عسكرة المساعدة الطارئة لهاييتي: عملية إنسانية أم غزو؟
لهاييتي تاريخ طويل من التدخلات العسكرية والاحتلال الأمريكي، يعود لمطلع القرن العشرين، وقد ساهم هذا التدخل في تدمير الاقتصاد الوطني الهاييتي وفي إفقار سكانها. والآن يتم تقديم الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد للرأي العام العالمي بوصفه السبب الوحيد لوضعها الصعب.. تدمّر البلد، وتدمّرت بناه التحتية، وقد دفع شعبه إلى فقرٍ ويأسٍ رهيبين، وتمّ مسح تاريخ هاييتي وماضيها الاستعماري، أما الجيش الأمريكي فذهب لينقذ أمّةً مفقرة. فهل هذه عمليةٌ إنسانية أم أنها غزو؟
تحت ذريعة الإغاثة
الفاعلون الرئيسيون في «العملية الإنسانية» الأمريكية هم وزارة الدفاع ووزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيد)، غير أنّ المكوّنات العسكرية للبعثة الأمريكية تميل إلى إخفاء المهام المدنية المكرسة لإغاثة سكانٍ بائسين ويائسين. من يقود العملية الإنسانية العامة ليست وكالات حكومية مدنية مثل فيما أو يو إس إيد، بل البنتاغون.. لقد أوكل الدور الحاسم المسيطر للقيادة الأمريكية الجنوبية (ساوثكوم).
تتم حالياً دراسةٌ لنشرٍ كبيرٍ للمعدات وللعسكريين، وقد أكّد رئيس أركان جيوش الولايات المتحدة، الأميرال مايك مولن، أنّ الولايات المتحدة سترسل تسعة إلى عشرة آلاف جندي مشاة إلى هاييتي، تتضمن 2000 من قوات المارينز.
لقد وصلت حاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس كارل فنسون وتوابعها من السفن الملحقة إلى بورت أو برنس، والألفا عنصر في الوحدة البرمائية البحرية، وكذلك جنود الكتيبة الثانية والثمانين المحمولة جواً التابعة للجيش الأمريكي، تدربوا على مهام متنوعة، تتضمن مهام متصلة بالأمن وبمكافحة الشغب، إضافةً إلى المهام الإنسانية. على عكس فرق المساعدة والإغاثة التي أرسلتها مختلف المنظمات المدنية، لم يتمّ توضيح التفويض الإنساني للجيش الأمريكي:
حين تحدّث الرئيسان أوباما وبريفال هاتفياً، لم يكن هنالك أي ريبورتاج عن المفاوضات بين البلدين بخصوص دخول وانتشار القوات الأمريكية على أراضي هاييتي. اتخذت واشنطن القرار وفرضته من جانبٍ واحد. وقد استخدم الغياب الكلي لحكومةٍ فعالةٍ في هاييتي لشرعنة إرسال قوةٍ عسكريةٍ ضخمة على أساسٍ إنساني، وقد تسلّمت هذه القوّة بحكم الأمر الواقع عدّة مهام حكومية.
القيادة الأمريكية الجنوبية (ساوثكوم)، والتي تقع قيادة أركانها في ميامي، هي «الوكالة الرئيسية» في هاييتي، وتفويضها كقيادةٍ عسكريةٍ إقليمية يتضمن شنّ حربٍ حديثة. تفويضها المعلن في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي يتمثّل «في شنّ عملياتٍ عسكرية والترويج للتعاون الأمني بهدف بلوغ الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة». يتم تأهيل القادة للإشراف على العمليات الميدانية والعمل كشرطة عسكرية، وكذلك لمواجهة «تمرد مضاد» في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. يضاف ذلك إلى إقامة قواعد عسكرية جديدة مؤخراً في كولومبيا، قرب الحدود الفنزويلية.
