أفغانستان: انهيار الإمبراطورية  العسكرية مقابل صعود العالم البديل
ألفريد ماكوي ألفريد ماكوي

أفغانستان: انهيار الإمبراطورية العسكرية مقابل صعود العالم البديل

لم يعد بإمكان أحد إنكار التراجع الأمريكي على الساحة الدولية، وعدم قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على هيمنتها ووجودها وتأثيرها السابقين «اللهم إلّا بعض المرتبطين بالأمريكيين بشكل وجودي مبتغين الدفاع عن وجودهم»، وحتّى الأمريكيون أنفسهم لم يعودوا يجادلوا بحقيقة هذا التراجع. لكن ما الذي يعنيه هذا التراجع؟ يقوم البروفسور والمؤرّخ ألفريد ماكوي في المقال الذي نقدمه في قاسيون باختصار، بتناول تأثير هذا التراجع من بوابة الانسحاب من أفغانستان، وما الذي عنيناه وسيعنيه ذلك بالنسبة لحلفاء الأمريكيين: الأوروبيين بشكل خاص، وكذلك خصوم الأمريكيين: الصين بشكل خاص. ورغم أنّ ماكوي يرى في هزيمة الأمريكيين «انتصاراً للصين» على عادة الأمريكيين الذين يرون العالم من منظار وجود خاسر مقابل كلّ رابح، إلّا أنّه هو نفسه يظهر أثناء سرده أنّ تراجع الأمريكيين سيعني انتصار العالم، وأنّ الصينيين سيكونون عرّابي هذا الانتصار وحسب.

ترجمة: قاسيون

انهيار المشروع الأمريكي في أفغانستان قد يزول بسرعة من عناوين الأخبار، لكن لا تنخدعوا بذلك، فلن يكون هناك حدث أكثر أهميّة لمن يريد فهم ما يجري. علينا أن نتوقف عند قول بلينكن ورئيسه: «هذه ليست سايغون»، فرغم وجود الكثير من التشابهات بين الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ومن فيتنام قبلها، فبلينكن و بايدن محقّان بعدم تشابه الحدثين في شيء واحد: الأمر أسوأ بالنسبة للولايات المتحدة، وتداعياته على هيمنتها العالمية المستقبلية أكبر بكثير من خسارة سايغون.
يجب أخذ بعض الإشارات من الحدثين بالاعتبار، فخلال 45 عاماً فصلت بين الانسحاب من سايغون وكابول، تراجعت قدرة الولايات المتحدة بجميع المقاييس على دعم وبناء جيوش ودول حلفائها. فبعد أن أمر رئيس فيتنام الجنوبية ثيو بالانسحاب الكارثي من الشمال، تجاهل جنرالاته تعليمات قائدهم العام غير الكفؤ، وبدأوا القتال بشكل فعلي. على الطريق إلى سايغون في شوان لوك، قاتلت الوحدة الفيتنامية الجنوبية 18 بشكل مكثف مدعومة بالدبابات والمدفعية وسدّت الطريق لمدّة أسبوعين كاملين. تمكن هؤلاء الفيتناميون الجنوبيون الذين خسروا ثلث رجالهم من الاحتفاظ بمواقعهم خلال معركة «فرامة اللحم»، ممّا اضطَرّ الشماليين إلى الالتفاف حولهم للوصول إلى العاصمة.
لكن على النقيض من ذلك، في الطريق إلى كابول، لم تكن هناك مواقف بطولية أخيرة لوحدات الجيش الأفغاني الذي صنعه الأمريكيون. في الأيام التسعة بين سقوط أوّل عاصمة إقليمية لأفغانستان في 6 آب، والاستيلاء على كابول في 15 آب، تلاشى جميع الجنود الأفغان المجهزين جيداً والمدربين جيداً في معركة ضدّ قوات طالبان المجهزين بالبنادق وأحذية التنس الرياضية. الجنود الأفغان الجائعون، الذين لم يحصلوا على رواتبهم وحصصهم التموينية في الأشهر الستة إلى التسعة السابقة لذلك بسبب نهبها، استسلموا بشكل جماعي بكلّ بساطة، وتلقوا مدفوعات نقدية من طالبان، وسلموا أسلحتهم وغيرها من العتاد الأمريكي باهظ الثمن.
لا يتعلق الأمر بقدرة الجنود الأفغان على القتال من عدمه، فكما تعلمت الإمبراطوريات التي مرّت على المنطقة بالطريق الصعب، فالمزارعون الأفغان من أفضل المقاتلين في العالم. لكنّهم لم يقاتلوا من أجل شرف غني ودولته «الديمقراطية» في كابول. رغم صعوبة تصديق الأمر، فالمشكلة هنا هي زوال الهالة الأمريكية بوصفها القوة الأولى على كوكب الأرض، وتلاشي قدراتها على بناء الدول والجيوش. كانت الولايات المتحدة قادرة أثناء ذروة هيمنتها العالمية في الستينات، بمواردها المادية التي لا يساويها فيها أحد، أن تجعل من المنطقي بالنسبة لحلفائها قبول نموذجها السياسي. أمّا اليوم، مع نفوذها العالمي المتداعي، وسجلها الملطخ في العراق وليبيا وسورية، وفي أماكن أصغر وأكثر سيطرة مثل سجن «أبو غريب» وغوانتانامو، باتت قدرة أمريكا على إضفاء أيّة شرعية حقيقية على مشاريع بناء الدولة، متداعية ومتدنية بشكل ملحوظ.

