لماذا تصعد الماركسية مجدداً ؟؟
الرأسمالية متأزمة في أرجاء العالم ـ لكن ما هو البديل على الأرض؟ حسناً، ماذا عن أفكار فيلسوفٍ ألماني من القرن التاسع عشر؟ نعم، كارل ماركس يسيطر ـ «والله وحده يعرف كيف سينتهي ذلك»
في الماضي، كان الصراع الطبقي يبدو شديد البساطة. لقد كتب ماركس وإنغلز ثاني أكثر الكتب مبيعاً في كل الأزمنة، البيان الشيوعي: «تنتج البرجوازية قبل كل شيء حفّاري قبرها. إنّ سقوطها وانتصار البروليتاريا حتميان بالقدر نفسه. اليوم، وبعد 164 عاماً من كتابة ماركس وإنغلز عن حفاري القبور، الحقيقة هي تقريباً النقيض الدقيق. فالبروليتاريا، وبعيداً عن دفن الرأسمالية، تحتفظ بها كسندٍ للحياة.
إنّ العمال الذين يعملون فوق طاقتهم وينالون أجوراً متدنية وحررتهم ظاهرياً أكبر ثورةٍ اشتراكيةٍ في التاريخ (ثورة الصين) يصلون إلى حافة الانتحار ليبقى أولئك الموجودون في الغرب يلعبون على حواسيبهم اللوحية. تقوم العملة الصينية بالتمويل وتفلس بذلك أمريكا.
بالكاد فقد زعماء المفكرين الماركسيين حس السخرية. «اليوم، تعتمد سيطرة الرأسمالية الشاملة على الحزب الشيوعي الصيني الذي يقدّم عملاً رخيصاً تقوم به شركاتٌ رأسماليةٌ انتقلت من بلدانها لتخفيض الأسعار وحرمان العمال من حقوق تنظيم أنفسهم»، هذا ما يقوله جاك رانسيير، المفكر الماركسي الفرنسي وأستاذ الفلسفة في جامعة باريس الثامنة. «لحسن الحظ، يمكن أن نأمل بوجود عالمٍ أقل سخفاً وأكثر عدالةً من عالم اليوم ».
ربما يفسر هذا الأمل حقيقةً أخرى غير محتملة عن أيامنا الكارثية اقتصادياً ـ إحياء الاهتمام بماركس والفكر الماركسي. إنّ مبيعات كتاب «رأس المال »، العمل الرئيس الذي كتبه ماركس عن الاقتصاد السياسي، قد شهدت تزايداً قوياً منذ العام 2008، مثلما تزايدت مبيعات كتاب البيان الشيوعي وكتاب نقد الاقتصاد السياسي. ارتفعت مبيعات تلك الكتب مع تحذير العمال البريطانيين للمصارف من الإبقاء على النظام المتدهور القائم ومع شفط الأغنياء للثروات في حين نصارع نحن وسط ديوننا وعدم أمان عملنا أو ما هو أسوأ من ذلك. بل إنّ هنالك مخرجاً مسرحياً صينياً يدعى هي نيان رسمل نهضة كتاب رأس المال ليبدع عملاً مسرحياً موسيقياً راقصاً.
وربما كان أجمل انعكاسٍ لثروات المنظرين الثوريين الملتحين المترفة، اختيار زبائن مصرف شباركاسة الألماني في شيمنتس لكارل ماركس من قائمةٍ تتضمن 10 أعضاء ليظهر في إصدارٍ جديدٍ لبطاقات ماستر كارد. وقد عرفت شيمنتس أيضاً في ألمانيا الشرقية الشيوعية بين العامين 1953 و1990 بمدينة كارل ماركس. من الواضح أنه بعد مرور أكثر من عقدين من سقوط جدار برلين، لم تكنس ألمانيا الشرقية السابقة ماضيها الماركسي. في العام 2008، وفي تقريرٍ نشرته وكالة رويترز، أظهرت دراسةٌ عن الألمان الشرقيين أن 52 بالمائة منهم يعتقدون بأن اقتصاد السوق الحر «غير مناسب» وأن 43 بالمائة قالوا إنهم يريدون عودة الاشتراكية. قد يكون كارل ماركس ميتاً ومدفوناً في مقبرة هايغيت، لكنه حيٌ وبحالةٍ جيدة في صفوف الألمان الجائعين للقروض. هل كان كارل ماركس سيعجب بسخرية صورته تنشر على بطاقةٍ تهدف إلى إغراق الألمان أكثر بالديون؟ ربما تطرح على نفسك هذا السؤال.
