نحو سيناريو حربٍ عالميةٍ ثالثة.. العدوان على إيران.. وموازين القوى والتأثير العسكرية والسياسية.. (2-2)
يتحاشى المحلّلون العسكريون للناتو والولايات المتحدة عرضاً، مسألة تساقط الغبار المشع والتلوث الإشعاعي نتيجة استخدام «أسلحةً نوويةً تكتيكية» في العدوان المخطط على إيران، في حين أنها ستكون كارثيةً، وستؤثّر على مساحاتٍ شاسعة من منطقة الشرق الأوسط (ومن ضمنها «إسرائيل») وآسيا الوسطى.
في منطقٍ ملتوٍ، تقدّم الأسلحة النووية بوصفها أداةً لبناء السلام ومنع «الأضرار الجانبية»: تشكّل إيران الخالية من الأسلحة النووية تهديداً للأمن العالمي، في حين أنّ الأسلحة النووية الإسرائيلية والأمريكية مجرد أدواتٌ للسلام «لا تتسبب بأي أذى للسكّان المدنيين».
«أمّ القنابل» مرشّحةٌ للاستخدام ضدّ إيران
من بين الأسلحة التقليدية الأمريكية ذات الأهمية العسكرية، «سلاحٌ وحشٌ» زنته 21.500 ليبرة، لقبه «أمّ القنابل» وهو GBU-43/B، وكان يعدّ أقوى الأسلحة غير النووية على الإطلاق، والأعظم تأثيراً من بين ترسانة الأسلحة التقليدية.
تمّ اختبار «أمّ القنابل» في مطلع آذار 2003 قبل نشرها في ميدان الحرب العراقية. وفقاً لمصادر عسكرية أمريكية، فإنّ هيئة الأركان المشتركة أطلعت حكومة صدّام حسين قبل شنّ الهجوم في العام 2003 بأنّ «أمّ القنابل» قد تستخدم ضدّ العراق.. والحقيقة أن هنالك تقارير غير مؤكّدة عن استخدامها في العراق.
أكّدت وزارة الدفاع الأمريكية في تشرين الأول 2009 أنّها تنوي استخدام «أمّ القنابل» ضدّ إيران. يقال إنّ القنبلة «مثاليةٌ لضرب المنشآت النووية المدفونة عميقاً تحت الأرض مثل موقعي ناتنز وقُم في إيران». (جوناتان كارل، هل تستعد الولايات المتحدة لقصف إيران؟ أخبار ABC، 9 تشرين الأول 2009). حقيقة الأمر أنّ «أمّ القنابل»، ونظراً لقدرتها التدميرية، ستتسبب بإصاباتٍ هائلةٍ في صفوف المدنيين. فهي «آلة قتلٍ» تقليدية تصنع غمامة فطرٍ من نمط الغمامة النووية.
اقتضى اقتناء أربع قنابل في تشرين الأول 2009 كلفةً باهظةً مقدارها 58.4 مليون دولار (14.6 مليون دولار لكلّ قنبلة). يتضمّن هذا المبلغ تكاليف تطوير واختبار وتهيئة القنابل لوضعها في قاذفات B-2 الخفية. (المصدر السابق) يتّصل هذا الاقتناء مباشرةً بتحضيرات الحرب ضدّ إيران. الإخطار متضمّنٌ في «مذكّرة إعادة البرمجة» (93 صفحة) التي تتضمّن التعليمات التالية:
«للوزارة حاجةٌ عملياتية ملحّة UON لامتلاك قدرة ضرب أهدافٍ شديدة التحصين ومدفونة عميقاً تحت الأرض في بيئةٍ بالغة الخطورة. اختيار «أمّ القنابل» يلبّي متطلّبات الحاجة العملياتية الملحّة». وذكر كذلك بأنّ «الطلب صادقت عليه قيادة الباسيفيك (المسؤولة عن كوريا الشمالية) والقيادة المركزية (المسؤولة عن إيران)» (أخبار ABC، مصدر سابق، التشديد للمؤلف).
يخطّط البنتاغون لعملية تدميرٍ شاملٍ للبنية التحتية في إيران والتسبب في إصاباتٍ هائلةٍ في صفوف المدنيين من خلال الاستخدام المتكامل للقنابل النووية التكتيكية والقنابل الوحشية التقليدية التي تنشر غمامةً على هيئة الفطر، ومن ضمنها «أمّ القنابل» وقنبلة GBU-57A/B الأكبر أو قنبلة الاختراق الكلّيMOP التي تفوق في قدرتها التدميرية قدرة «أمّ القنابل».
