رسالة وجهها أوليغ شينين للرأسماليين الروس قبيل ترشحه لرئاسة روسيا.... أيها الرأسماليون: أنْتُمُ الأكثرُ حاجةً إلينا! 2/2

مثلما كان أوليغ شينين في حياته الحزبية خصماً عنيداً لانقلاب الثورة المضادة، الذي قاده خونة الشعب غورباتشوف ويلتيسن وأتباعهما، كذلك هي مواقفه الفكرية والسياسية التي أعلنها منذ الانقلاب عام 1991 وحتى قبوله فكرة الترشح لمنصب الرئاسة مازالت تعري وتفضح حقيقة الرأسماليين الجدد في روسيا ومختلف جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. وعندما وجه شينين رسالته إلى الرأسماليين الروس وخدم الرأسمالية العالمية، أظهر كذلك جذرية عدائه للرأسمالية العالمية كنظام استنفذ دوره التاريخي، ووضع لنفسه هدفاً - بعد رفض الشيوعية - هو الجشع وعدم الشبع الأبله والبهائمي.

مشكلات القيادة
عندما تعمل سنين طويلة على تنظيم التأمين الحياتي للناس وتنظيم القطاعات الاقتصادية في البلد، فإنك سوف تفهم كم يلزم من عقل ومعارف وقوى للقائد كي يشكل الخبرات المادية، ولكي يرتِّب الأمور بالشكل الذي يضمنُ التطور الروحي للبشر ويعزِّزُ ثقتهم بمستقبلهم. إنَّ القائمين على تنظيم الإنتاج هم القوة الرئيسية في أي بلد. فهم من حيث حجم المعارف التي يمتلكونها ومن حيث قدرتهم على استخدامها عملياً يتفوقون بكثير على هؤلاء الذين مَلَلْنا من رؤيتهم على شاشات التلفزة والذين يسمُّون أنفسهم سياسيين وخبراء وأصحاب مذاهب وصحافيين ومحللين.. بسبب تفاهتهم الفكرية.
ليس سراً أنَّ البعض يحاولُ جاهداً أنْ يفرضَ على المجتمع فكرةً مفادها أنَّ أيّ شخصٍ يرغبُ في القيادة يمكنه أنْ يصبح قائداً. في الحقيقة بعد أنْ رأينا غورباتشوف الضعيف الإرادة والثرثار والخائن، ويلتسين المدمن على الخمور، وغايدار الأبله، وتشوباص المكروه من الشعب.. وآخرين مِمَّنْ أرادوا الوصول إلى القيادة، تَشَكَّلَ رأيٌ مفادهُ أنَّ تلك الفكرة صحيحة, وعلى الأخص عندما ينظرون إلى مكان القائد على أنه ليس عملاً شاقاً وإنما على أنه مِعْلَفٌ مليءٌ بالامتيازات. إنَّ كلَّ هؤلاء الذين ينادون بإعادة البناء (البيرسترويكا) والديمقراطية لم يبنوا شيئاً, بل هدموا كلَّ شيء، وسرقوا كلَّ شيءٍ. إنَّ الهَدْمَ شيء والبناء شيء آخر. من الممكن تكليف الأبله بهدم أي شيء. والأبله مناسب أكثر لتنفيذ هذا الدور لأنه لا يفهم ماذا يفعل.
أكَّدت الإحصائيات أنه حتى عام 1990 كانت اليابان هي الدولة الوحيدة في العالم التي سبقت الإتحاد السوفييتي من حيث وتيرة النمو الاقتصادي. حتى أنَّ المجلة السنوية الرسمية الروسية الحديثة التي تَدَّعي أنها ديمقراطية أكَّدت أنه في عام 1990 كان يعيش في روسيا السوفييتية 148 مليون شخص, وكان الناتج الإجمالي الداخلي هو 1102 مليار دولار أمريكي (الرقم مُخَفَّض ولنأخذ الرقم الرسمي). في هذا العام كان معدَّلُ دخل الفرد في روسيا السوفييتية هو 7446 دولار. أما في كوريا الجنوبية في العام 1990 نفسه فكان معدَّلُ دخل الفرد هو 5915 دولار. أي أنَّ متوسط دخل الفرد في روسيا السوفييتية كان يزيد عن متوسط دخل الفرد في كوريا الجنوبية بنسبة 26 %.
