كورونا في الغرب قد يَلِد دولاً أمنية عسكريّة

كورونا في الغرب قد يَلِد دولاً أمنية عسكريّة

يجتاح العالم الغربي اليوم وباء آخر إلى جانب وباء فيروس كورونا المستجد: إنّه التحول للعسكرة المفرطة، سواء من خلال تحويل قوى الشرطة إلى جنود حرب، أو من خلال استخدام الجيوش والمؤسسات الأمنية في المدن لحفظ الأمن، وذلك بذريعة قدرتهم التنظيمية للتصدي للوباء. إنّ التنظيم الجيّد للمؤسسات العسكرية يجعل اللجوء إليها خياراً منطقياً للناس الذين يعانون من هشاشة حكوماتها وأنظمتها السياسية، وهو أمر مفهوم ولا يمكن إنكاره. لكنّ الركون إلى هذا الخيار وحسب، دون النظر إلى آثاره الجانبية هو بمثابة انتحار. فالطبقة المهيمنة التي تملك حتى اليوم تمويل وتنظيم هذه الجيوش تريد بشدّة فرض الدولة الأمنية التي تديم مصالحها وخاصة في ظلّ الأزمات الاقتصادية التي ستفتح بوابة الجحيم عليهم. علاوة على أنّ الركون إلى هذه المؤسسات يعني زيادة تمويلها وتعزيزها بدلاً من تعزيز المؤسسات العامة التي من مسؤولياتها لولا الهشاشة الحاصلة فيها أن تتصدى لهذا النوع من الأزمات. تكتب ساره لازار مقالاً عن هذا الأمر نقدمه في قاسيون للوقوف على المرحلة القادمة في العالم الغربي الذي يتجه بخطى سريعة نحو العسكرة.

ساره لازار
تعريب: عروة درويش

في 18 آذار خرج عمدة مدينة نيويورك بيل دي بلاسيو على قناة السي.ان.ان يلتمس من الرئيس ترامب أن يستخدم جيش الولايات المتحدة للاستجابة لفيروس كورونا. قال دي بلاسيو بكل وضوح: «أريد فرقهم الطبية المصنفة من الدرجة الأولى، وأريد دعمهم اللوجستي، وأريد قدرتهم على جلب الأشياء من المصانع على طول البلاد عندما نكون بأمسّ الحاجة إليها. القوّة الوحيدة في أمريكا التي يمكنها فعل ذلك بفاعلية وسرعة هي جيش الولايات المتحدة الأمريكية».
في اليوم التالي في 19 آذار، كانت الذكرى السابعة عشرة للغزو الأمريكي للعراق، فعل الاعتداء الكارثي الذي خلّف تبعاً للتقديرات أكثر من مليون قتيل عراقي. منذ عام 2003، وهو العام الذي اعتبر عام التظاهر ضدّ الحرب حيث احتل المحتجون على الحرب الساحات والتظاهرات ضدّ القواعد العسكرية، وملأت الأرجاء، ونحن نشهد تراجعاً مطرداً لهذه التظاهرات من حيث الحجم سنة تلو أخرى. ثمّ في هذا اليوم، وبسبب الحجر الصحي، مرّت هذه الذكرى دون أيّة إشارة.
لكننا بحاجة لهذه الذكرى اليوم. فمع فشل السياسيين على طول العالم الغربي في خلق حالة استجابة طوارئ يمكنها تزويدنا بشكل فوري بالمواد اللازمة لإراحة الملايين من الناس اليائسين المحتاجين، بتنا نرى المزيد والمزيد من الدعوات كي تقوم الجيوش والقوات المسلحة بسدّ الثغرات. اليأس الذي يشكل الدافع لهذه الدعوات مفهوم بشكل جيّد، لكنّ علينا ألّا نتحوّل دون وعي إلى المؤسسات العسكرية وفرقها الطبية وخدماتها اللوجستية، وعلى رأسها الجيش الأمريكي، دون أن ندرك أنّ هذه الجيوش نفسها راعية لعنف غير معقول. فمنذ غزو العراق إلى الوباء العالمي الذي نعيشه اليوم، استخدمت هذه المؤسسات العسكرية والأمنيّة لقمع الناس داخل البلدان الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة.