توصف قنبلة MOP بأنّها «قنبلة هائلة حديثة تستهدف مباشرةً المنشآت النووية تحت الأرض في إيران وكوريا الشمالية. القنبلة العملاقة أطول من صفٍ مؤّلفٍ من أحد عشر شخصاً أو أكثر من عشرين قدماً من الرأس حتّى الذيل» (انظر إدوين بلاك، قنابل فائقة لتدمير الملاجئ وسريعة التعقّب قد تستخدم في مواجهة البرنامج النووي لإيران وكوريا الشمالية، كاتينغ إيدج، 21 أيلول 2009).
إنّها أسلحة دمارٍ شاملٍ بالمعنى الحرفي للعبارة. الهدف غير الخفي لقنابل «أمّ القنابل» وMOP هو التدمير الشامل والتسبّب في عددٍ هائلٍ من الإصابات بين المدنيين بهدف غرس الخوف واليأس.
فنّ التسلّح
تدعم حرب النجوم مسار القرار العسكري الأمريكي المتعلّق بإيران، عسكرة الفضاء الخارجي وثورة أنظمة المعلوماتية والاتصالات. آخذين بالاعتبار تطوّر التقانة العسكرية وتطوّر منظومات الأسلحة الحديثة، فإنّ هجوماً على إيران قد يكون مختلفاً جداً، بمعنى دمج منظومات الأسلحة، مقارنةً مع الهجوم الخاطف على أراضي العراق في آذار 2003. عملية إيران مرشّحةٌ لاستخدام أكثر منظومات الأسلحة تطوراً لمساندة الهجمات الجوّية. ومن المرجّح اختبار منظومات أسلحة جديدة.
توجز وثيقة مشروع القرن الأمريكي الجديد في العام 2000، وعنوانها إعادة بناء الدفاعات الأمريكية، صلاحية الجيش الأمريكي في حروبٍ مسارحها واسعة النطاق، تشنّ على نحوٍ متزامنٍ في شتّى بقاع العالم:
«خض المعركة وحقق النصر في حروبٍ رئيسية متنوعة ومتزامنة»..
تعادل هذه الصيغة حرباً عالميةً تخوضها منفردةً قوّةٌ عظمى إمبريالية. دعت وثيقة المشروع كذلك لنقلةٍ في القوّات المسلّحة لاستغلال «الثورة في الشؤون العسكرية»، أي تطبيق شعار «الحرب أضحت ممكنةً من خلال التقنيات الحديثة» (انظر مشروع القرن الأمريكي الجديد، إعادة بناء الدفاعات الأمريكية، واشنطن العاصمة، أيلول 2000، pdf). يختصّ الأخير بتطوير وإتقان فنّ آلة حربٍ عالميةٍ قائمةٍ على ترسانة أسلحةٍ جديدةٍ متطوّرة، ستحلّ في نهاية المطاف محلّ النماذج الحالية.
«هكذا يمكن التنبّؤ بأنّ مسار التحوّل سيكون في الواقع مساراً من مرحلتين: أولاً الانتقال، ثمّ مزيدٌ من التحوّل الكامل. تتعيّن نقطة التوقّف حين تبدأ غالبية الأسلحة الجديدة الدخول في الخدمة، ربما حين تبدأ، على سبيل المثال، وسائط جوّية بغير ملاّحين بحجم الطائرات التي يقودها ملاّحون. في هذا الصدد، ينبغي على البنتاغون أن يكون محترساً للغاية من وضع استثماراتٍ ضخمة في برامج جديدة ـ دبابات، طائرات، حاملات طائرات على سبيل المثال ـ ما يلزم القوات الأمريكية بالنماذج الراهنة للحرب لعدّة عقود». (المصدر السابق، التشديد للمؤلّف).
قد تسم الحرب على إيران واقعياً نقطة التوقّف الحاسمة تلك، تطبيق منظومات أسلحةٍ تتموضع في الفضاء الخارجي من منظار تحييد عدوٍّ يمتلك قدراتٍ عسكريةً تقليديةً تتضمّن أكثر من نصف مليون من القوات البرّية.
