مؤسسات التأمين العالمية متواطئة بعمق مع شركات تلويث الكوكب
أكثر من نصف مدراء شركات التأمين العالمية البالغ عددها 30، لديهم روابط وثيقة بشركات وتنظيمات تلويث الكوكب، وذلك يشمل الأفراد الذين يشغلون مناصب عليا في أكبر شركات الطاقة العالمية. تثير نتائج التحقيق القلق بشأن تضارب المصالح والتواطؤ الذي يأتي في وقت يتعرّض فيه قطاع التأمين العالمي لضغوط لحثّه على وقف دعمه لصناعة الوقود الأحفوري ومجالات العمل التي ترتبط فيها وتسهم بتلويث الكوكب. المدراء والمستشارون ذوو المناصب الأرفع في شركات التأمين كان لهم، ومستمرون في كثير من الأحيان، مناصب رفيعة المستوى أيضاً في شركات مثل إكسون موبيل، وتوتال، وRWE، وكذلك عضوية حالية وسابقة في مراكز الأبحاث ومجموعات واتحادات الأعمال مثل غرفة التجارة الأمريكية. ما يجعلنا نشكّك بوعود شركات التأمين بأنّها ستتوقف عن توفير التغطية والدعم لعمليات ومشاريع تلويث الكوكب، مثل تقييد تأمين مشاريع الفحم ورمل القطران.
ترجمة: قاسيون
أظهر البحث أنّ 53% من المدراء والمسؤولين الرفيعين لديهم أكثر من 499 صلة سابقة أو مستمرة بصناعات استخراج الوقود الأحفوري والتعدين والتكرير، وكذلك بالبنوك وآليات الاستثمار التي تدعم الوقود الأحفوري. أكثر من 1 من كلّ عشرة مدراء في مؤسسات التأمين الكبرى حول العالم كان يعمل لصالح شركات الوقود الأحفوري، وشركات المرافق التي تخدمها. ويرتفع هذا الرقم في شركات التأمين الموجودة في الولايات المتحدة ليصبح 1 من كلّ 5 مدراء.
وكما علّقت لوسي بينسون، المدير التنفيذي في مجموعة الحملة البيئية «استعادة التمويل»، فالصلات التي كشف عنها البحث الذي أجرته DeSmog تكشف عن «باب دوّار» بين شركات التأمين والشركات العاملة في مجالات التلوّث المرتفعة. وهذا يفسّر لماذا على الرغم من المخاطر، كان القطاع بطيئاً في التعامل مع تغيّر المناخ، والإبقاء على وعوده.
التأمين والربح الأقصى وتدمير ذاته
رغم الكوارث البيئية وقيام الكثير من الجهات الفاعلة بالمطالبة بوقف دعم الوقود الأحفوري ومصادر الانبعاثات الكربونية، إلّا أنّ جميع شركات التأمين الرائدة تقريباً حول العالم تواصل توفير التغطية التأمينية لمشاريع النفط والغاز، ولا يزال الكثير منها يقدم دعماً للفحم، ضمن ما يسميه نشطاء البيئة «ثغرات» في سياسات استبعاد الفحم. منذ سنوات والخبراء يحذرون من أنّه هناك حاجة ماسّة لإجراءات مناخية قوية للحدّ من زيادة درجة الحرارة بحيث لا تتخطى الـ 2 درجة مئوية، وبأنّ على العالم أن يحدّ بشكل كبير من استخراج واستخدام الوقود الأحفوري. وهذا يعني وفقاً لمحللي التأمين بأنّ مشاريع الوقود الأحفوري يمكن أن تصبح «أصولاً عالقة» محفوفة بالمخاطر المالية.
يشرح يفغيني شارغو- من مجموعة «بوبليك سيتزين» الاستشارية- الأمر: «هناك مجموعتان رئيسيتان من المخاطر التي تواجه شركات التأمين التي تعمل مع شركات الوقود الأحفوري. مجموعة المخاطر الأولى هي ما نسميها مخاطر التحوّل: وهي الأصول التي ستخسر قيمتها بشكل سريع جداً وبشكل غير متوقع. فرغم أنّ شركة التأمين التي تستثمر في الوقود الأحفوري الآن قد تجني عائدات ضخمة منها اليوم، فهذا قد يتغيّر في أيّة لحظة. ما يعنيه ذلك أنّ شركة التأمين تمكّن وتسمح لمشاريع الوقود الأحفوري بالاستمرار، وهي بهذا تسهم في زيادة الضرر البيئي. وزيادة الضرر البيئي تعني زيادة الخسائر وضغطاً أكبر على ملاءة هذه الشركات المالية. هناك في الواقع تعويضات تمنح لشركات التأمين التي تتوقف عن منح تأمين للفحم، وتتوقف عن تأمين النفط والغاز، وتخرج من مجالات العمل هذه. رغم ذلك تستمر شركات التأمين بعملها، وهو ما يجعلنا نوجّه سؤالاً مباشراً: لماذا يستمرون بفعل ذلك؟».