احذروا السياسيين

هذا الأمر طارئ بشكل خاص إذا ما أخذنا بالحسبان تحرّك السياسيين السريع نحو استخدام الاستجابة العسكرية. ففي ليلة السبت أعطى الرئيس ترامب أوامره لتفعيل وحدات الحرس الوطني في ولايات نيويورك وكاليفورنيا وواشنطن «الحرس الوطني: وحدات عسكريّة مختلطة مؤلفة من ميليشيا احتياطية وقوات نظامية دائمة من الجيش الأمريكي العامل، ويتم تفعيلها في حالتي الحرب والطوارئ الوطنية لتكون مسؤولة عن دعم السلطات وحفظ الأمن وخلافه، وقد تم تفعيلها في عدّة مناسبات أشهرها قمع العصيان والمظاهرات ضدّ اجتماع منظمة التجارة العالمية في مدينة سياتل عام 1999».
تمّ تفعيل هذه الوحدات ضمن الوضع الفدرالي، ما يعني بأنّ الدولة المركزية هي من ستمولها، لكنّها ستتلقى أوامرها من سلطات الولاية. كما قامت جميع الولايات الأمريكية الخمسين بالإضافة لبورتو ريكو وغوام وجزر العذراء الأمريكية بتفعيل وحدات الحرس الوطني الخاصة بالولاية للمساعدة باستجابة الولاية لوباء فيروس كورونا. وتأتي التقارير تباعاً بأنّ الأمر لن يقتصر على الحرس الوطني، فوزارة الدفاع أعطت الأمر للجيش الأمريكي العامل بالتحضر للعب دورٍ أكبر في الاستجابة لفيروس كورونا، ومن ضمن عمليات الاستجابة هذه تأتي المهمة المثيرة للريبة المتمثلة في قمع «الاضطرابات المدنية» وتطبيق القانون».
إنّ الإشارات الآتية من حول العالم لا تعدّ ولا تحصى عن قيام الحكومات باستخدام الأزمة كذريعة لتوسيع الدولة الأمنية. ففي الكيان الصهيوني كمثال، استخدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الفيروس لإيقاف محاكمات الفساد الجارية، ولتطبيق إجراءات «أمنية» شاملة. كما استغلت الحكومات في عدّة دول أوربية أزمة انتشار الفيروس للسيطرة على سلطات وتشريعات تسمح بتجريم الإعلام بذريعة حماية الأمن الوطني. ولا يبدو أنّ الأمور ستقف عند هذا الحد.

دور الجيش في الأزمة العالمية

إن كنّا إنسانيين حقاً ومهتمين فعلاً بالحصول بشكل فوري على وسائل الدعم والراحة لجميع الناس المتضررين والمهددين بانتشار فيروس كورونا، وذلك دون النظر إلى جنسيتهم أو إقامتهم، فربما الخطوة الأولى الأكثر أهمية لتحقيق ذلك ستكون بإيقاف الجيش الأمريكي ومنعه من إلحاق المزيد من الضرر المستمر بالشعوب الطيّعة جداً للانتشار الفيروسي. فبعد خمسة أعوام من الحرب الأمريكية-السعودية على اليمن، النظام الصحي هناك مدمر: فقد وثقت مجموعات الأطباء لأجل الإنسانية 120 هجوم على منشآت طبية ما بين آذار 2015 ونهاية 2018 فقط، الأمر الذي ترك البلاد طيّعة جداً لانتشار الفيروس. ألا يجب علينا أن نعتبر الدعوة لإيقاف المشاركة الأمريكية المباشرة وغير المباشرة في هذه الحرب من أولوياتنا الرئيسية للاستجابة لانتشار الفيروس؟
عندما ندعّم الجيش نقوم بذات الوقت بتدعيم الخطط الإمبريالية التي يشكل الجيش جزءاً منها. تتصرف إدارة ترامب كوكيل لهذه الخطط الإمبريالية بتشديدها للعقوبات على إيران في الوقت الذي يعاني فيه العالم من الوباء، وذلك رغم التحذيرات بأنّ العقوبات تمنع إيران من الحصول على المعدات الطبية اللازمة وتزيد من الوفيات بفيروس كورونا. إيران هي واحدة من الدول التي ضربها الفيروس بشدّة، فلماذا لا تنهي الولايات المتحدة العقوبات؟ إنّ ما قامت به أمريكا هو العكس، حيث اغتالت الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأجبرت البلاد على الدخول في شبه حرب مفتوحة بدلاً من المساعدة في الحرب على الفيروس.
المساعدات العسكرية الأمريكية تسمح للكيان الصهيوني بإقامة حصاره الاقتصادي والعسكري المستمر منذ أربعة عشر عاماً على غزة، وهي أحد أكثر الأماكن اكتظاظاً بالسكان في العالم، والتي فيها حتى اليوم حالتان إصابة بفيروس كورونا مؤكدة. يعيش في غزة مليوني شخص، ويوجد فقط 62 منفسة. لماذا لا تعتبر الولايات المتحدة سحب دعمها العسكري للكيان أولوية تسمح بدخول الأدوية والمساعدات الطبية لمحاربة كورونا؟
في فنزويلا أهلكت العقوبات الأمريكية القطاع الصحي ما أدى لموت 40 ألف شخص بين عامي 2017 و2018 وفقاً لبعض التقديرات، وهناك اليوم 42 حالة إصابة بفيروس كورونا مؤكدة. لماذا لا يتم رفع هذه العقوبات كجزء من الحرب على الفيروس؟
ليس خافياً على أحد مدى الضرر الذي يلحق بهذه الأماكن جرّاء العقوبات والأعمال العسكرية التي تشارك فيها الولايات المتحدة. فكما قال عاطف موساني، ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن: سنشهد عاصفة كارثية لا تهدأ حال وصول الفيروس هنا». وينطبق ذات الشيء على الأماكن التي ساهمت الولايات المتحدة بإضعاف أنظمتها الصحية عبر العقوبات أو الحرب المباشرة أو الحرب بالوكالة أو القصف الجوي. إنّ فشلنا باتخاذ خطوات عاجلة لإيقاف الضرر الحاصل بسبب المؤسسة العسكرية الأمريكية، يعني بأنّ الولايات المتحدة ستستمر في تعريض العالم لخطر الفيروس. فرغم عدم حصول هذا الأمر على القسط اللازم من التغطية، فمن المعروف أنّ انتشار الفيروس في أيّ جزء من العالم، سيؤثر على كامل العالم، والعالم الغربي والولايات المتحدة كما نرى ليسا بمأمن.