في وقتٍ لاحقٍ من هذا الأسبوع في لندن، سوف يحضر عدة آلافٍ من الناس مهرجان الماركسية 2012 الذي يستمر خمسة أيام وينظمه حزب العمال الاشتراكي. وهو حدثٌ سنوي، لكن ما يصدم المنظم جوزيف تشونارا هو كيف يزداد عدد الحضور الشباب في السنوات الأخيرة. فقد قال: «إن إعادة إحياء الاهتمام بالماركسية، ولاسيما بالنسبة للشباب، تأتي لأنها تقدم أدواتٍ لتحليل الرأسمالية، ولاسيما الأزمات الرأسمالية مثل تلك التي نعيشها الآن» .
حدثت وفرةٌ في الكتب التي تعلن عالياً نهوض الماركسية. في العام الماضي، نشر تيري إيغلتون أستاذ الأدب الإنكليزي كتاباً بعنوان: لماذا كان كارل ماركس محقاً. ونشر الفيلسوف الماوي الفرنسي آلان باديو كتاباً صغيراً أحمر اللون بعنوان: الفرضية الشيوعية، حمل على غلافه نجمةً حمراء (ماوي جداً، راهن جداً) انضم فيه إلى المؤمن ليقوم بالإرشاد في العصر الثالث من الفكر الشيوعي (باعتبار أن العصرين السابقين قد امتدا من إقامة الجمهورية الفرنسية في العام 1792 إلى مجزرة ثوار كومونة باريس في العام 1871، ومن العام 1917 إلى أفول ثورة ماو الثقافية في العام 1976). أليس هذا كله تضليلاً؟
أليست أفكار ماركس المبجلة مفيدةً لنا بقدر ما هو النول اليدوي مفيدٌ لتعزيز سمعة شركة آبل في مجال الابتكار؟ أليس حلم الثورة الاشتراكية والمجتمع الشيوعي خارج إطار المنطق في العام 2012؟ أقترح على رانسيير، في نهاية المطاف، أن البرجوازية قد فشلت في إنتاج حفاري قبورها. يرفض رانسيير التشاؤم: «لقد تعلمت البرجوازية كيف تجعل المستغَلين يدفعون ثمن أزماتها واستغلالهم لنزع سلاح خصومها. لكن علينا ألا نقلب فكرة الضرورة التاريخية ونستنتج أن الوضع الحالي أبدي. حفارو القبور ما زالوا هنا، على شكل عمالٍ يعانون أوضاعاً هشة مثل عمال المصانع المستغَلين على نحوٍ مفرطٍ في الشرق الأقصى. كما تشير الحركات الشعبية اليوم ـ في اليونان وغيرها ـ إلى أن هنالك إرادةً جديدةً في عدم السماح لحكوماتنا ومصرفيينا بأن تكبد الشعوبَ أزمتها» .
هذه هي على الأقل نظرة أستاذٍ ماركسي في السبعينيات من عمره. لكن ماذا عن الشباب من ذوي التوجهات الماركسية؟ سألت جاسويندر بلاك بال، وهي فتاة في الثانية والعشرين من عمرها، تدرس الإنكليزية والدراما في كلية غولدسميث، لندن، التي أنهت لتوها دورة إدارة أعمال في مجال اللغة الإنكليزية والدراما: لماذا لا تزال تعد الفكر الماركسي راهناً حتى الآن. تقول: «المسألة هي أن الناس الأصغر سناً لم يكونوا بعد موجودين حين كانت تاتشر في السلطة أو حين رُبطت الماركسية بالاتحاد السوفييتي. نحن أكثر ميلاً إلى النظر إليها بوصفها طريقةً لفهم ما نمر به الآن. فكر في ما يحدث في مصر. لقد كان سقوط مبارك ملهماً جداً، وحطم كثيراً من الأفكار النمطية ـ لم يكن من المفترض أن الديمقراطية أمرٌ يكافح الناس من أجله في العالم الإسلامي. يدافع هذا السقوط عن الثورة كمسار، وليس كحدث. حدثت إذاً ثورةٌ في مصر، وثورة مضادة وثورة مضادة للثورة المضادة. وما تعلمناه هو أهمية التنظيم».