ما الذي تبقى من السطوة العالمية؟

في 1975، لم تقتصر خسارة الولايات المتحدة على سقوط سايغون، فقد تزامنت خسارتها في فيتنام الجنوبية مع ضربتين كبيرتين لنظام واشنطن الدولي والنفوذ المصاحب له. فقبل سنوات قليلة من سقوط سايغون، أدّت الطفرات في الصادرات الألمانية واليابانية إلى تآكل ريادة أمريكا للاقتصاد العالمي، بحيث تحتّم على إدارة نيكسون أن تُنهي المعادل الذهبي للدولار. أدّى هذا إلى تصديع نظام بريتون وودز الذي شكّل عماد هيمنة الولايات المتحدة الاقتصادية منذ 1944.
وأثناء غرق واشنطن في مستنقع فيتنام الذي ملأت مياهه بنفسها، كانت الحرب الباردة مستمرة، وكان الاتحاد السوفييتي يبني مئات الصواريخ المسلحة نووياً، ما أجبر واشنطن على الاعتراف بالتكافؤ العسكري في عام 1972 من خلال التوقيع على اتفاقية الصواريخ البالستيّة، وبروتوكول الحدّ من الأسلحة الإستراتيجية. مع إضعاف الركائز الاقتصادية والعسكرية التي تقوم عليها الهيمنة الأمريكية بجزئها الأكبر، اضطرّت واشنطن إلى البدء بالتراجع عن دور القوّة المهيمنة العالمية الأكبر، لتصبح واحدة من الأنداد الكبار.
بعد قرابة نصف قرن، يهدد الانسحاب من كابول ما بقي من هذا الدور. رغم احتلال الولايات المتحدة لأفغانستان لأكثر من 20 عاماً، مع الدعم الكلي من حلفائها في الناتو، انسحبت الإدارة الأمريكية دون استشارة أيّ أحد. أشار السفير الألماني السابق في واشنطن ولفغانغ إيشنغر: «بات هناك فقدان حقيقي للثقة... لكنّ الدرس الحقيقي الذي يجب على أوروبا تعلمه: هل نريد حقاً أن نعتمد بشكل كلي على قدرات الولايات المتحدة وقراراتها للأبد، أم أنّ بإمكان أوروبا أخيراً أن تكون جديّة بشأن تحولها إلى لاعب إستراتيجيّ موثوق؟».
بالنسبة للقادة الأوروبيين الطموحين أمثال الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، الإجابة عن هذا السؤال بسيطة: بناء قوة دفاع أوروبية منيعة على نزوات واشنطن، وعليه تجنّب «الاحتكار الصيني- الأمريكي، والتفكك، وعودة القوى الإقليمية المعادية». في الواقع، بعد مغادرة آخر الطائرات الأمريكية لكابول، أوضحت قمّة «مسؤولي الاتحاد الأوروبي» أنّ الوقت حان للتوقف عن «الاعتماد على القرار الأمريكي». حتّى أنّهم دعوا إلى إنشاء جيش أوروبي يمنحهم «قدراً أكبر من الاستقلالية في صنع القرار، وقدرة أكبر على التأثير في العالم».
لكنّ فقدان القدرة على التأثير في الأوروبيين قد يكون أقلّ خسائر واشنطن، فهزيمة كابول وضعت علامة مضيئة على امتداد فقدان الولايات المتحدة لريادتها في آسيا وإفريقيا، مع كلّ ما يعنيه ذلك من تداعيات جيوسياسية عميقة مستقبليّة.

