مع ارتفاع عدد الجياع في العالم؟ ما استعداداتنا محلياً ؟
عدد الجياع في العالم الثالث ارتفع من 18 مليون خلال النصف الثاني لتسعينيات القرن الماضي إلى 800 مليون إنسان عام 2005، ويقولون لي لماذا ترعبنا؟
الفضيلة التي تبدو وكأنها مصيبة في تسبب عدم فهمنا للواقع الذي يعيشه العالم اليوم وللكوارث القادمة تكمن في كون بلادنا غنية في كل شيء، وهذا مايؤخر شعورنا بتلك الكوارث المؤلمة كما تراها وتئن منها مناطق كثيرة في هذا العالم. ولولا أننا بلينا بالبعض من هؤلاء اللصوص الذين نهبوا ومازالوا ينهبون ويدمرون كل شيء لكانت الخيرات السورية كافية لعشرات الملايين من السكان للعيش الكريم قرونا عديدة. إلا أن لكل شيء نهاية، ولاشك من أننا متجهون نحو السقوط، لأننا لم ولا يبدو بأننا سنفعل أي شيء لتجنب هذا السقوط.
فلماذا تريدون منا الصمت ومعهد المراقبة العالمية (World Watch Institute) ينذرنا يوما بيوم ويقدم لنا أرقاما مخيفة كهذه؟ يقولون لي أن ما أكتبه مخيف ومخالف للحقيقة، وأن العالم بألف خير. وأنا أقول لهم بأنهم يغرسون رؤوسهم في الرمال ولا يريدون رؤية الحقيقة ويرتدون الطماشات على آذانهم وعيونهم كي لا يروا ولا يسمعوا أي شيء. ويقودون المجتمعات البشرية إلى كارثة أليمة لامنقذ منها. فبالرغم من التطور العلمي والتقني الذي يعم العالم ويفاخر فيه الآن، يستمر عدد الجياع في العالم بالتزايد بشكل مرعب يوما بعد يوم. ويقدر عدد الجائعين في العالم حاليا بنحو ملياري إنسان، أي مايعادل تقريبا ثلث البشرية التي تقدر بنحو 6.5 مليار نسمة. ويمكث خلف هذا الواقع الأليم مجموعة من المشاكل المتمتعة بصعوبة إدراكها والتي تهدد العالم بالنقص الشديد في غذائه ومائه.
فالأمراض مثل الإيدز وجنون البقر وأنفلونزا الطيور، والنقص المائي، وتعرية التربة الزراعية وهبوط خصوبتها، ونضوب مصادر الطاقة غير القابلة للتجديد، والحروب العسكرية تساهم في تصاعد الخوف على الأمن الغذائي حول العالم. وزاد من هذا الخوف الاضطراب البيئي والمناخي أيضا. الكوارث التي صنعتها تسونامي وكاترينا والزلزال الذي ضرب باكستان والهند في كشمير، وكذلك الهزات الأرضية التي دمرت مناطق كاملة في إيران وتركيا، والفيضانات التي اكتسحت الصين وعدد من دول شرق أسيا والحرائق الضخمة التي التهمت غابات كاملة في أمريكا واستراليا، وكل هذا وكأن الأمور تجري على أفضل حال!!!
الثلوج التي هطلت في المملكة العربية السعودية في فصل الشتاء الحالي وانخفاض درجة الحرارة فيها إلى ما يقرب من الصفر لأول مرة في التاريخ المعروف كما أوردت وسائل الإعلام، ألا يشكل هذا مؤشرا مناخيا غير طبيعي؟ والثلوج التي تتساقط في اليابان في أيامنا الحالية بكثافة غير معهودة على الإطلاق، وانزلاقات التربة الهائلة في إندونيسيا، والجفاف الذي يضرب مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا، كل هذه تشكل أمورا طبيعية ولا تستدعي التعقل والتفكير في الأسباب للإسراع في اتخاذ الإجراءات الضرورية لتخفيف الصدمات القادمة؟
ماذا استطاعت كل المنظمات الخيرية في العالم أن تفعل للجياع في أفريقيا مثلا، وخصوصا في نيجيريا ومالي وغيرها من الدول؟ هل استطاعت إنقاذهم من الكارثة؟ سبعة ملايين عامل ماتوا مابين عامي 1985 و 2000 في خمسة وعشرين دولة الأكثر تأثرا بمرض الإيدز. وتشكل النساء المصابات بهذا المرض حاليا في شبه الصحراء الإفريقية أكثر من 60 % منهم، علما بأن النساء في تلك المناطق يشكلون نسبة 80 % من العاملين في الزراعة. 434 مليون إنسان يعانون حاليا النقص الشديد في مياه الشرب النظيفة عبر العالم. وخلال السنوات القليلة القادمة تقدر المنظمات العالمية بأن أكثر من نصف سكان العالم سيعانون من النقص الحاد في المياه. فهل نشعر بهذا النقص نحن الآن في سورية؟؟ كيف هي الحال بالنسبة إلى نهري بردى والعاصي؟؟؟ وهل اتخذنا أية إجراءات لمعالجة هذا الموضوع؟؟؟
متى سوف نبدأ بالتفكير في الأمور التي تعني وجودنا؟؟ هل أخذ منا سعد الحريري وخدام كل شئ؟؟ لقد تساءلت في كتاباتي السابقة عن إمكانيتنا في الاستمرار في الحصول على الطاقة. وكذلك عن ما إذا كانت مساحات الأراضي المحروثة بواسطة الخيول والأبقار كافية لإنتاج الغذاء – الخبز. وبأية واسطة سنضخ المياه إلى المدن والقرى للشرب وللري أيضا.