شهادة جنرال
الجنرال دوغلاس فريزر، قائد القيادة الأمريكية الجنوبية، وصف عملية الطوارئ في هاييتي بأنها عملية قيادة وتحكم وتواصل. يتوجب على القيادة الأمريكية الجنوبية الإشراف على نشرٍ مكثف للمعدات العسكرية، بما فيها عدة سفن حربية وحاملة طائرات وكتائب قتالية محمولة جواً، الخ:
«نحن نركّز على اكتساب القيادة والتحكم والتواصل هناك كي نفهم حقاً على نحوٍ أفضل ما يجري هناك. بما أنّ المقر العام بعثة الأمم المتحدة للاستقرار في هاييتي [مينوستا] قد انهار جزئياً، فقد خسرت البعثة جزءاً كبيراً من إمكانيات التواصل لديها، لذلك فنحن ننوي أيضاً تعزيز التواصل.. كما أننا نرسل فرق تقييم بالمشاركة مع اليو إس إيد، وكذلك بعضاً منا لدعمهم، ونقوم بنشر مختلف السفن التي كانت لدينا في المنطقة في هذا الاتجاه ـ إنها سفنٌ صغيرة، قوارب من حرس الحدود، مدمرات ـ وذلك بهدف تقديم كل العون الفوري الممكن على الأرض.. كما أنّ حاملة طائرات من قوات المارينز الأمريكية في طريقها إلى هنا، وهي يو إس إس كارل فنسون. كانت في عرض البحر قرب بورفولك، لذلك سوف يستغرق وصولها إلى هناك بضعة أيام. يتوجب علينا أيضاً إعادة تزويدها بالوقود والمؤن التي تحتاجها لدعم الجهود في هاييتي. ثمّ سنتفحّص الوكالات الدولية لفهم كيفية دعم جهودهم وجهودنا. كما نخطط لإرسال سفينة برمائية ذات منصة طائرات كبيرة، على متنها وحدة من قوات المارينز المرسلة، ستصل بعد يو إس إس فنسون ببضعة أيام. إنّ القدرة على النقل تقدّم لنا مزيداً من الوسائل لتوزيع التموين من أجل دعم الجهود هناك. بصورةٍ أساسيةٍ إذاً، ليس لدينا حالياً تقييمٌ واضح للوضع على الأرض ولا للاحتياجات في بورت أو برنس ولا لمدى الوضع.
أخيراً، لدينا أيضاً فرقةٌ تتجه نحو المطار. حين حدث ما حدث، كان مساعدي متواجداً في هاييتي في إطار زيارةٍ تم التخطيط لها سابقاً. كان قد ذهب إلى المطار. وفق ما أفهمه، يؤكد أنّ مدرج الهبوط صالح للاستخدام، لكن لم يعد لدى البرج إمكانية تواصل. كما تعرضت صالة الركاب لأضرار بنيوية، لذلك لا نعرف وضعها.
لدينا إذن مجموعة ستذهب إلى هناك للتأكد من أننا سنحصل على أرضية الطيران ونؤمّنها ونعمل انطلاقاً من هناك، لأننا نعتقد أنّه أحد الأماكن التي ستدخل عبرها الكثير من مواد الإغاثة الدولية الفورية. ثمّ إننا سنقوم بكل التقديرات الأخرى التي تعدّ مناسبةً لحظة دخولنا إلى هاييتي ونعمل على هذا الجهد، ونقوم أيضاً بالتنسيق مع المينوستاه والناس المتواجدين هناك. كان قائد المينوستاه في ميامي حين حدث الزلزال، وبالتالي فهو حالياً في طريقه إلى هاييتي ومن المتوقع أن يصل إلى بورت أو برنس في أية لحظة. سوف يساعدنا ذلك على تنسيق جهودنا، لأنّ الأمم المتحدة، وأكرر ذلك، قد تعرضت بطبيعة الحال لخسائر ذات دلالة مع انهيار مقرها الرئيسي، جزء منه على الأقل. هذه إذن هي الجهود الأولية التي أطلقناها. ومع تلقينا للتقييمات الخاصة بما ستؤدي إليه، سوف نقوم بالتعديلات اللازمة.. لقد أوضح وزير الدفاع والرئيس أنّ الأمر يتعلق بجهدٍ لافتٍ وأننا نجمع كل الموارد في وزارة الدفاع لدعم هذا الجهد».
الأمن القومي الأمريكي.. أيضاً!!
لخّص تقرير لمؤسسة هيريتيج جوهر مهمة الولايات المتحدة في هاييتي على النحو التالي: «للزلزال عواقب على المستوى الإنساني وعلى مستوى الأمن القومي الأمريكي في آنٍ معاً [ما يقتضي] رداً سريعاً ليس جريئاً فحسب، بل حاسماً أيضاً، يعبئ الجيش والكفاءات المدنية والحكومة الأمريكية لتقديم المساعدة الإنسانية قصيرة الأجل وكذلك برنامج إعمارٍ وإصلاحٍ طويل الأجل في هاييتي».