ليست منظمة صحيّة

إنّ نقاش تدخل الجيوش ونزولها للشوارع في سياق الأزمة ليس له وجه واحد فقط، فوجهه الآخر هو ضخ المزيد من الأموال في وزارات ومؤسسات الدفاع وعلى رأسها البنتاغون. يمكننا فهم دعوات الناس، فهم يائسون، وقليلة هي المؤسسات العامة المنظمة اليوم بشكل يسمح لها بتحويل المباني إلى مشافٍ والقيام بسرعة بتوزيع الاختبارات والموارد الطبية والغذاء، أي العمل بالشكل الضروري للتعامل مع فيضان المصابين بفيروس كورونا. الحكام المحليون والعمدات ليس لديهم الكثير ليفعلوه سوى اللجوء للجيش، وذلك يعود بشكل جوهري لكونهم بغالبيتهم قطعة أخرى في مشهد فشل النظام السياسي.
لكن ورغم هذا، فالجيوش والمؤسسات العسكرية المتنوعة ليست منظمات للصحة العامة: بل هي مؤسسات منظمة بحيث تكون وسيطاً للحروب والاحتلال والمعارك بالوكالة، وعلى رأسها جيش الولايات المتحدة مع قواعده العسكرية الـ 800 حول العالم. لدينا كلّ الأسباب المنطقية لتخيّل هذه المؤسسات بوصفها قوى أمن شرسة تجول الشوارع في العالم الغربي المتشدق بالديمقراطية، وتتبّع إجراءات عقابية بحقّ الناس اليائسين المحتاجين للغذاء ولأموال الإيجارات.
عندما تمّ تفعيل الحرس الوطني في نيو أورلينز في أعقاب إعصار كاترينا، تحولت إلى قوات تطبيق قوانين عقابية على نطاق واسع. فكما ذكر تقرير للنيويورك تايمز في أيلول 2005 ورد فيه: «تحولت نيو أورلينز إلى معسكر للجيش، يتجول فيه آلاف العسكريين من الضباط الفيدراليين والمحليين، ووراؤهم قوات الحرس الوطني والجنود العاملون».
في 17 آذار أعلن حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم بشكل صريح عن إمكانية تطبيق القانون العرفي، رغم تراجعه عن هذا التصريح في وقت لاحق. وفي ذات الوقت وكما جاء في تقرير لمركز بوليتيكو، فإنّ وزارة الدفاع تطلب الحصول على سلطات طوارئ مطلقة لاحتجاز الناس بدون حدود ودون تقديمهم للمحاكمة، وذلك بذريعة القدرة على مواجهة فيروس كورونا. إنّنا اليوم نقف تماماً عند حافة توسيع سلطات الحكومة لاحتجاز ومراقبة الناس. يعيد هذا إلى أذهاننا الفترة التي تلت حقبة أحداث 11 أيلول، والتي رأينا فيها الحكومات على طول العالم الغربي تمرر قوانين القمع والشمولية الوطنية.
إنّ مناهضي الحرب على مرّ السنين الماضية كانوا يتصارعون مع المسألة المفترضة: «الدور الإنساني» للمؤسسات العسكرية، الأمر الذي يستمر صانعو السياسات من خلاله بتبرير إرسال الجيوش للحروب الوحشية. ذكرت منظمة «أباوت فيس» المناهضة للحروب في تقرير لها بعنوان: «الجنود ضدّ الحرب» للباحث دريك لوغان بأنّ علينا خلال انتشار الفيروس أن نرسم خطاً فاصلاً بين ما هو مقبول كاستجابة عسكرية للوضع وبين ما سيعدّ تخطياً للحدود. كتب:
«الذي سيكون غير مقبولٍ بشكل محدد بالنسبة للمجتمعات في الولايات المتحدة هو قيام الجنود بحمل أسلحتهم وبقية عتادهم العسكري الخاص بالمعارك والتجول بها في الشوارع... لقد شهدنا بالفعل القيام بالعسكرة الثقيلة لقوات الشرطة التي تملأ الشوارع بأسلحتها، الأمر الذي جعلنا نسمع بشكل مستمر عن قتل الأمريكيين الأبرياء الذين لم تسنح لهم فرصة إثبات براءتهم قبل افتراض إدانتهم. لا يمكننا أن نحتمل المزيد من هذا عبر جنود جيش الولايات المتحدة».