1036-5

التنين ينفث ناره

خروج الأمريكيين من آسيا الوسطى سيساعد دون شك على تعزيز بكين سيطرتها القائمة بالفعل على أجزاء من تلك المنطقة الإستراتيجية. لدى الصين اليوم الفرصة لتثبت بأنّها المحور الجيوسياسي القادم، على مساحة الأراضي الأوراسية الشاسعة التي تضم 70% من سكان العالم وإنتاجيته.
في حديث الرئيس الصيني شي جينبينغ في جامعة نزارباييف في كازخستان في 2013– رغم تجاهل واشنطن هذا الحديث– أعلن عن إستراتيجية بلاده للانتصار في نسخة القرن الحادي والعشرين من «اللعبة الكبرى» التي لعبتها إمبراطوريات القرن التاسع عشر في محاولة السيطرة على وسط آسيا. وبشيء من السياسة الناعمة طلب إلى جماهير الأكاديميين أن ينضموا إليه في بناء «الحزام الاقتصادي على طول طريق الحرير» والذي «سيوسّع مساحة التطوير في منطقة أوراسيا من خلال البنية التحتية التي ستربط بين المحيط الهادئ وبحر البلطيق... من خلال عملية بناء هيكل الحزام والطريق، سيتم بناء أكبر سوق في العالم، بإمكانات لا مثيل لها».
في السنوات الثماني التي تلت ذاك الخطاب، أنفقت الصين بالفعل أكثر من ترليون دولار على مبادرة الحزام والطريق «BRI» لبناء شبكة عابرة للقارات من السكك الحديدية وخطوط أنابيب النفط والبنية التحتية الصناعية، في سعيها لتصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم. الحزام والطريق هي كمّاشة جيوسياسية بالنسبة لوسط آسيا، وهي لعبة ضغط دبلوماسي لا يستخدم القوّة العسكرية ضمن حساباته. من خلال إنشاء البنية التحتية حول الحدود الشمالية والشرقية والغربية لأفغانستان، فقد مهدت الطريق لتلك الدولة التي مزقتها الحرب، والمتحررة من النفوذ الأمريكي، والمليئة بالموارد الطبيعية غير المستغلة والمقدّرة قيمتها بحوالي ترليون دولار، لتدخل بأمان في حسابات بكين، دون الحاجة لإطلاق رصاصة واحدة.
في شمال أفغانستان، تعاونت «شركة الصين الوطنية للبترول» المملوكة للدولة مع تركمانستان وكازخستان وأوزبكستان لمدّ خطّ أنابيب غاز «الصين- وسط آسيا»، وهو النظام الذي سيمتدّ عند انتهائه كلياً على طول قرابة 6500 كلم في قلب آسيا. على طول الحدود الشرقيّة لأفغانستان، بدأت بكين إنفاق 200 مليون دولار منذ 2011 لتحويل غوادار الباكستانية، قرية الصيد الخاملة على بحر العرب، إلى ميناء تجاري حديث يبعد 370 ميلاً عن الخليج العربي المليء بالنفط. بعد أربعة أعوام من ذلك، التزم الرئيس الصيني بتخصيص 46 مليار دولار لبناء الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني الذي يحوي طرقات وخطوط حديد وأنابيب نفط وغاز تمتد على مساحة 3300 كلم على طول الحدود الشرقية لأفغانستان، بدءاً من الأقاليم الغربية للصين، وصولاً إلى ميناء غوادار الذي يتم تحديثه اليوم.
