أوكرانيا وصدمة الناتو بعدم القدرة على التوسّع شرقاً
جيمس كرث ترجمة: قاسيون جيمس كرث ترجمة: قاسيون

أوكرانيا وصدمة الناتو بعدم القدرة على التوسّع شرقاً

في كانون الأول 2021، طالبت روسيا الولايات المتحدة والناتو بتوقيع اتفاقية رسمية يتعهدون فيها بإيقاف أنشطتهم في بلدان معينة، تحديداً أوكرانيا وجورجيا، بعدم محاولة ضمّها إلى الناتو، وعدم نشر قوات وأسلحة هجومية فيها. قررت روسيا، وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام العالمية، أن تدعم مطالبها بنشر 100 ألف من القوّات عند الحدود الروسيّة الأوكرانيّة. شكّل هذا الإنذار الروسي التحدي الأكثر جوهرية وخطورة للطريقة التي يدير فيها الناتو أنشطته منذ تفكك الاتحاد السوفييتي في 1991. لكنّ المحتوى الفعلي لمطالب روسيا ليس جديداً على الإطلاق. فمنذ أول توسع للناتو في 1999 «قبول بولندا والتشيك والمجر كأعضاء» كانت روسيا واضحة في اعتراضها على أنّ هذا التوسع تهديد لمصالحها الأمنية الحيوية. وكانوا أشدّ حساسيّة للأمر في عام 2004 عند ضمّ إستونيا ولاتفيا وليتوانيا إلى الحلف.

من الناحية الأخرى، بقيت مهمة توسيع الناتو نحو الشرق هدفاً لخمس إدارات أمريكية متعاقبة. الأمر الذي عنى بأنّ الأمر عابر للنخب كما كان أيام الحرب الباردة. الأمر الذي يدفع الروس إلى الاقتناع بأنّ توسع الناتو لحصار روسيا هي سياسة متفق عليها.
الأمر الجديد اليوم أنّ النخب الأمريكية كانت تعتقد على مدى ثلاثين عاماً بأنّها قادرة على تجاهل المصالح الأمنية الروسية، إلّا أنّهم اليوم مضطرون للتعامل مع وجود روسيا في وضع يسمح لها بلفت الانتباه، وتوجيه إنذار إلى الولايات المتحدة والناتو.
لكنّ السؤالين اللذين يستحقان النظر إليهما: كيف وصلنا إلى هذا الوضع الرهيب؟ يمكننا عبر التالي فهم أنّ سياسة توسيع الناتو هي أمر متفق عليه بين كامل النخب الأمريكية، سواء أكانوا يسيطرون على الاقتصاد أو الإعلام أو السياسة، وأنّ ديناميكيته حتميّة. السؤال الثاني: هل استنزفت هذه السياسة حدّها الأقصى؟ سنرى بأنّ الوضع في 1999– رغم اعتراض الروس- كان مختلفاً بحيث خلق نوعاً من التوازن أجبروا على القبول به. أمّا التوسع الثاني في 2004، فقد خلخل هذا التوازن، ما أدى إلى تلقي الولايات المتحدة لصفعتين في جورجيا وأوكرانيا، وتثبيت وقائع أخرى يجب البناء عليها اليوم.