توسيع خيالنا السياسي

الأمر الواجب اليوم على أقل تقدير هو جعل حماية الناس من تمادي القوات العسكرية محلّ نقاش صاخب في الفضاءات العامة. الحقيقة التي لا يتم تناولها في الإعلام السائد في بلادنا هي: أنّ حكوماتنا تميل بشكل تفضيلي نحو العسكرة، ونحو تكليف وزارة الدفاع بأداء واجبات يجب أن يقوم بها مدنيون. يجب علينا أن نغيّر على المدى الطويل هذا السلوك لدى دولنا. بعد كلّ شيء، ليس انتشار فيروس كورونا هو الأزمة الوحيدة التي نواجهها اليوم. عندما نبدأ باستشعار آثار التغير المناخي فهل سنقوم بتسليم قيادة البلاد لأصحاب الرتب العسكرية غير المنتخبين؟ هل سنقوم كلّما واجهنا جفاف أو عاصفة شديدة بتوسيع الدولة الأمنية بينما نقوم بتقليص دولة الرفاه؟
علينا بدلاً من تعزيز دور الجيوش في أوقات الأزمات أن نبني برامج اجتماعية مدنية صلبة لا تنهار لهشاشتها، مثل: الرعاية الصحية للجميع، وإصلاح سلوكنا تجاه الكوكب والبيئة، وبرامج تسمح لنا أن ننفق بشكل فاعل وكفؤ على الدعم الصحي والاجتماعي لنواجه من خلالها الأوقات العادية وظروف الأزمات. من حيث المبدأ، فالمؤسسات الصحية المدنية القائمة كانت هي من يجب أن تلعب هذا الدور، لكن بعد أن تم تفريغها وإعطائها صلاحيات محدودة، فهي غير مؤهلة للتعامل مع نطاق الأزمة الحالية.
لكن علينا ألاّ ندفع ثمن فشل مخيلتنا السياسية في الوقت الحالي. الحكومات الغربية، ومنها الولايات المتحدة يجب أن تنفق ترليونات الدولارات للإبقاء على ملايين الأشخاص الذين يخسرون أعمالهم وسط هذه الأزمة. علينا أن نستخدم جميع الخيارات الموجودة لدينا: فلنحوّل مكاتب الشركات وغرف الفنادق إلى مشافٍ ومساكن لمن ليس لديهم مساكن، ولنعلّق إيقاف المياه وقطع الكهرباء ولنخرج الناس ذوي الأحكام الخفيفة من السجون المكتظة، حيث ينتشر الفيروس بلا توقف. كما قالت سيندي وايزنر، المديرة التنفيذية لتحالف العدالة: «يمكن لتخصيص الموارد ولخلق الوظائف أن تحدث من خلال رعاية المجتمعات المحلية وتزويد الجميع بالبضائع الاجتماعية على قدم المساواة، بدلاً من اللجوء للعسكرة وجلب الأسلحة والدبابات.
هناك طرق يجب أن نطالب باتباعها في هذه اللحظة، ستحقق نقلة نوعية فيما يخص رفاهنا وأماننا». وجزء من هذه الطرق أن يُزيل الجيش الأمريكي طغيانه عن الناس حول العالم الذين بأمسّ الحاجة لمجابهة الوباء دون عقوبات وحرب، ونحن بدورنا أن نوقف الإنفاق العسكري لا أن نزيده.
الإفراط في العسكرة استراتيجية طوارئ قصيرة النظر رغم إغرائها، لكنّ انتشارها في كلّ مكان هو شهادة على إخفاقات دول الرفاه الغربية. والاستعاضة عنها بمؤسسات عامة قويّة تحت السيطرة المدنية الشعبية هي خطوة تتطلب بناء مؤسسات لوجستية قادرة على الوقوف في وجه الأزمات، وذلك لا يقتصر على الأزمة الحالية، بل على الأزمات التي قد تطرأ لنا لاحقاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
959
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 15:00