القادة الذين أسقطوا بلادهم 5\5
أصبح ميخائيل غورباتشوف يشبه ابن بطوطة مع فارق الهدف بينهما، فأميركا وحلفاؤها لن ينسوا أو يتجاهلوا الخدمات الكبرى التي قدمها غورباتشوف لهم ـ طبعاً ـ بالمجان ومنها تفكيك دولته العظمى، وتصفي حلف وارسو ومجلس التعاضد الاشتراكي (سيف)، واختفاء دول أوروبا الاشتراكية..، وبالتالي يمكن القول إن غورباتشوف قد حقق ما كان يصبو إليه الرئيس الأمريكي ترومان حول ضرورة قيادة أمريكا للعالم.
إن الغرب الرأسمالي ومؤسساته الدولية يوجهون لغورباتشوف باستمرار الدعوات الرسمية وغير الرسمية لحضور المؤتمرات الدولية والإقليمية وإلقاء المحاضرات وإجراء المقابلات التلفزيونية والصحفية. إن كل هذه الأنشطة السياسية والإعلامية ما هي إلا مكافأة أمريكية ـ غربية لغورباتشوف من أجل الحضور السياسي الدائم سواء على صعيد بلاده أو على الصعيد الدولي.
إن هدف الجولات المكوكية التي قام ويقوم بها غورباتشوف في العواصم الغربية وغيرها من العواصم، هو جمع المال والتخريب الإيديولوجي ضد الحركة الشيوعية، فهو يشبه «المشرد» السياسي الذي ينتقل بين الدول من أجل مواصلة عملية التخريب والتشويه للفكر الاشتراكي.
يمارس ميخائيل غورباتشوف عمل البزنس السياسي والمالي. فعلى سبيل المثال قيامه بالدعاية للأكلة الأمريكية «ماكدوبيتزا» على أنها «شهية وطيبة»!! وحصل مقابل جهده الدعائي على مليون دولار أمريكي، كما أشارت الصحف الرسمية في حينها، وبرر غورباتشوف نشاطه البزنسي هو «الحاجة للمال»، وعمل رئيس مجلس «استشاري ـ اجتماعي» في الإذاعة التلفزيونية الروسية «المستقلة» N.T.V ، ولكن لم يعلن كم هو مرتبه؟!
في عام 1994، أصدر الرئيس الروسي بوريس يلتسين قراراً بتأسيس محطة الإذاعة والتلفزيون المستقلة، التي تعود ملكيتها إلى الملياردير اليهودي غوسينسكي، ويحمل هذا القرار هدفاً إيديولوجياً واقتصادياً وسياسياً، وخلال فترة حكم يلتسين تمتع الملياردير غوسينسكي وبيرزوفسكي بنفوذ سياسي واقتصادي هام ومؤثر على نظام يلتسين وفريقه (علماً أنهم يحملون الجنسية الروسية الإسرائيلية)، إذ امتلك كل واحد منهم إمبراطورية إعلامية خاصة به وخلال فترة قصيرة قدرت ثروة كل واحد منهم بـ (3) مليارات دولار. إن تراكم هذه الثروة وبشكل غير شرعي جاء بسبب تنفيذ برنامج الخصخصة. ففي روسيا، ومن خلال هذا البرنامج فإن كل شيء يباع ويشترى لصالح الفئة الحاكمة من الإداريين والبيروقراطيين والطفيليين والمافيا.
إن قرار يلتسين بتأسيس (NTV) ولصالح غوسينسكي لم يكن وليد الصدفة، لأن غويسنسكي رئيس المجلس اليهودي الروسي، ونائب رئيس نادي «روتاري» منذ عام 1991، وعضو منظمة «بناي بربت» الماسونية. إن هدف (NTV) خلال الفترة 1994 ولغاية إبريل 2001 كان يتمثل بالتشويه والتخريب الأيديولوجي والسياسي للفكر الاشتراكي، والهجوم على كل منجزات الاشتراكية التي تحققت في خلال سبعين عاماً، ومحاولة زرع نمط الثقافة والاستهلاك الأمريكي ـ الغربي للشعب السوفييتي ـ الروسي، وممارسة سياسة الدجل والتضليل على الشعب السوفييتي ـ الروسي اي التجهيل السياسي..، وبالنتيجة فإن سياسة (NTV) منذ تأسيسها ولغاية اليوم كانت في خدمة أهداف الماسونية العالمية وكذلك خدمة المصالح السياسية والاقتصادية والأيديولوجية للولايات المتحدة.
إن غورباتشوف قد خان شعبه وفكره وحزبه، وخان الأحزاب الشيوعية الحاكمة في دول أوروبا الشرقية سابقاً، وما حدث من تآمر قذر وخسيس من قبل غورباتشوف ـ ياكوفليف...، ضد رئيس جمهورية ألمانيا الديمقراطية هونيكر، ورئيس دولة بلغاريا جيفكوف، ورئيس دولة رومانيا شاوشيسكو، ورئيس جمهورية أفغانستان الديمقراطية نجيب الله وغيرهم من الرؤساء في البلدان الاشتراكية والبلدان النامية.
إن الحقيقة مرة ولابد من الاعتراف بها لأنها تعد المفتاح الرئيسي الذي يمكن من خلالها أن تتم دراسة الماضي وبروح ديمقراطية ومبدئية ونقدية صريحة وسماع آراء الآخرين وبأذن صاغية والابتعاد عن التعصب والتخلص من عبودية الفكر. إن كل هذا وغيره يساعد على وضع الحلول السليمة من أجل عدم تكرار الماضي.
إن التاريخ لا يمكن أن يشوه مهما ضخت له من الأموال القذرة، ومهما حاولت الأقلام الصفراء تزوير وتشويه الحقائق. إن مصير المرتدين والتحريفيين والخونة سيكون في مزبلة التاريخ، وإن عجلة التطور الاجتماعي الاقتصادي لا يمكن إرجاعها إلى الخلف مهما حاولت قوى الإمبريالية العالمية، وإن ما حدث من بعض الإخفاقات بالرغم من جسامتها ومرارتها فإنها مؤقتة، فالنظام الرأسمالي غير مؤهل لأن يكون نظاماً مستقبلياً للبشرية، لأنه مصاب بأمراض مزمنة وخبيثة اجتماعية واقتصادية..، وإن البشرية تواقة إلى مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والاقتصادية، مجتمع خالٍ من استغلال الإنسان للإنسان، مجتمع خال من الحروب، مجتمع يسوده السلام والاستقرار والديمقراطية، هذا هو مستقبل البشرية، وهذه هي حتمية التطور اللاحق.
وأخيراً هل كان غورباتشوف شيوعياً؟!!