وإلى غرب أفغانستان، قامت بكين بكسر عزلة إيران الدبلوماسية في آذار الماضي عبر توقيع اتفاقية تنمية بقيمة 400 مليار دولار مع طهران. على مدى الأعوام الـ 25 القادمة، ستبني ألوية العمّال والمهندسين الصينيين ممر شحن من أنابيب الغاز والنفط الطبيعي من إيران إلى الصين، في الوقت الذي تبني فيه شبكة خطوط حديد هائلة جديدة تحوّل طهران إلى مركز يعتلي خطوطاً تصل بين إسطنبول التركيّة، وإسلام آباد الباكستانية.
يبدو أنّ طالبان بعد تسلمها لأفغانستان، والتي كان البعض يقول بأنّها ستصبح مجرّد دولة دينية فاشلة، لن يكون هدفها الأساسي قمع النساء والدفاع عن الشريعة، بل عقد الاتفاقات مع الدول المجاورة– الصين تحديداً– لتعدين احتياطيّها الهائل من الثروة المعدنية، وتحصيل رسوم عبور على خطّ أنابيب الغاز الجديد بقيمة 10 مليارات دولار الذي يعبر من تركمانستان إلى باكستان، خاصة أنّ أفغانستان بحاجة ماسة إلى هذه الأموال.
مع هذه العائدات المرتفعة من مخزونها الضخم من معادن الأرض النادرة، يمكن لطالبان أن تنهي وهي مرتاحة اعتماد أفغانستان المالي على المخدرات التي ازدهرت تجارته أثناء وجود الأمريكيين في أفغانستان. يمكنهم تنفيذ الوعد الذي قدمه المتحدث باسم حكومتهم أثناء محاولة الحصول على اعتراف دولي، حظر أيّة زراعة أو اتجار بالأفيون. ومثلما اكتشفت إيران والسعودية من قبل بأنّ الاقتصادات النامية لا يمكنها تفويت مساهمة النساء حتّى تتطوّر، سنجد بأنّ طالبان ستنهج نهجاً ملائماً للمعايير الدولية في الحريات الفردية، ولو كان ذلك على مهل.
إن كان أحدٌ يرى بأنّ هذا الإسقاط لدور الصين المستقبلي في أفغانستان أقرب للخيال، فعليه إعادة النظر والانتباه إلى أنّ أسس هذه الصفقة تمّ وضعها بينما كانت لا تزال واشنطن تتخبّط بشأن مصيرها في كابول. في اجتماع رسمي مع وفد من طالبان في تموز، أشاد وزير الخارجية الصيني وانغ يي بتحرّك طالبان بوصفهم «قوة عسكرية وسياسية هامّة». ورداً على ذلك، أشاد زعيم طالبان الملا عبد الغني بارادار، مظهراً القيادة التي كان يفتقدها الرئيس الدمية الأمريكي أشرف غني بشكل واضح، بالصين بوصفها «صديقاً يمكن الوثوق فيه»، ووعدوا بتعزيز «بيئة استثمارية مواتية، تتمكن بكين من خلالها من لعب «دور أكبر في إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية في المستقبل».

