دون طيار تابعة لليمنيين باستخدام مزيج من صواريخ Viper وغيرها. أبحرت Diamond مسافة 3000 ميل من البحر الأحمر إلى جبل طارق. هناك، تم تصويرها وهي ترفع Sea Vipers جديدة إلى صوامعها الشهر الماضي.
تمّ اختيار جبل طارق على الرغم من استثمار البحرية في قواعد مثيرة للجدل في عُمان والبحرين، وهما دولتان لا تبدوان أنّهما ترحبان باستضافة القوات البريطانية في العمليات ضدّ اليمن. يدرك الوزراء أن إعادة تسليح Diamond في الخليج أمر استفزازي للغاية، حيث لا يحظى دعم بريطانيا «لإسرائيل» بشعبية كبيرة بين الجمهور. وقد واجه أفراد من الجيش البريطاني بالفعل فوضى داخل منشأة في الدقم في عُمان، بسبب دعم بريطانيا «لإسرائيل».
صدرت تبريرات رسمية وشبه رسمية أنّ القواعد في عُمان ليست مؤهلة للاحتفاظ بالصواريخ التي كان يجب على السفينة أن تتزوّد بها، لكن شكك خبير القانون الدولي البروفيسور ستيفان تالمون في التبرير الذي تقدمه حكومة المملكة المتحدة. كلّ هذا يجري من أجل مقارعة طائرات من دون طيّار لا تكلّف ولا حتّى جزءاً من التكاليف التي يتكبدها الشعب البريطاني من أجل خوض صراعٍ لم يوافق عليه حتى البرلمان.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1168