بينما في عام 1993 بلغ متوسط دخل الفرد في روسيا في ظِلِّ إدارة ما يُسمَّى بالثوار الديمقراطيين 1243 دولار، أي أقل بمقدار 6 مرات عمّا كان عليه الوضع في عام 1990، وأقل بمقدار 6 مرات عمّا هو عليه الوضع في كوريا الجنوبية عام 1993.
وحسب معلومات وكالة الاستخبارات المركزية، في عام 1999 بلغ متوسط دخل الفرد في روسيا 4200 دولار, بينما في كوريا الجنوبية 13300 دولار.
فلو بقيت روسيا سوفيتية ولم يُشرف على إدارة اقتصادها البلهاءُ والأغبياءُ لما كان هناك أي أساس للاعتقاد بأنَّ تناسب عام 1990 كان سوف يتغيرُ بشكلٍ كبير  ليس لمصلحة الإتحاد السوفييتي, أي أنَّ متوسط دخل المواطن الروسي اليوم كان أكبر بمقدار الربع من متوسط دخل المواطن في كوريا الجنوبية، أو ضمن حدود  16000 دولار, وهذا الرقم أكبر بأربع مرات من الرقم الحالي في ظِلِّ إدارة الليبراليين المشوهي العقول.
لا أحدٌ من الليبراليين المتحمسين فَسَّرَ لنا الفائدة من نتائج حكمه على مدار 15 سنة، ولم يشرح للشعب لماذا الحياة بفقرٍ أكبر بمقدار 4 مراتٍ أفضل من الحياة بغنى أكبر بمقدار 4 مرات. ولقد عبَّرت غرفة الحسابات الروسية عن بالغ أسفها نظراً لأنَّه حتى بداية هذه الألفية مازال متوسط استهلاك اللحم ومشتقاته أقل بمرتين عمَّا كان عليه الوضع في روسيا السوفييتية عام 1990 (40 كغ بدلاً من 70 كغ). غير أنَّ هؤلاء المُنحَطِّين مازالوا يحاولون إقناع الشعب بأنَّ الوضع إبَّان الإتحاد السوفييتي كان سيئاً لأنَّ الشيوعيين اللعينين على حدِّ قولهم كانوا يتوازعون فيما بينهم المنتجات بموجب البطاقات. لقد سبق لي أنْ قلت بأنَّ هذه النماذج من الناس قادرة فقط على الثرثرة اللامسؤولة والكذب الصريح لا أكثر.
 
هل سنقومُ بمصادرة ممتلكاتكم فوراً؟
«أيها الرفاق الرأسماليون» وخَدَمُ الرأسمال! أنا شيوعي وسأبقى كما أنا. ولهذا السبب لم، ولن أحبَّكم. أنا وشعبي نريدُ منكم أنْ تبقوا على أقل تقديرٍ حتى بداية الانتقال إلى بناء الشيوعية، لكي لا نسمح بتكرار انهيار الاقتصاد الوطني.