إنه بالتأكيد مفتاح فهم نهوض الماركسية في الغرب: بالنسبة للشباب، لا يشوبها إشراكها مع معسكرات الاعتقال الستالينية. وبالنسبة إليهم أيضاً، يمارس انتصار فرانسيس فوكوياما في كتابه للعام 1992، نهاية التاريخ ـ الذي تبدو فيه الرأسمالية أمراً لا يقبل الجدال، والإطاحة بها أمراً غير قابلٍ للتصور ـ يمارس تأثيراً أقل على مخيلتهم مما يمارسه على مخيلة من يكبرونهم سناً.
سوف تتحدث بلاكويل بال يوم الخميس عن تشي غيفارا والثورة الكوبية في مهرجان الماركسية. تقول بعصبية: «ستكون تلك أول مرة أتحدث فيها عن الماركسية». لكن لماذا الحديث عن غيفارا وكاسترو في هذا اليوم وفي هذا العمر؟ لاشك في أن الثورة الاشتراكية العنيفة غير راهنة بالنسبة إلى نضال العمال اليوم، أليس كذلك؟ ترد: «أبداً! ما يحدث في بريطانيا مثيرٌ للاهتمام حقاً. لدينا حكومةٌ ضعيفةٌ جداً تغرق في صراعاتها الداخلية. أعتقد أننا إن كنا نستطيع حقاً تنظيم أنفسنا، فستتمكّن من طردهم». هل يستطيع البريطانيون إقامة ساحة تحرير خاصةٍ بهم، ومقابلاً لحركة 26 تموز التي أسسها كاسترو؟ دعوا امرأةً شابةً تحلم. بعد اضطرابات العام الماضي واليوم بعد استلاب الرجال الأغنياء في حكومة بريطانيا للبريطانيين، وحده من يكون مجنوناً يستطيع أن يزيحها.
من أجل نظرةٍ أخرى، أمضي نحو أوين جونز، وهو شابٌ شهيرٌ في السابعة والعشرين من عمره تظهر صورته على الملصقات وهو من اليسار الجديد ومؤلف أكثر الكتب السياسية مبيعاً في العام 2011، بعنوان «تشافس»: شيطنة الطبقة العاملة‘. هو في القطار، في طريقه إلى برايتون للتحدث في المؤتمر الموحد. ينصح قائلاً: «لن تكون هنالك ثورةٌ دمويةٌ في بريطانيا، لكن هنالك أملٌ في تشكيل الطبقة العاملة مجتمعاً للطبقة العاملة» .
يتابع أنه بالفعل، تخيل ماركس المتأخر في ستينيات القرن التاسع عشر مثل ذلك المجتمع ما بعد الرأسمالي بوصفه مكتسباً بطريقةٍ مغايرةٍ للثورة العنيفة.«نظر في توسيع الاقتراع والوسائل الأخرى من أجل إنجاز مجتمعٍ اشتراكي. واليوم، حتى اليسار التروتسكي لا يدعو إلى الثورة المسلحة. قد يقول اليسار الراديكالي إن القطيعة مع الرأسمالية لا يمكن إنجازها إلا بالديمقراطية وتنظيم الطبقة العاملة لإقامة وتثبيت هذا المجتمع العادل في وجه القوى التي يمكن أن تدمره».
يذكر جونز بأن والده، الذي كان مناضلاً مناصراً في السبعينيات، تمسك بفكرة الانخراط عبر تأمين انتخاب حكومةٍ عمالية ثم تنظيم الطبقة العاملة لضمان ولادة تمثل نجاحها. يقول:«أعتقد أن ذلك هو النموذج» . كم هو معادٍ لحزبٍ عمالي جديد. وبعد حديثنا وقوله ذاك، أرسل لي جونز رسالةً لتوضيح أنه ليس مناضلاً مناصراً أو تروتسكياً. بل إنه يرغب في وجود حكومةٍ عماليةٍ في السلطة تواصل برنامجاً سياسياً راديكالياً. في ذهنه كلمات بيان انتخابات شباط 1974 الذي أصدره حزب العمال، الذي عبر عن النية في «إحداث تحولٍ نهائي في توازن السلطة والثروة لمصلحة الطبقة العاملة وأسرها» . دعوا شاباً يحلم.