إستراتيجيّة جزيرة العالم

تعاظم الوجود الصيني في أوراسيا هو الحقيقة الجديدة، وهو ما سيكون انتشاراً في ما سمّاه هالفورد ماكيندر: الجغرافي من العهد الفيكتوري، وأحد الإستراتيجيين الأوائل: «جزيرة العالم». جزيرة العالم هي الكتلة الأرضية العابرة للقارات والتي تضمّ القارات الثلاثة: آسيا وأوروبا وإفريقيا. على مدى الـ 500 عاماً الماضية، كانت الإمبراطوريات الاستعمارية، واحدة تلو الأخرى، من البرتغال وهولندا وبريطانيا وأخيراً الولايات المتحدة، تنشر قواتها العسكرية الإستراتيجية حول جزيرة العالم، للسيطرة على هذه الكتلة من اليابسة مترامية الأطراف.
على النقيض من واشنطن التي قامت طيلة نصف القرن الماضي بحشد أساطيلها الجوية والبحرية الهائلة حول أوراسيا، والتي حوّلت معظمها إلى ساحات معارك هزلية، تعاملت بكين مع جزيرة العالم بمنتهى الجديّة. عندما وصلت الحرب الباردة إلى جنوب القارة الإفريقيّة في أوائل السبعينات، تحالفت واشنطن لعشرين عاماً مع نظام الفصل العنصري في دولة جنوب إفريقيا، بينما استخدمت وكالة المخابرات المركزية لمحاربة حركة التحرر اليسارية في جزء أنغولا الذي تسيطر عليه البرتغال. في الوقت الذي أنفقت فيه واشنطن المليارات من أجل إحداث الفوضى عبر تزويد أمراء الحرب الأفارقة اليمينيين بالأسلحة الأوتوماتيكية والألغام الأرضية، قامت بكين بإطلاق أوّل مشروع تمويل خارجي كبير لها. بنت خطّ حديد الألف ميل الواصل بين تنزانيا وزامبيا. كان أطول سكّة حديد في إفريقيا في 1975، سمح هذا الخطّ لزامبيا، وهي خطّ المواجهة الأول مع نظام الفصل العنصري في بريتوريا، والتي لا واجهة بحرية لديها، بتفادي اضطرارها لتصدير النحاس عبر دولة جنوب إفريقيا.
بدءاً من 2015، مستفيدة من العلاقات التي بنتها مع حركات التحرر الإفريقيّة التي وصلت إلى السلطة في جنوبي القارة الإفريقية، خططت بكين لضخّ ترليون دولار، والتي خصص معظمها لمشاريع استخراج السلع التي من شأنها أن تجعل إفريقيا ثاني أكبر مصدّر للنفط الخام إلى الصين، والتي أدّت إلى مضاعفة الصين لتجارتها السنوية مع القارة إلى 222 مليار دولار، أي أكثر بثلاثة أضعاف من إجمالي التجارة الأمريكية.
من خلال استثمار ترليون دولار في أوراسيا، وترليون أخرى في إفريقيا، تشارك الصين في أكبر مشروع بنية تحتية في التاريخ. إنّها تربط القارات الثلاث بها عبر خطوط الحديد والأنابيب، وتبني موانئ بحرية على طول الحافة الجنوبية لآسيا لتحيط جزيرة العالم المكونة من ثلاث قارات بسلسلة من 40 ميناءً تجارياً رئيسياً.
هذه الإستراتيجية الجيوسياسية هي القبضة الصينية التي تتحدى ما بقي من هيمنة واشنطن العالمية. ففي الوقت الذي لا يزال الأسطول الجوي والبحري العسكري الأمريكي الأكبر على الإطلاق يسمح للأمريكيين بالحركة السريعة فوق تلك القارات وحولها، وكذلك منها كما شهدنا في الانسحاب من كابول، فالتقدم البطيء– خطوة تلو خطوة– للبنية التحتيّة الصينية القائمة على الأرض والمثبتة بالفولاذ العابر للصحاري والسهول والجبال، يمثل شكلاً أكثر جوهرية للسيطرة على مستقبل العالم.
يمكننا من هنا أن نفهم أنّ واشنطن التي أنفقت أكثر من أيّ أحد آخر على جيوشها وآلتها العسكرية، تتعرض للإذلال في أفغانستان، بينما تقف الصين التي لم تطلق رصاصة واحدة ثابتة وأمامها العالم المتعطّش للنمو السلمي.

بتصرّف عن: The Winner in Afghanistan: China

معلومات إضافية

العدد رقم:
1036
آخر تعديل على الإثنين, 20 أيلول/سبتمبر 2021 22:59