في البداية، ستشارك البعثة العسكرية في تقديم العناية الأولية والإسعافات، وكذلك في العمليات البوليسية وتلك المتصلة بالأمن العام.
سيطر سلاح الجو الأمريكي على عمليات النقل الجوي وإدارة مطار بورت أو برنس. بعباراتٍ أخرى، ينظّم الجيش الأمريكي حركة المساعدة الطارئة والإغاثة المرسلة إلى البلاد على متن طائراتٍ مدنية. لا يعمل سلاح الجو تحت أمرة مسؤولي المطار الهاييتي، فقد تمّت إزاحة هؤلاء المسؤولين. الجيش الأمريكي هو الذي يدير المطار. يعمل فريق إف إيه إيه مع مراقبي القتال في وزارة الدفاع بهدف تحسين الحركة الجوية ومداخل المطار ومخارجه. لقد أعاد سلاح الجو الأمريكي فتح المطار يومي 14 و15 كانون الثاني وأوكل لمجموعة التدخل الطارئ الخاصة به السلطة العليا على أرض المطار التي تسمح لسلاح الجو بتحديد الأولويات والتوقع والسيطرة على المجال الجوي للمطار.
تتضمن السفينة ـ المستشفى يو إس إن إس كومفورت التابعة للسلاح البحري 1000 سرير، وفيها أكثر من ألف موظف، من عاملين طبيين وموظفي دعم، وقد أرسلت إلى هاييتي تحت سلطة القيادة الجنوبية. حين حدث الزلزال، كان هنالك 7100 شخص عسكري وأكثر من 2000 شرطي، أي قوّة أجنبية يزيد عددها على 9000 شخص. في المقابل، تتضمّن المينوستاه أقل من 500 عضو مدني دولي.
تحت نير الاستعمار
كان كل من الولايات المتحدة وفرنسا وكندا «شركاء» في انقلاب 29 شباط 2004.
هاييتي محتلة عسكرياً منذ أعدت الولايات المتحدة لانقلاب العام 2004. تقدم القوات الأمريكية بقيادة الساوثكوم وقوات المينوستاه التواجد العسكري في هاييتي لنحو 20000 جندي مشاة في بلدٍ يعدّ 9 ملايين نسمة. بالمقارنة مع أفغانستان، قبل تصعيد أوباما العسكري، بلغت قوات الولايات المتحدة وحلف الناتو معاً 70000 مقابل 28 مليون نسمة. بكلماتٍ أخرى، وعلى أساس عدد السكان، هنالك قواتٌ في هاييتي يفوق عددها عدد القوات في أفغانستان.
تمت عدة تدخلات عسكرية مولتها الولايات المتحدة في التاريخ الحديث. ففي العام 1994، بعد ثلاث سنوات من الحكم العسكري، تم إرسال قوة احتلال تبلغ 20000 جندي مشاة و«حراس سلام» إلى هاييتي. التدخل العسكري الأمريكي للعام 1994 لم يكن مكرساً لإعادة الديمقراطية، بل على العكس، فقد حدث لمنع تمردٍ شعبي ضد الزمرة العسكرية وشراذمها النيوليبرالية.
بقيت القوات الأمريكية والحليفة في البلاد حتى العام 1999. تمّ حلّ القوات المسلحة الهاييتية وعيّنت وزارة الخارجية الأمريكية فرقةً من المرتزقة لتقديم «نصائح تقنية» لإعادة هيكلة الشرطة الوطنية الهاييتية.
في الأشهر السابقة لانقلاب العام 2004، درّبت القوات الخاصة الأمريكية والسي آي إيه كتائب موتٍ تشكّلت من عناصر قديمة تعود لعهد دوفالييه. عبر الجيش شبه العسكري المتمرد الحدود قادماً من جمهورية الدومينيكان مطلع شباط 2004. «كانت وحدةً شبه عسكرية جيدة التسليح والتدريب والتجهيز، تغلغلها الأعضاء القدامى في جبهة التقدم الهاييتية، كتائب الموت (باللباس المدني) المتورطة في القتل الجماعي للمدنيين وفي اغتيالاتٍ سياسية أثناء الانقلاب العسكري في العام 1991 الذي موّلته السي آي إيه وأدّى إلى الإطاحة بحكومة جان برتران أريستيد المنتخبة ديمقراطياً». (انظر، ميشيل شوسودوفسكي، The Destabilization of Haiti: Global Research. February 28, 2004، 28 شباط 2004)
تم إرسال قوات أجنبية إلى هاييتي. وتأسست المينوستاه في خضم الانقلاب الذي مولته الولايات المتحدة في شباط 2004 وخطف وترحيل الرئيس المنتخب ديمقراطياً جان برتران أريستيد. لقد أعدّت الولايات المتحدة الانقلاب بدعمٍ من فرنسا وكندا.