الارتباط بشركات النفط الكبرى
من بين مجالس إدارة شركات التأمين الأكبر في العالم، هناك إجمالي 6% لديهم أدوارٌ قائمة ومستمرة في صناعة الوقود الأحفوري، بما في ذلك عضوية مجالس إدارة شركات النفط الكبرى مثل إكسون-موبيل وتوتال وRWE، ذلك إضافة إلى عضوية مجالس إدارة شركات التأمين الكبرى. ومن بين هؤلاء من لديه أدوار نشطة أيضاً في شركات المرافق التي تعتمد بشكل كلي على الوقود الأحفوري، أمثال شركة Enel الإيطالية أو Eversource الأمريكية، وهي الشركات التي تولّد طاقتها من مصادر مثيرة للجدل تكون مصادر انبعاثات كبيرة بشدة، مثل الفحم والغاز المستخرج بالتكسير.
علّقت إيلانا سولاكشانا، العضوة الرئيسية في مجموعة تعزيز البيئة RAN: «يمكن لشركات التأمين أن تلعب دوراً حاسماً في تسريع عملية الانتقال إلى اقتصاد الطاقة النظيفة، لكنّها مرتبطة جداً– ممثلة بمجالس إدارتها– بمصالح الوقود الأحفوري. لا يمكن لشركات التأمين الادعاء بأنّها رائدة في مجال البيئة، مع الاستفادة ممّا لذلك من مزايا، وهي مملوكة ومحكومة من أفراد لديهم مصالح على المحك في توسيع استخدام الفحم والنفط والغاز».
شركة التأمين الأمريكية العملاقة Liberty Mutual لديها أكبر ارتباط بين مجلس إدارتها وقطاع الوقود الأحفوري، حيث هناك 8 من أصل 14 من مدرائها الكبار مرتبطون بشركات الطاقة الملوثة الكبرى. يجمع هؤلاء بين منصابهم في شركة التأمين وعضوية مجالس الإدارة في شركات Koch Industries، وشركة CNRL الكندية، وإكسون موبيل، وشركة المرافق الطاغية في ولايات كونيتيكت وماساشوستس ونيوهامبشير: شركة إيفرسورس.
عضوة مجلس إدارة Liberty Mutua آنيت فيرشورن كمثال، بدأت مهنتها في صناعة الفحم الكندية، وهي اليوم مديرة شركة النفط والغاز الكندية CNRL، التي تستخرج النفط من رمل القطران الأكثر تلويثاً على الإطلاق. وزميلها جوزيف هولي هو بدوره مدير ثاني أكبر شركة نفط في الولايات المتحدة: إكسون موبيل منذ 2019. في نهاية 2019 أعلنت شركة Liberty Mutual بأنّها ستفرض قيوداً على دعمها لصناعة الفحم. لكنّها مستمرة بدعمها المفتوح ومنحها التأمين لمجال أعمال النفط والغاز، بما في ذلك خطّ أنابيب TransMountain الذي تستخدمه شركة CNRL.
وكما علّقت سولاكشانا: « Liberty Mutual هي واحدة من أكبر شركات تأمين الوقود الأحفوري في العالم، وحقيقة أنّ ما يزيد عن 40% من أعضاء مجلس إدارتها هم كذلك أعضاء في مجالس إدارة شركات الوقود الأحفوري، وهذا يساعد في تفسير استمرار شركة التأمين المتوطنة في بوسطن بسياساتها ورفضها التغيير».
ثاني أكبر شركة لدى مجلس إدارتها ارتباط مباشر بشركات التلويث هي شركة التأمين الإيطالية Generali، حيث هناك 4 من أصل 13 عضواً انتقلوا من العمل لصالح شركات النفط إلى شركة التأمين. مديرة الشركة الإيطالية ديفا مورياني كانت مديرة للشركة الإيطالية متعددة الجنسيات للنفط والغاز Eni من عام 2014 إلى 2020.
ومجلس الإدارة الثالث هو مجلس شركة التأمين السويسرية Zurich حيث هناك 3 من أصل 11 مديراً كانوا يشغلون مناصب رفيعة في شركات النفط والغاز. مديرة الشركة ديم أليسون كارنواث، كانت مديرة للشركة البريطانية العملاقة للنفط والغاز بريتش بتروليوم حتّى كانون الثاني 2021. لا يبدو هذا مناسباً لتصريح الشركة بأنّهم يؤمنون بشدّة بأنّ بإمكان شركات التأمين أن تلعب دوراً بالتأثير على زبائنها ليتبنوا نموذجاً للأعمال متوافقاً مع الجداول البيئية.