النقاش الكبير الذي لم يحدث

في 2001 اقترح الرئيس بوش الابن بأن تصبح ديمقراطيات أوروبا الجديدة، من البلطيق إلى البحر الأسود وما بينهما، عضوة في الناتو. وعلى غرار ما حدث في 1999 عند ضمّ دول جديدة إلى الناتو، لم تحدث نقاشات كبيرة كالتي يجب أن تحدث. كان عدم وجود هذا النقاش لافتاً، فلطالما اعتبرت الدول أنّ الالتزامات العسكرية شيء شديد الأهمية لسياساتها الخارجية. الأمر الآخر الأهم الذي كان يجب الحديث عنه، ولم يجر مثل هذا الحديث، أنّ الناتو يحاول رسم خطوطٍ جديدة لأوروبا، لها مفاعيل تشابه مفاعيل اتفاق يالطا في 1945.
كان واضحاً أنّ الخطّ الذي يريد الناتو رسمه في أوروبا هو بين «أوروبا» وروسيا. لطالما حاججت روسيا بأنّه يجب تعريفها كجزء من أوروبا، واقترحت مراراً أن يتمّ قبول عضويتها في الناتو. لكنّ الولايات المتحدة أشارت إلى إمكانية قبول جميع دول أوروبا، لكنّها رفضت بشكل مستمر تضمين روسيا.
يعود ذلك في الحقيقة إلى أنّ توسيع الناتو كما تراه النخب الأمريكية ليس مجرّد توسيع لتحالف عسكري. الهدف الحقيقي من ورائه هو توحيد أوروبا لتكون جزءاً واحداً من الرؤية الأمريكية ونسختها من النظام العالمي. لطالما كان الهدف الأمريكي هو جعل أوروبا «حصناً» ضدّ أيّة مناهضة لمشروعها للعولمة. لكن لأنّ الناتو لم يتمكن من التحوّل إلى أكثر من تحالف عسكري، فقد كان لتوسيعه عواقب عسكرية وإستراتيجية خطيرة.

العولمة وحدودها

منذ التسعينات والمشروع الأمريكي هو العولمة بشكلها الأمريكي. العولمة جزء أساسي من تعاطي الولايات المتحدة مع العالم الخارجي، والذي بات رمزاً لانتصار الأمريكيين في الحقبة التي تلت نهاية الحرب الباردة. العولمة كما يعرّفها القادة الأمريكيون هي نشر الأسواق الحرّة، والحدود المفتوحة، والديمقراطيات الليبرالية، وحكم القانون المرتكز على قواعد وأعراف ليبرالية. إنّها العولمة التي افترضت معظم الروايات عنها بأنّها ستكون ظاهرة عالمية بالفعل. لكنّ هذه الروايات كانت مخطئة، فالعولمة لم تكن يوماً عالمية، ولن تكون كذلك على الإطلاق. بعد ثلاثة عقود من اختبار العولمة، يمكننا أن نرى خريطة متنوعة للكرة الأرضية بسببها، فهي ليست تقدماً أفقياً سلساً، بل بناء هرمياً خشناً: نمط من التطوّر غير المتكافئ، والقبول غير المتكافئ، والمقاومة غير المتكافئة.
القسم الأكبر من الكوكب اليوم منخرط في هذه العولمة، لكنّها فشلت في تحقيق أيّ شيء جيّد، بدءاً من إفريقيا، وصولاً إلى جنوب وغرب آسيا، وعبر المحيط إلى الأنديز في أمريكا اللاتينية. فشلت العولمة في هذه المناطق الشاسعة من العالم، ومن غير المرجّح أن تنجح في أيّ وقت من المستقبل. في الحقيقة لم يقدّم أحد خطة ذات مصداقية تمنح الأمل بأن تتمكن العولمة من تحويل هذه المناطق إلى أجزاء مستقرة من الاقتصاد العالمي والنظام العالمي. بل على العكس من ذلك، فقد تمّ إنشاء نسخة اقتصاد العالم السفلي، المكوّن من تجارة المخدرات والماس والأسلحة والبشر، والذي تديره منظمات إجرامية وإرهابية عالمية.
من جهة أخرى، قوى كبرى من العالم: الصين- الرابح الأكبر من العولمة، وروسيا الخاسر الأكبر منها- يتفقان على أنّهما لن تقبلا النسخة الأمريكية من العولمة، وستعملان على خلق بديل عنها. كما أنّ هناك «دولاً صلبة»، مثل إيران وكوريا الشمالية، تقف ضدّ المشروع الأمريكي، وتبحث عن بديل.
بالنسبة للأمريكيين يبقى هذا مشروعهم الذي يجب الدفاع عنه. وإذا ما عدنا إلى توسيع الناتو والأحداث المتزامنة معه، لوجدنا بأنّه امتداد لتوسيع العولمة الأمريكية. سواء في 1999 حين حدث التوسيع الأول بعد الحرب الباردة، حيث تحولت بلدان وسط أوروبا من «أوروبا الشيوعية» إلى «أوروبا الديمقراطية ذات السوق الحرة». أو في 2004 حين التوسع لضمان إيجاد تخوم جديدة. هنا فقط يمكن إيجاد الرابط بين العولمة الأمريكية، والمشروع الأمريكي بتوسيع الناتو.