ثمّ اندمجت وحدات جبهة التقدم مع قوة الشرطة في البلاد، التي كانت تحت إشراف المينوستاه. في خضم الفوضى السياسية والاجتماعية التي أثارها الزلزال، سوف تلعب الميليشيا المسلحة القديمة وعناصر دوفالييه القديمة دوراً جديداً.
برنامجٌ مخفي
تتمثّل المهمة الضمنية للساوثكوم، بقيادة أركانها الواقعة في ميامي وتجهيزاتها العسكرية الأمريكية عبر أمريكا اللاتينية، في ضمان الإبقاء على الأنظمة المحلية الخانعة، أي الحكومات الأمريكية بالوكالة، المخلصة لتوافق واشنطن وللبرنامج السياسي النيوليبرالي. وعلى الرغم من أنّ الموظفين العسكريين الأمريكيين سيتورطون بفعاليةٍ بدايةً في المساعدات الطارئة وفي إغاثة المنكوبين، فسوف يخدم هذا التواجد العسكري الأمريكي المتجدد في هاييتي في وضع قدمٍ في البلاد وفي مواصلة الأهداف الستراتيجية والجيوسياسية الأمريكية في حوض الكاريبي، وهي أهدافٌ موجهةٌ على نحوٍ كبير ضد كوبا وفنزويلا.
لا يتمثل الهدف في العمل على إعادة تأهيل الحكومة الوطنية والرئاسة والبرلمان، وكلها تمزقت بفعل الزلزال. منذ سقوط دكتاتورية دوفالييه، تمثّلت غاية الولايات المتحدة في تفكيك الدولة الهاييتي تدريجياً واستعادة الاتجاهات الاستعمارية ومنع عمل حكومة ديمقراطية. وفي السياق الحالي، لم يعد الهدف يقتصر على تحطيم الحكومة، بل أصبح يتضمن إعادة تنظيم تفويض المينوستاه، التي تدمّر مقرّها العام.
سرعان ما سقط الدور المتمثل في إدارة أعمال الإغاثة بين أيدي الولايات المتحدة في غياب أية هيئة ذات كفاءة، على المدى القصير على الأقل.
قبل الزلزال، كان يتواجد نحو 60 موظفاً عسكرياً في هاييتي، وفق مصادر عسكرية أمريكية. وبين ليلةٍ وضحاها، تمّ تصعيدٌ عسكريٌ فوري: 10000 جندي مشاة ومارينز وقوات خاصة وموظفون في أجهزة الاستخبارات، الخ، ناهيك عن قوات المرتزقة الخاصة المتعاقدة مع البنتاغون.
الأرجح أنّ العملية الإنسانية سوف تستخدم كذريعةٍ وتبريرٍ لترسيخ وجودٍ عسكريٍّ أمريكي دائم في هاييتي، فنحن أمام نشرٍ مكثّف، أمام «تصعيدٍ» لعدد العاملين العسكريين المكلفين بالإغاثة.
ستتمثل المهمة الأولى للساوثكوم في السيطرة على ما تبقى من وسائل الاتصالات والنقل، وكذلك على بنى الطاقة التحتية في البلاد. الولايات المتحدة تسيطر الآن بحكم الأمر الواقع على المطار. والأرجح أنّ نشاطات المينوستاه، التي خدمت مصالح السياسة الخارجية الأمريكية منذ بداياتها في العام 2004، سوف تنسّق مع نشاطات الساوثكوم. كما سيسيطر الجيش الأمريكي بحكم الأمر الواقع على بعثة الأمم المتحدة.
عسكرة منظمات الإغاثة التابعة للمجتمع المدني
يسعى الجيش الأمريكي في هاييتي إلى الإشراف على نشاطات المنظمات الإنسانية المصادق عليها. وهو يسعى أيضاً إلى التعدي على النشاطات الإنسانية لفنزويلا وكوبا:
«حكومة رونيه بريفال ضعيفة ومتخبطة تماماً في الوقت الراهن. والأرجح أنّ كوبا وفنزويلا، المصممتين على تقليص نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، ستغتنمان هذه الفرصة لرفع صورتهما ونفوذهما [...]» (جيمس م. روبرتس وراي وولسر، American Leadership Necessary to Assist Haiti After Devastating Earthquake، مؤسسة هيريتيج، 14 كانون الثاني 2010).