لقد قمتم بتهريب رؤوس أموالٍ كبيرةٍ إلى الخارج, وإذا صادرنا ممتلكاتكم هنا، فإنكم سوف تلحقون بأموالكم في الخارج. هناك بدون حماية روسيا سوف تصبحون بلا أية حماية, ولكن للأسف أنتم لا تفهمون ذلك. أنتم تعتبرون أنَّ هذه الأموال هي أموالكم الخاصة, أمَّا أنا فأعتبرها أموال الشعب. وإذا وجَّهتم هذه الأموال لخدمة روسيا فإنني سوف أعتبرها أموال الشعب، ولكنَّها موجودة تحت إشرافكم, وبإمكانكم أنْ تواصلوا اعتبارها ملكاً لكم إذا كان هذا يعجبكم. ففي نهاية المطاف جميع أموال الشعب موجودة تحت إشراف موظفين حكوميين. فما المانع أنْ يبقى قسمٌ من هذه الأموال تحت إشرافكم. بأي شيءٍ الموظفون الحكوميون أحسن منكم؟
ولكن إذا واصلتم اعتبار هذه الأموال هي أموالكم, فما العمل إذاً؟ الجواب عندكم. لنفترض أنَّ رجل أعمال محنَّكاً سرق أموالكم ورفض إعادتها لكم, ثمَّ اتخذتم كلَّ الإجراءات الممكنة ولكن بلا فائدة. ماذا تفعلون في مثل هذه الحالة؟ سوف تبحثون عندئذٍ عن قاتلٍ مأجور. لا أعتقد أنَّكم تفترضون أنَّ الحكومة الشيوعية والشعب الروسي الذي يقف خلفها أغبى منكم أو أقل حسماً منكم؟
إنَّ مشكلة الشيوعية ليست في القاعدة المادية – الفنية، وإنما في الناس أنفسهم وفي وعيهم. لقد كان مجتمعنا أكثر شيوعيةً في عام 1941 علماً أنَّ القاعدة المادية – الفنية آنذاك كانت أضعف من اليوم بعشرات المرات. أما بالنسبة لتربية الناس فهذه عملية طويلة جداً وليست بالسهلة على الإطلاق، وهي غير مرتبطة بشكلٍ مباشرٍ بالاقتصاد. فقبل تَكَوُّن ذلك المجتمع الذي يُصْبِحُ فيه العملُ هو مصدرُ السعادة للناس، ويُصْبِحُ فيه الدافعُ المادي غيرُ لازم، لا يمكن إطلاقاً الحديث عن مساواة في المداخيل.
 
السوابق..
هل يُعقل إقامة اتفاق بين الشيوعي والرأسمالي؟ في الحقيقة نحن نعرف ونشاهد مثل هؤلاء الشيوعيين, ولكن السؤال هو: هل يوجد على وجه الأرض مثل هؤلاء الرأسماليين؟
بعد الحرب الأهلية 1918 – 1920 والمحاولات المتواصلة لأصحاب الملكية في روسيا للإساءة إلى الاتحاد السوفييتي (مَنْ يريد أنْ يطَّلِعْ على قضية عمال المناجم فليَطَّلِعْ) كان من الطبيعي أنْ تنحرف الدعاية السوفييتية لجهة تشويه صورة الرأسماليين. ولكن في الحقيقة لم يرفضوا كلُّهم بناء الشيوعية. فعلى سبيل المثال العديدُ من أصحاب معامل النسيج استمروا بالعمل في معاملهم بصفة مدراء سوفيات، وقادوا معاملهم إلى حين خروجهم على المعاش. وبالمناسبة, يُقال إنَّه عندما حلَّ مكانهم مدراء جُدد، اشتكى العمالُ القدامى من أنَّ النظامَ كان أفضل أثناء وجود أصحاب المعمل القُدامى.
في عام 1941، وتحسباً من سقوط موسكو بيد الألمان، حضَّرَت اللجنة الشعبية للشؤون الداخلية في العاصمة شبكة تجسسٍ سوفيتية من أجل تنفيذ أعمال التخريب والاستطلاع ضد الغزاة. وبإمكانكم الإطِّلاع على وثيقة كوبولوف لكي تعرفوا مَنْ هم الذين تطوعوا للقيام بهذه المهمة المحفوفة بالموت. نذكر منهم على سبيل المثال العميل - ليكال - صِهْرُ المالك السابق لمعمل بروخوروف للنسيج والعميل – كاكو – صاحب مطعم سابق الذي تطوَّع للبقاء في مؤخرة العدو من أجل تنفيذ أعمال التخريب والاستطلاع والعميل – البنَّاء – رجل أعمال ضخم سابق كان يمتلك قبل الثورة رأسمالاً قدره 500000 روبل والعميل – القوقازي – تاجر ضخم سابق في موسكو.