المدهش في نجاح جونز الأدبي هو استناده إلى إعادة إحياء الاهتمام بالسياسات المرتبطة بالطبقات، حجر الأساس في تحليل ماركس وإنغلز لتحليل المجتمع الصناعي. يقول جونز: «لو أنني كتبته قبل أربع سنوات، لرُفض بوصفه مفهوماً طبقياً يعود للستينيات» لكن الطبقة تعود إلى واقعنا، لأن الأزمة الاقتصادية تؤثر في الناس بمختلف الطرق ولأن ترنيمة التحالف «نحن منخرطون معاً في ذلك» عدائية وسخيفة. تستحيل المجادلة الآن مثلما تمت المجادلة في التسعينيات في أننا جميعاً ننتمي إلى الطبقة الوسطى. إصلاحات هذه الحكومة مبنية على الطبقة. فعلى سبيل المثال، يؤثر ارتفاع ضريبة القيمة المضافة في الطبقة العاملة تأثيراً متفاوتاً.
يقول: «إنها حربٌ طبقيةٌ مفتوحة. سيكون وضع الطبقة العاملة أسوأ في العام 2016 مما كان عليه في بداية القرن. لكنك متهم بأنك محاربٌ طبقي إذا وقفت في صف 30 بالمائة من السكان الذين يعانون على هذا النحو».
هذا ينسجم مع أمرٍ أخبرني به رانسيير. فقد جادل الأستاذ في أن «هنالك أمراً في الفكر الماركسي يبقى متماسكاً. إنه الصراع الطبقي. ماذا يعني اختفاء معاملنا، أي نزع تصنيع بلداننا ونقل العمل الصناعي إلى بلدانٍ أجر العمل فيها أدنى وأكثر طواعية، سوى فصلٍ في الصراع الطبقي تديره البرجوازية الحاكمة؟»
هنالك سببٌ آخر يدفعنا إلى التعلم من الماركسية ونحن نناضل في خضم الكساد الاقتصادي، غير تحليلها للصراع الطبقي. إنه تحليلها للأزمة الاقتصادية. يحاول سلافوي زيزيك في كتابه الجديد ’أقل من لاشيء: هيغل وظل المادية الديالكتيكية أن يطبق الفكر الماركسي عن الأزمات الماركسية على ما نعانيه الآن. التنافر الطبقي الأساسي في رأي زيزيك هو بين «القيمة الاستخدامية» و «القيمة التبادلية»
ما هو الفارق بينهما؟ يشرح الكاتب أن لكل سلعةٍ قيمة استخدامية، تقاس بفائدتها في تلبية الحاجات والرغبات. في المقابل، تقاس القيمة التبادلية لسلعةٍ تقليدياً بقيمة العمل المبذول في صنعها. في ظل الرأسمالية الحالية، أصبحت القيمة التبادلية مستقلة. «لقد تحولت إلى طيفٍ من رأسمالٍ ذاتي الدفع، يستخدم القدرات الإنتاجية وحاجات الناس الحقيقيين كتجسيدٍ مؤقتٍ له. لقد اشتق ماركس مفهومه عن الأزمة الاقتصادية من تلك الفجوة تماماً: تحدث أزمةٌ حين يتلاقى واقعٌ مع سراب التوليد الذاتي للمال الذي يولد مزيداً من المال ـ لا يستطيع هذا الجنون المضاربي أن يتواصل إلى الأبد، لابد أن ينفجر من الداخل إلى أزماتٍ أشد خطورةً. بالنسبة إلى ماركس، الجذر الأقصى للأزمة هو الفجوة بين القيمة الاستخدامية والقيمة التبادلية: يتبع منطق القيمة التبادلية مساره الخاص، رقصته التي صنعها بنفسه، بغض النظر عن الحاجات الحقيقية للناس الحقيقيين».