في الولايات المتحدة، تمّت عسكرة عمليات الإغاثة أثناء أزمة كاترينا، حين دعي الجيش للعب الدور المسيطر.
يستند نموذج تدخل الطوارئ في الساوثكوم إلى دور النورثكوم، الذي طلب منه تفويض «وكالة رئيسية» في إجراءات الطوارئ في الولايات المتحدة.
أثناء إعصار ريتا في العام 2005، جرى العمل التحضيري المفصل لـ«عسكرة عمليات الإغاثة»، ويتضمّن دوراً مسيطراً للنورثكوم. في هذا الصدد، لمّح بوش إلى الدور المركزي للجيش في عمليات الإغاثة: «هل هنالك كارثة طبيعية، واسعةٌ إلى حدٍّ ما، تسمح لوزارة الدفاع بأن تضبح الوكالة الرئيسية لتنسيق الإغاثة وإدارتها؟ سيكون ذلك اعتباراً مهماً يتوجب على الكونغرس التفكير فيه». (تصريح للرئيس بوش في مؤتمر صحفي، Bush Urges Shift in Relief Responsibilities - washingtonpost.com، 26 أيلول 2005).
«رد الفعل على الكارثة الوطنية لا تنسقه الحكومة المدنية في تكساس، بل يتم تنسيقه من مكانٍ بعيد، وفق معايير عسكرية. سوف تتحكم قيادة أركان القيادة الأمريكية الشمالية مباشرةً بحركة العاملين والمعدات العسكرية في خليج المكسيك. وكما في حالة كاترينا، سوف يتجاوز نشاطات الهيئات المدنية. لكن في هذه الحالة، تخضع العملية برمتها إلى سلطة الجيش أكثر مما تخضع إل الفيما». (ميشيل شوسودوفسكي، موقع أبحاث العولمة، US Northern Command and Hurricane Rita،24 أيلول 2005).
الخلاصة
هاييتي بلدٌ يقبع تحت وطأة الاحتلال العسكري منذ انقلاب شباط 2004 الذي نظّمته الولايات المتحدة.
إنّ دخول 10000 جندي مشاة مسلحين تسليحاً ثقيلاً، بالتضافر مع نشاطات الميليشيا المحلية، ربما يسقط البلاد في فوضى اجتماعية.
لقد دخلت هذه القوات إلى البلاد لتعزيز «حراس السلام» في المينوستاه وقوات الشرطة الهاييتية (التي تتغلغلها عناصر دوفالييه السابقة)، والتي كانت مسؤولةً منذ العام 2004 عن جرائم حرب موجهة ضد الشعب الهاييتي، ومن بينها قتل للمدنيين دون تمييز.
تكثّف هذه القوات قوى الاحتلال المتواجدة بتفويضٍ من الأمم المتحدة.. سوف يتواجد 20 ألف جندي أجنبي بقيادة الساوثكوم والمينوستاه في البلاد. والأرجح أنّه سيكون هنالك إدماجٌ أو تنسيقٌ لبنى قيادة هاتين الهيئتين.
لقد برهن الشعب الهاييتي على درجةٍ عاليةٍ من التضامن والشجاعة والالتزام الاجتماعي، إذ تعاون الهاييتيون وعملوا بوعي: في شروطٍ بالغة الصعوبة، فور حدوث الزلزال، قام مواطنون بتنظيم فرق إغاثة عفوية.
سوف تضعف عسكرة عمليات الإغاثة الإنسانية قدرات الهايتيين التنظيمية لإعادة بناء مؤسسات الحكومة المدنية المدمرة. كما أنّ هذه العسكرة ستتعدى على جهود الفرق الطبية الدولية ومنظمات الإغاثة الإنسانية.
من الضرورة بمكان أن يعارض شعب هاييتي بحزمٍ تواجد القوات الأجنبية في بلاده، لاسيما في إطار عمليات الأمن العام، ومن الضروري أن يعارض الأمريكيون في كل أرجاء الولايات المتحدة بحزمٍ قرار إدارة أوباما بإرسال قوات قتالية أمريكية إلى هاييتي.
لا يمكن أن تحدث إعادة بناءٍ حقيقية ولا تنمية حقيقية في ظل احتلالٍ عسكري أجنبي.