يوجد بينكم العديد من الأعضاء السابقين في الحزب الشيوعي السوفييتي,  وبالتالي من المفترض أنَّكم تعرفون ماذا يعني بالنسبة للحركة الشيوعية صاحبُ معمل الورق في مدينة مانشستر فريدريك إنجلز. وهناك الكثير والكثير من الأسماء الأخرى.
لِمَنْ, حسب رأيكم, تعود المبادئ الحيوية التالية: «الربح المعتدل عادل, أما الربح العالي غير عادل»، «ضَع العمل من أجل الفائدة العامة فوق المنفعة الشخصية»، «بدون ربحٍ لا يمكن أنْ تَصْمُدْ أيةّ قضية»؟.
 في الحقيقة لا يوجد في الربح أي شيءٍ مشين. عندما تجلبُ المنشأةُ المنظَّمةُ بشكلٍ جيدٍ فائدةً كبيرةً يجب أنْ تجلبَ دخلاً كبيراً, وسوف تجلبُ مثل هذا الدخل حتماً. ولكن يجب الحصول على الأرباح بنتيجة القيام بعملٍ مفيدٍ لا أنْ يكون الربحُ هو الأساس في هذا العمل.
لكن العملُ شيءٌ والمضاربةُ شيءٌ آخر. لا يوجد أي قاسمٍ مشتركٍ بين المتاجرة بالمنتوجات الجاهزة والعمل. فالمتاجرة بالمنتوجات الجاهزة هي عبارة عن نوعٍ من أنواع السرقة المحتشمة لا أكثر ولا أقل، ولا يمكن القضاء عليها من خلال القوانين. الرأسماليون الذين أصبحوا كذلك بفضل المتاجرة بالأموال هم شرٌّ محتمٌ مؤقت.
الاهتمام برفاهية البلد - واجبٌ على كلِّ فردٍ فينا. في هذه الحالة فقط سوف تكون الأمور صحيحة ومضمونة.
العمل هو مبدأ الشؤون الاقتصادية.. المبدأ الأخلاقي هو حق الإنسان في عمله.
إنَّ النظام الحالي لا يعتمد إجراءات بشأن زيادة إنتاجية العمل. إنَّه يستغل نتاج كدح العمال. ولاتوجد أية خطة لزيادة إنتاجية العمل.
مَنْ هو, حسب رأيكم, الإنسان الذي كَرِهَ المتاجرين بالمنتوجات الجاهزة والذي أَكَّدَ أنَّ مَنْ لا يعمل لا يَحِقُّ له أنْ يأكل, ومِنْ كلِّ شخصٍ حسب إمكاناته ولكلِّ شخصٍ حسب عمله, وأنَّ الاقتصاد يجب أنْ يكون مُخَطَّطاً. هل هو إنجلز؟ أم لينين؟ أم ستالين؟
لا, إنَّ هذه المبادئ كان ينادي بها الرأسمالي في جميع العصور والشعوب, الرأسمالي الذي بدأ بتكوين ثروته من الصفر بدون سنت واحد، ولكنه شكَّلَ أولَ عربة بضائع، وافتتح نظام الإنتاج بواسطة خط التجميع – إنه هنري فورد.
ولكن للأسف، الرأسماليون في بلدنا يقتدون برجال الأعمال المعتوهين الجشعين  والسفلة والأغبياء البهائميين، علماً أنه بإمكانهم الاقتداء بأمثلة من داخل بلدنا وفي الخارج.
 
الاشتراكية المقبلة
ينبغي عليكم أنْ تتساءلوا: ما هذا النظام الذي السلطة السياسية فيه بيد الشيوعيين ويُسْمَح فيه للرأسماليين بالإشراف على الاقتصاد؟
سوف تكون هذه المرحلةَ انتقالية, وسوف تستمرّ إلى أنْ تُصبح الأغلبيةُ المطلقة من سكان وطننا شيوعيين من حيث معتقداتهم وليس من حيث وجود بطاقةٍ حزبيةٍ لديهم. وبعد ذلك الناس أنفسهم هم مَنْ سيقرِّر ما ينبغي فعله لاحقاً.