1055-2

العولمة وأوروبا الأمريكية

تريد الولايات المتحدة أن تؤمّن عولمتها الليبرالية. من الحاسم لها هنا أن تدمج المركز والأطراف الأوروبية بالمركز الأمريكي، وأن تقبل أوروبا قيادة الولايات المتحدة في المسائل الهامة. تنقسم أوروبا هنا إلى غربية وشرقية. فأمّا الغربية فيبدو أنّ التشكك في المشروع الأمريكي قد تسلل إليها. أمّا الشرقية فهي أكثر ميلاً إلى قبول المشروع الأمريكي للكثير من الأسباب، من بينها موقف النخب التي حكمت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي غير الواثق بأوروبا الغربية، وكراهيتهم لروسيا.
تدرك الولايات المتحدة أنّ رفض روسيا والصين لمشروعها للعولمة سيعني تصادماً حتمياً، ومن هنا فالإبقاء على الناتو في مركز أوروبا يعني إبقاء أوروبا تحت القيادة الأمريكية وإبقاء مشروع العولمة الأمريكية حيّاً. ومن شأن ضمّ دول البلطيق- وجورجيا وأوكرانيا لو تمكنوا من ذلك– أن يعزز إبقاء المركز الأوروبي تحت القيادة الأمريكية، ورسم خطّ الحدود بين مشروع العولمة الأمريكية والمشروع الروسي المناهض له. أمّا ضمّ دول البلقان في الناتو، فيعني بالنسبة للأمريكيين رسم الحدود لمشروعهم ضدّ الخصوم المناهضين لهم في الشرق الأوسط: «الدول الصلبة».
منذ مطلع القرن العشرين وسمة الإمبراطورية ملازمة للتوسع الأمريكي ونموّه، وذلك رغم إنكار الولايات المتحدة لذلك. ما الذي يمكن أن يحقق للولايات المتحدة استمرار مشروعها في العولمة «الأسواق الحرة، والحدود المفتوحة، والديمقراطية الليبرالية»، وأن يكون ذلك ضمن منطقة يمكن للولايات المتحدة أن تضمن أمنها وتمنع صعود مناهضة لها فيها؟ إنّه «كومنولث أمريكي» كالذي كان موجوداً أيام زهو الإمبراطورية البريطانية.
لكنّ فكرة كومنولث إمبراطوري «مهما كان اسمه العصري» لن يكون مقبولاً من معظم الأوروبيين، وإن كان بإمكان الولايات المتحدة أن تنشأ مثل هكذا تنظيم في دول صغيرة كالبلطيق، فسيصعب عليها ذلك مع الدول المتوسطة أو الكبرى في أوروبا. ما الذي يبقى للأمريكيين إذاً، ما المنظمة التي تقودها الولايات المتحدة ولديها شرعية في أوروبا بالفعل؟ إنّها الناتو.
الناتو بالأساس ليس أكثر من تحالف عسكري، الأمر الذي جعله تنظيماً يفتقر إلى القدرة على تنظيم العلاقات المعقدة بين أوروبا والولايات المتحدة. لكنّ هذا التحالف العسكري هو الوحيد الذي يملكه الأمريكيون ولديه الشرعية للتوسّع على طول أوروبا. رغم أنّ هذه السمة العسكرية بالذات جعلته غير شرعي بالنسبة لروسيا.

عسكري ولكن!