في مثل هذه الأيام الصعبة، من أكثر جدارةً بأن نقرأ له من أعظم منظرٍ للكوارث في تاريخ البشرية، كارل ماركس؟ وعلى الرغم من ذلك، أزيح انبعاث الاهتمام بالماركسية جانباً كاعتذارٍ عن «الشمولية الستالينية» في مدونةٍ جديدةٍ عن «الشيوعية الجديدة» لصحيفة وورلد أفيرز، كتب آلان جونسون، أستاذ النظرية والممارسة الديمقراطية في جامعة إدج هيل في لانكاشاير: «هنالك مؤخراً نظرةٌ عالميةٌ حول مصدر الألم والبؤس الهائلين، وهي مسؤولةٌ عن وفياتٍ يفوق عددها ما تسببت به الفاشية والنازية، تعود مؤخراً بقوة؛ إنها شكلٌ جديدٌ من الشمولية اليسارية التي تتمتع بشهرةٍ فكريةٍ لكنها تطمح إلى السلطة السياسية
«الشيوعية الجديدة» تهمنا ليس فقط بسبب فضائلها الفكرية بل لأنها ربما تؤثر في شرائح من الأوروبيين الشباب في سياق ديمقراطيةٍ اجتماعيةٍ مستنزفة، وتقشفٍ وثقافةٍ فكريةٍ من قرف الذات. وبسبب تمتعها بهذا القدر من الإغواء، لا نستطيع الاكتفاء بهز رؤوسنا وتجاوزها» .
هنا الخشية: أن أولئك اليساريين العجائز مثل زيزيك وباديو ورانسيير وإنغلتون سيفسدون عقول الشباب البريئين. لكن هل تعني قراءة نقد ماركس وإنغلز للرأسمالية أنك تحمل وجهة نظرٍ عالميةٍ المسؤولية عن وفياتٍ يفوق عددها ما تسببت به النازية؟ بالتأكيد، لا يوجد خطٌ مستقيم بين البيان الشيوعي ومعسكرات الاعتقال، ولا سبب يدفع شباب اليسار إلى أن يتبنوا من دون نقدٍ أكثر أفكار باديو فتوراً. اقترح البروفيسور إريك هوبسباوم في ’مقدمة الطبعة الجديدة للبيان الشيوعي‘ أن ماركس كان محقاً حين جادل بأنه «لا يمكن أبداً تجاوز تناقضات نظام السوق الذي لا يستند إلى رابطةٍ بين الإنسان والإنسان سوى الاهتمام العاري بالذات، سوى ’الدفع نقداً‘ المتحجر، نظام استغلالٍ من ’المراكمة التي لا تنتهي‘: إن تطور هذا النظام المزعزِع أساساً سوف يؤدي في وقتٍ معينٍ وضمن سلسلةٍ من التحولات وعمليات إعادة هيكلته إلى وضعٍ لن يعود بالإمكان أن نصفه بالرأسمالية»
إنه المجتمع ما بعد الرأسمالي كما حلم به الماركسيون. لكن كيف سيكون؟ «من غير المحتمل أبداً أن ينطبق مثل ذلك ’المجتمع ما بعد الرأسمالي‘ مع النماذج التقليدية للاشتراكية بل وأقل مع الاشتراكيات ’ التي وجدت حقاً‘ في الحقبة السوفييتية،» هذا ما يجادل به هوبسباوم، مضيفاً أنه سيتضمن بالضرورة مع ذلك انتقالاً من الملكية الخاصة إلى الإدارة الاجتماعية على المستوى العالمي. «سوف تتعلق الأشكال التي يمكن أن يتخذها ومدى تضمنه للقيم الإنسانية في شيوعية ماركس وإنغلز بالعمل السياسي الذي أدى إلى مثل ذلك التغير».
إنها بالتأكيد الماركسية بأكثر ملامحها تحريراً، مقترحةً بأن مستقبلنا يعتمد علينا وعلى استعدادنا للكفاح. أو كما كتب ماركس وأنغلز في آخر البيان الشيوعي: «دعوا الطبقات الحاكمة ترتجف بسبب الثورة الشيوعية. ليس لدى البروليتاريين ما يخسرونه سوى أغلالهم. ولديهم العالم ليربحوه».
الماركسية 2012، الكلية الجامعية وبيت لقاء الأصدقاء، لندن، 5-9 تموز.