وخلال المرحلة الانتقالية هذه سوف يجري العمل, إنْ شِئتم, بموجب مبدأ هنري فورد: «ضَعْ العمل من أجل الفائدة العامة فوق المنفعة الشخصية... يجب الحصول على الأرباح بنتيجة القيام بعملٍ مفيدٍ لا أنْ يكون الربحُ هو الأساس في هذا العمل... الإهتمامُ برفاهية البلد - واجبٌ على كلِّ فردٍ فينا... لا مكان في المجتمع المتحضِّر للطفيليين».
توجد لديكم مشكلةٌ أخرى هي عدم الشرعية المبدئية. أريدُ أنْ أُذكِّركم بأنَّ الشرعية بمعناها الديمقراطي, هي عندما تفعلُ السلطةُ الشيءَ الذي يُصادقُ عليه الشعبُ. لقد عبَّرَ شعبُ الاتحاد السوفييتي عن إرادته خلال الاستفتاء الذي جرى في 17 آذار 1991, وقد طلبَ الشعبُ آنذاك من السلطة المحافظة على بقاء الاتحاد السوفييتي. غير أنَّ السلطةَ بَصَقَتْ على الدستور وعلى القانون وهدمت البلد. وبعد ذلك كَرَّتِ المسبحة, وتوالت الأعمالُ غير الشرعية للنظام الذي خدعَ الشعبَ بكلِّ وقاحةٍ لدرجةٍ تقشعِرُّ لها أبدانكم وأبدان شعوب العالم قاطبةً عندما تسمعون اعترافات رجالات هذا النظام.
غير أنَّ هذا النظام هو الذي ساعدكم على نهب خيرات الاتحاد السوفييتي. هذه هي الحقيقة التي لا مَفَرَّ لكم منها ولا بأية حالٍ من الأحوال. أنتم لصوص في نظر الشعب     وفي نظر العالم أجمع. تَذَكَّروا دائماَ أنَّه إذا سلبتم بيتَ أحدٍ من المواطنين من خلال صفقةٍ مشبوهةٍ مع عُمدة مدينة مجرم (غير شرعي) مثلاً، فإنَّكم مهما حصلتم لاحقاً على وثائق من هذا العُمدة فإنَّكم سوف تبقون في نظر الجميع لصوصاً، وسوف يبقى أبناؤكم مُلاكاً غير شرعيين وأبناء لصوص. لا مَفَرَّ لكم من هذه الحقيقة.
باعتبار أنَّ انقلاب عام 1991 سمحَ لكم بنهب الممتلكات العامة تَصَوَّرَ الكثيرون منكم أنَّ هذا كان ثورةً لمصلحتكم. أنتم مخطئون جداً. لقد كانت هذه ثورة مضادَّة للطفيليين وثورة مضادَّة للقوميين والبيروقراطيين الذين انكشفوا في الاتحاد السوفييتي, وقد قاموا بذلك ليس من أجلكم وإنما من أجل منافعهم الذاتية. افهموا جيداً, إنَّ الشيء الرئيسي الذي يهمهم ليس أنتم ولا الرأسمالية، وإنما أطماعهم فقط.
سوف يبقى الوضعُ كذلك إلى أنْ نُقَرِّرَ, نحن الشيوعيون, وضعَ حدٍّ لهذه المسالة. أنا لا أقصد أولئك الذين يُسمُّون أنفسهم بالشيوعيين وهم الآن جزءٌ من هذا النظام, وإنَّما نحن الذين لم نعترفْ يوماً بشرعية هذا النظام. القضية هي أنَّ جميع ممتلكات الاتحاد السوفييتي قد تَشَكَّلَتْ بجهد الشعب وتحت قيادتنا نحن – تحت قيادة حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي - حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي (البلشفي ) – الحزب الشيوعي الروسي (البلشفي ) – الحزب الشيوعي لعموم روسيا ( البلشفي ) – الحزب الشيوعي للاتحاد السوفييتي. فلو كان النظامُ الحالي شرعياً لما كانت هناك مشكلة, ولكن بما أنَّه ليس شرعياً فنحن, إنْ لم نقل نحن أصحاب الملكية, الوحيدون الذين لهم الكلمة الفصل في هذه المسألة. وإذا كُنَّا نحن الشيوعيين الورثة الشرعيين للحزب الشيوعي السوفييتي وللاتحاد السوفييتي نُقِرُّ لكم بحقكم في التصرف بهذه الممتلكات, فإنَّ الذي سوف يدافعُ عنها هنا في روسيا وفي الخارج ليس حُرَّاسُكُم الشخصيون ولا حتى الدولة، وإنَّما الشعبُ بأكمله.