يخدم توسيع الناتو- وهو التحالف العسكري، ليشمل الدول التي تحيط بروسيا- هدف إنشاء «كومنولث أمريكي» مقبول. لكن بالنسبة لروسيا وجود الأمريكيين في دول البلطيق التي تبعد 150 كلومتر عن سانت بطرسبورغ، وبينها وبين موسكو، إضافة إلى وجودهم على الحدود مع بولندا، والحدود مع النرويج، والحدود مع الولايات المتحدة نفسها في الشمال، هو خطوة حاسمة تهدد الأمن القومي الروسي. فما بالك بجورجيا وأوكرانيا!
كانت هناك اقتراحات سابقة بأنّ هناك وسائل لضمان أمن دول البلطيق دون الحاجة لتوسيع الناتو. كان أحدها هو اتباع نهج فنلندا، وهي إحدى دول البلطيق العضوة في الاتحاد الأوروبي وليست عضوة في الناتو. الحل الآخر كان قبول روسيا نفسها في الناتو. كان هذا ليكفل إعادة تعريف الناتو من تحالف أمريكي إلى نظام أمن جماعي أوروبي. لكن كيف للولايات المتحدة أن تقبل به وهو الذي سيزيل الخطّ «الحدودي» الذي تريد رسمه في مواجهة روسيا؟
ليس هناك اعتبار هنا لما تفضله روسيا، أو حتّى لما تفضله أوروبا الغربية من الحلّين السابقين، فمنذ عام 2001 أبدت الولايات المتحدة رغبتها بضمّ دول البلطيق، الأمر الذي نجحت فيه، وكانت تريد ضمّ أوكرانيا وجورجيا. لكن ماذا عن دول أوروبا الكبرى؟
منذ أيام بطرس الأكبر، لم تلتزم أيّة قوة أوروبية كبرى بالدفاع عن دول البلطيق ضدّ روسيا. مهما كانت الخلافات بين هذه الدول كبيرة، كانت السويد وبروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا متوافقة على أنّ تكاليف ومخاطر ضمان استقلال البلطيق عن جارهم الهائل روسيا أبعد بكثير من مصالحهم وقدراتهم. لهذا عندما قامت الولايات المتحدة في 2004 بمنح دول البلطيق مثل هذا الالتزام، لم تكن تقوم بذلك بسابقة بالنسبة للتاريخ الأمريكي، بل أيضاً سابقة بالنسبة للتاريخ الأوروبي.
لكنّ الولايات المتحدة استندت في سابقتها التاريخية إلى القناعة بأنّ أمريكا ستبقى- لعقود قادمة على الأقل– قوية وقادرة على فرض ما تريد، وأنّ روسيا ستبقى ضعيفة وعديمة الجدوى كما كانت في ذلك الوقت. بالنسبة للنخب الأمريكية، كان التوازن العسكري الأمريكي الروسي في البلطيق في ذلك الوقت، أو عدم التوازن توخياً للدقة، باقياً إلى الأبد. لكنّ ردّات الفعل التي قامت بها روسيا منذ 2008 تظهر أمرين: أنّ روسيا أقوى ولم يعد للنخب الأمريكية تجاهل مصالحها، والثاني أنّ الولايات المتحدة أضعف بحيث لم يعد بإمكانها الحفاظ على الوضع الذي منحت فيه التزاماتها.
من وجهة نظر الأمريكيين الواقعيين، ليس هناك مصالح أمريكية على المحك في دول البلطيق وأوكرانيا وجورجيا. لكن من وجهة نظر المحافظين الجدد والليبراليين الأمريكيين، هناك مصالح أمريكية جوهرية. فهذه الدول يجب أن يُنظر إليها على أنّها «شرق الغرب». اليوم وبعد ثلاثين عاماً من استقلال دول البلطيق، نجحت بشكل غير عادي بترسيخ وتجسيد القيم الأمريكية للديمقراطية الليبرالية، والسوق الحرة. إن كانت هناك أيّة دولة تستحق عضوية الناتو بسبب تحقيقها المعايير الأمريكية، فهي هذه الدول.
لكن الفرق بين الزمن الذي تمّ فيه الترحيب بهذه الدول، واليوم، شاسع من حيث قدرة الأمريكيين على الوفاء بالتزاماتهم. الحقيقة أنّ الذي على المحك اليوم هو الهويّة الأمريكية، وقدرتها على إعادة إنتاج مشاريع نخبها وتمديدها. عندما كانت الولايات المتحدة هي الدولة الأقوى اقتصادياً على وجه الأرض، كان هؤلاء النخب يرون بأنّ حدود أمريكا أكبر من القارة الأمريكية، وبأنّ قدراتها مطلقة.
لكن اليوم لم تعد الولايات المتحدة هي القوة الاقتصادية الوحيدة، ولا الأكبر حتّى وفقاً للكثير من المعايير، فلم يعد بإمكان النخب أن يحققوا المكاسب التي كانوا يحققونها. المشكلة أنّ هؤلاء النخب ليسوا مقتنعين بأنّ مشروع العولمة الأمريكية هو مجرّد حقبة عابرة، ويريدون أن يكون مشروعاً مستمراً. ولأنّه مشروع مستمر، فيجب أن يشمل كامل العالم، وبالأخص أوروبا التي تمّ من خلالها توسيع «الهويّة» الأمريكية الجديدة. بالنسبة للنخب الأمريكيّة، أوروبا تعني كامل أوروبا، ولهذا فالدول التي تحيط بروسيا البلطيق عليها أن تكون حدود «شرق الغرب»، وليست «غرب الشرق» للمناهضين للمشروع الأمريكي.
في القرن العشرين انتصرت النخب الأمريكية في ثلاثة حروب كبرى: الأولى والثانية والباردة. تمكنت من ذلك بسبب قوتها العسكرية الهائلة وقوتها الاقتصادية. لكن حتّى في أعتى أيام القدرة الأمريكية، لم تتمكن الولايات المتحدة من فرض قدرتها في أماكن مثل الحرب الكورية وحرب فيتنام، فكيف باليوم؟