الارتباط بالفحم
هناك 8 شركات تأمين كبرى لدى أعضاء مجالس إدارتها صلات سابقة أو مستمرة مع قطاع أعمال استخراج الفحم، وقد تتبعتهم المنظمة الأهلية الألمانية البيئية Urgewald ودورهم في سلاسل توريد الفحم عالمياً. يشمل ذلك مجلس إدارة الشركة السويدية RE التي يشغل مديرها منصب مدير الشركة الصينية لموارد الفحم. وقد كان ردّ شركة RE عن الأمر بأنّ أعضاء مجلس الإدارة منتقون من قطاعات متعددة، وهم يخدمون مصالح الشركة كأولوية.
أمّا مدير شركة التأمين اليابانية Tokio Maine Holdings فهو يشغل في الوقت ذاته منصب شركة Mitsui & Co. شركة التجارة العامة اليابانية التي تستثمر أكثر من موقع لاستخراج الفحم من أستراليا. أمّا شركة التأمين الأمريكية Hartford، فمديرها مايكل موريس كان رئيساً ومديراً تنفيذياً ورئيس مجلس الإدارة في شركة AEP الأمريكية لتوليد الكهرباء ما بين 2004 و2011. شركة AEP واحدة من أكبر شركات توليد الكهرباء في الولايات المتحدة، وهي تعتمد في أكثر من نصف إنتاجها من الكهرباء على إحراق الفحم.
من الأمثلة الأخرى رئيس مجلس الإشراف في شركة Re في فرعها في هانوفر الألمانية إيرهارد شيبوريت، الذي شغل منصب عضو المجلس الإشرافي لدى أكبر شركة تلويث أوروبية: RWE. منذ 2016 والشركة تولّد قرابة ثلث إنتاجها من الطاقة عبر إحراق الفحم، ومن بينه فحم الليغنيت الأكثر تلويثاً على الإطلاق. الفحم هو أكبر ملوّث في العالم، والليغنيت هو الأسوأ منه، حيث يصدر غازات دفيئة أكثر بثلاث مرات من التي يصدرها الفحم الأسود العادي.
وقد توصلت التحليلات التي أجرتها مؤسسة «ضمان مستقبلنا» في 2020، بأنّ هناك على الأقل 23 شركة تأمين كانوا قد أعلنوا من قبل بأنّ خططهم تحوي تخفيضاً وتقييداً لدعم مشاريع الفحم وتطويره. لكنّ أغلب هذه السياسات ليست شاملة. فعلى سبيل المثال، بينما هناك عدد قليل جداً من شركات التأمين التي استبعدت مشاريع الفحم من تغطيتها التأمينية، الكثير من هذه الشركات تترك ثغرات في سياساتها كي لا تستبعد الشركات التي تعمل بمرفقات استخراج الفحم، مثل بناء مصانع معالجة للفحم.
لم تقم أيّة واحدة من شركات التأمين العملاقة هذه بإلزام نفسها بالتوقف عن منح التأمين لتوسيع صناعة النفط والغاز والفحم، وذلك رغم معرفتهم بأنّ هذا هو الحلّ الوحيد لإنقاذنا من عواقب التغيّر المناخي. سيكون الأمر مثيراً للخجل، ولكن ليس للدهشة، أنّ هذا النوع من الولاء للصناعات الملوثة مضمون عبر الإبقاء على الباب الدوار بين العالمين.
اقتران التأمين بالملوثين الآخرين
إضافة إلى شركات الطاقة المعروفة الأكثر تلويثاً في العالم مثل بريتش بتروليوم وإكسون وتوتال، لدينا الشركات الأكثر تلويثاً العاملة في قطاعات النقل الجوي والبري والبحري، وقد أظهر البحث أنّ 9% من مجالس إدارة ومسؤولي شركات التأمين مرتبطون بشكل وثيق بهذه الشركات.
لنأخذ مثالاً شركة إيرباص أكبر مصنّع للطائرات في العالم، وأحد أكبر مصدري غازات الدفيئة في العالم أيضاً. الطائرات التي باعتها الشركة في 2019 و2020 ستنتج أكثر من مليار طن من ثاني أكسيد الكربون خلال حياتها، وذلك وفقاً لأرقام وإحصائيات الشركة ذاتها. لدينا شركة التأمين متعددة الجنسيات المتوطنة في فرنسا SCOR RE، لديها ثلاثة من مجلس إدارتها يشغلون مناصب رفيعة المستوى في شركة إيرباص منذ 2018.
وإذا ما أخذنا مثالاً على شركات النقل البحري، وهي المصنفة كأثر شركات النقل تلويثاً على الكوكب، فلدينا مثالٌ عملاق التأمين العالمي شركة Allianz التي يشغل عضو مجلس إدارتها جيم هاغمان سنيب منصب المدير التنفيذي للشحن العالمي في أكبر شركة شحن بحرية دولية: ميرسك Maersk، وهي الشركة المسؤولة عن إطلاق 35,5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2018 فقط.