 
ماذا أُريدُ منكم؟
لا تضعوا أيديكم على مِحفظة نقودكم، فشينين ليس بحاجة لأموالكم. شعبنا هو من يحتاج لأموالكم, أما أنا فبحاجةٍ لرأيكم.
بالتأكيد يوجد بينكم الكثيرون الذين لا يطيقون سماعي, وإذا حاولوا سماعي فإنهم لا يفهمونني. وبالتأكيد في حال وصول الشيوعيين إلى السلطة سوف تكون لدى هؤلاء رغبة وحيدة هي المقاومة بشتى الوسائل. بالطبع, ليس من الصعب مصادرة أملاك  مثل هذا الرأسمالي وإعطائها لِمَنْ سيخدمُ الشعبَ!
مهما كنتَ سيئاً وابن حرامٍ أيها الرأسمالي فنحن نُفَضِّلُ ألا ندفَعك للقيام بتصرفاتٍ سيئةٍ. ولكن ماذا يجب أنْ يدخل من ناحية المصلحة المادية في اتفاقنا كي لايكون لدى الرأسماليين وخدمهم أيّ عذر معقول للاستياء؟ كيف ينبغي علينا تنظيم الخطة الحكومية؟
ها قد مرَّت عشرون سنة، والبلهاءُ يتنافسون فيما بينهم حول تفسير مفهوم اقتصاد السوق, لدرجة أنَّهم اخترعوا شعارهم الخاص بهم: «السوق يُنَظِّمُ كلَّ شيء»! هذا مثالٌ واضحٌ جداً على أكبر بلاهةٍ سوقيةٍ.
جورج غيلبريت- أشهر رجل اقتصاد وعالم في العالم الرأسمالي – كتبَ الآتي: «الذين تحدثوا عن العودة إلى السوق الحر زمان سميث ليسوا على حق لدرجةٍ يمكنُ معها اعتبار وجهة نظرهم هذه انحرافاً نفسياً للطبع الإكلينيكي».
إبَّان الإتحاد السوفييتي وقبل مرحلة البيروسترويكا، كان الجزءُ الأساسي من وسائل الإنتاج ملكيةً حكوميةً, ولم يكنْ بالإمكان أنْ تكون هذه المنظومةُ غير مُخطَّطة لكي تستطيعُ حلَّ العديد من المسائل والقضايا بنجاحٍ.
في المجال الاجتماعي التعليم والرعاية الصحية المجانية (أي على حساب الدولة الاشتراكية) وتأمين السكن والأسعار الرمزية للشقق والمعالجة الصحية السنوية لجميع أفراد الأسرة من صندوق الاستهلاك الاجتماعي - كلُّ هذا يعني فيما يعنيه التحوُّل التدريجي عن سياسة السوق.
الاقتصاد اليوم في البلدان الرأسمالية المتطورة إمَّا أنَّه مُخَطَّطٌ على المستوى المحلي كما هي الحال في أفضل النقابات العالمية، وإمَّا أنَّه أحمقٌ كما هي الحال في روسيا اليوم.
إنَّ المالكَ لايعمل عادةً دون خطَّةٍ, والمالكُ هو الدولة وحكومتها, ولهذا السبب فإنَّ عدمَ وجود خطَّةٍ حكوميةٍ اليوم في روسيا يعني أنَّه لا يوجد فيها مالك، وإنَّما يوجد طُفيليٌ ينهبُ المؤسسة والإنتاج المتروكين لمشيئة القدر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
414