إلى جورجيا وأوكرانيا

يحكم نفس المنطق اقتراحات ضمّ أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو التي تمّ تقديمها منذ عام 2008. لكن الردّ الروسي في 2008 لم يكن ذاته في 2004، فقد قامت على الفور باجتياح جورجيا وفرض استقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. الأمر الذي جعل أحلام الأمريكيين بضمّ جورجيا من أجل أحلام تمديد خطوط أنابيب غاز من قزوين إلى أوروبا تصبح سراباً.
في 2013 عندما قامت إدارة أوباما بالاستمرار بسياسة بوش الابن، وإطلاق برنامج مكثف لدعم المجموعات المناهضة للروس داخل أوكرانيا، لتتوّج جهودها بخلع الرئيس الأوكراني الصديق لروسيا في آذار 2014. لم تنتظر روسيا طويلاً للرد، وقامت بضمّ رسمي لكامل منطقة القرم، وبالدخول إلى منطقة الدونباس. جعل هذا أيضاً من أحلام ضمّ أوكرانيا إلى الناتو سراباً.
إن كانت 2008 و2014 قد صدمتا النخب الأمريكية بواقع جديد ليس لهم فيه اليد الطولى، فهل يمكن أن يغفلوا عن حقائق التمزّق الداخلي الأمريكي، وعن تعاظم دور الروس منذ ذلك الحين؟ أو هل يمكن أن يغفلوا عن تعاظم دور الرافضين لمشروع العولمة على الطريقة الأمريكية عموماً؟ إن كان بإمكان الولايات المتحدة في 1999 عدم الالتفات إلى مصالح روسيا وأمنها القومي وخطوطها الحمر، سيبدو من الحماقة اليوم محاولة تكرار الأمر.
من الواضح بأنّ الرحلة الملحمية لمشروع توسيع الناتو منذ نهاية الحرب الباردة قد وصلت إلى نهايتها. حانت اليوم لحظة الحقيقة: هل سينتهي الأمر بتسوية تفاوضية، أم ستنتهي بانفجار من شكل ما. وإن كان الأمر سينتهي بانفجار، فما الذي سيترتب على الأنين الذي سنسمعه؟

بتصرّف عن:
Fateful Collision: NATO’s Drive to the East Versus Russia’s Sphere of Influence

معلومات إضافية

العدد رقم:
1055
آخر تعديل على الإثنين, 31 كانون2/يناير 2022 20:07