أمّا الشركات المسؤولة عن توريد معدات وأدوات شركات النفط والفحم والغاز، مثل جنرال إلكتريك العملاق الصناعي الأمريكي، فإنّ 15% من مجالس إدارة شركات التأمين الكبرى لها ارتباطات وثيقة بهذه الشركات. كمثال مدير شركة التأمين اليابانية Tokio Marine هو المدير السابق لشركة صناعة الحديد والصلب متعددة الجنسيات المتوطنة في اليابان Nippon، وهي التي تحتل المركز الخامس في أكبر شركات الصلب في العالم.
لدينا أمثلة كثيرة، منها شركة نستله التي تعدّ من أكثر عشر شركات تسهم في تلوّث البلاستيك في العالم، والتي واجهت بنجاح حتّى الآن مجموعات نشطة في حماية البيئة لم تتمكن من إجبارها على تغيير استخدامها للبلاستيك والاستعاضة عنه ببدائل أكثر استدامة، أو بتعزيز الأبحاث عن وسائل أكثر استدامة. عضو شركة تأمين SwissRe ريناتو فاسبيند، هو كذلك المدير الحالي في نستله.
مجموعات الضغط والتمويل
كشفت التحقيقات التي نشرتها DeSmog أيضاً عن ارتباط شركات التأمين الكبرى بعدد من مجموعات الضغط الدولية التي تقف ضدّ أيّة محاولات حكومية لتقليص الانبعاثات. لدينا بالمجموع الكلي واحد من كلّ عشرين مديراً رفيع المستوى في شركات التأمين مرتبط بشكل مباشر بمجموعات الضغط. كمثال شينيا كاتانوزاكا الذي يشغل منصب مدير Tokio Marine وبنفس الوقت نائب رئيس أقوى مجموعة دفاع عن الأعمال في اليابان: Keidanren.
تمّ تصنيف مجموعة الدفاع عن الأعمال اليابانية مؤخراً من قبل عدد من المراكز النشطة في دراسات البيئة، بأنّها واحدة من أكبر القوى التعطيلية لإجراءات المناخ الأكثر طموحاً في البلاد، وبأنّها قامت بشكل متكرر بالدفع للإبقاء على الفحم كجزء هام من إستراتيجية البلاد في مزائج الطاقة.
كمثال آخر لدينا مدير شركة تأمين Everest جون أمور الذي شغل بين 2008 و2010 بالإضافة لمنصبه في شركة التأمين، منصب رئيس غرفة التجارة الأمريكية، وهي واحدة من أقوى مجموعات الدفاع عن الأعمال المؤثرين في الولايات المتحدة، والتي عارضت وتستمر بمعارضتها إصدار الحكومة الأمريكية أيّ تشريع حقيقي للحدّ من انبعاث غازات الدفيئة.
وكما أعلنت دراسة تناولت الفترة بين عامي 1989 و2009 أجراها عدد من العلماء المستقلين بتعاون عابر للجامعات، فقد كانت غرفة التجارة الأمريكية هي القوة الأكثر تأثيراً لتعطيل اتخاذ أيّ إجراء مناخي في الولايات المتحدة، وقد ساهمت في تعزيز بروباغندا التشكيك بالتغير المناخي.
كما كشف التحقيق بأنّ بعض المدراء رفيعي المستوى في بعض أبرز بنوك العالم والمؤسسات المالية الكبرى التي تستمرّ في تمويل مشاريع الوقود الأحفوري والطاقة التي تعتمد عليها، إمّا يشغلون في الوقت ذاته مناصب رفيعة المستوى في شركات التأمين، أو أنّهم كانوا يعملون في هذه المؤسسات منذ فترة قريبة.
لدينا حوالي ربع المدراء والمسؤولين في شركات التأمين الكبرى التي تمّ بحثها قد عملوا في مؤسسات مالية لم تتوقف عن دعم شركات الوقود الأحفوري لا قبل مؤتمر باريس للمناخ، ولا بعده. هذه المؤسسات باتت اليوم تحمل اسم «البنوك الأحفورية» بسبب دعمها وتشابك أعمالها مع قطاعات التلويث الكبرى. من أمثلتها رئيس مجلس إدارة شركة تأمين Lloyd’s of London منذ 2017، والذي يشغل في الوقت ذاته منصب نائب رئيس مجلس إدارة البنك الإسباني متعدد الجنسيات Santander، والذي منح تمويلاً بقيمة 34 مليار دولار لمشاريع استخراج الوقود الأحفوري منذ توقيع اتفاقية باريس للمناخ.
بتصرّف عن: Investigation: Majority of Directors of World’s Top Insurance Companies Tied to Polluting Industries
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1041