الأسلحة الإلكترومغناطيسية
يمكن استخدام الأسلحة الإلكترومغناطيسية لزعزعة منظومات الاتصالات الإيرانية، وإضعاف مولّدات الطاقة الكهربائية، وتقويض وزعزعة القيادة والتحكّم، والبنية التحتية الحكومية والنقل والطاقة، إلخ. من ضمن أسرة هذا النوع من الأسلحة، هنالك تقنيات تعديل البيئة ENMOD (حرب الطقس) المطوّرة بإشراف برنامج هارب HAARP والتي يمكن تطبيقها أيضاً. (انظر ميشيل شوسودوفسكي، «امتلاك الطقس» للاستخدام العسكري، أبحاث العولمة، 27 أيلول 2004) منظومات الأسلحة تلك جاهزةٌ بالكامل للعمل. في هذا السياق، اعترفت وثيقة القوى الجوّية AF 2025 صراحةً بالتطبيقات العسكرية لتقنيات تعديل الطقس:
«سيصبح تعديل الطقس جزءاً من الأمن الدولي والقومي ويمكن استخدامه من جانبٍ واحد... يمكن أن تكون له تطبيقاتٌ دفاعية وهجومية، بل قد يستخدم لأغراض الردع. القدرة على إنتاج المطر والضباب والعواصف على سطح الأرض أو تعديل طقس الفضاء، وتحسين الاتصالات من خلال تعديل طبقة الإيونوسفير (استخدام مرايا إيونوسفيرية) وخلق طقسٍ اصطناعي، جميعها جزءٌ من مجموعةٍ متكاملةٍ من التقنيات يمكن أن تزيد من القدرات الأمريكية الجوهرية، أو تضعف قدرات الخصم، لإحراز القوة والاطلاع والاستطاعة على مستوىالعالم». (التقرير النهائي للقوى الجوّية 2025، انظر أيضاً القوى الجوّية الأمريكية: الطقس كقوّةٍ مضاعفة: امتلاك الطقس في العام 2025 في الرابط AF2025 v3c15-1 | Weather as a Force Multiplier: Owning... | (Ch 1) في الموقع www.fas.org).
الإشعاعات الإلكترومغناطيسية القادرة على «إتلاف الصحّة عن بعد» قد توضع في الحسبان في ميدان الحرب أيضاً. (انظر موجمير باباسيك، أسلحة الاستعلام والأسلحة الإلكترومغناطيسية، أبحاث العولمة، 6 آب 2004).
وعلى نحوٍ متتابع، قد يضع الجيش الأمريكي في اعتباره الاستخدامات الحديثة للأسلحة البيولوجية كما تقترح وثيقة المشروع: «الأشكال المتطوّرة من الحرب البيولوجية التي بوسعها استهداف أنماطٍ وراثيةٍ محدّدة قد تنقل الحرب البيولوجية من عالم الإرهاب إلى أداةٍ سياسيةٍ مفيدة». (PNAC، مصدر سبق ذكره، ص60).
قدرات إيران العسكرية: الصواريخ متوسطة وطويلة المدى
تمتلك إيران قدراتٍ عسكريةً متطورة، ومن ضمنها صواريخ طويلة ومتوسطة المدى قادرة على بلوغ أهدافٍ في «إسرائيل» ودول الخليج. لذلك، يشدّد تحالف «إسرائيل» ـ الناتو ـ الولايات المتحدة على استخدام الأسلحة النووية، التي من المرشح استخدامها على نحوٍ استباقيٍّ أو رداً على هجومٍ صاروخيٍّ إيراني انتقامي.
في تشرين الثاني 2006، اتّسمت اختبارات إيران لصواريخ أرض ـ أرض بالتخطيط الدقيق في عمليةٍ منظّمةٍ بعناية. وفقاً لخبيرٍ أمريكي في الصواريخ (نقلاً عن ديبكا)، «عرض الإيرانيون أحدث تقنيةٍ لإطلاق الصواريخ يجهل الغرب امتلاكهم لها». (انظر ميشيل شوسودوفسكي، «قوة الردع» الإيرانية، أبحاث العولمة، 5 تشرين الثاني 2006) اعترفت «إسرائيل» بأنّ «شهاب ثلاثة، مداه 2000 كم، يضع «إسرائيل» والشرق الأوسط وأوروبا في مدى الاستهداف» (ديبكا، 5 تشرين الثاني 2006).
وفقاً لعوزي روبن، الرئيس السابق لبرنامج القذائف المضادة للصواريخ الإسرائيلي، فإنّ «كثافة المناورات العسكرية غير مسبوقة... يعني ذلك خلق انطباع... وقد تمّ خلق هذا الانطباع» (www.cnsnews.com، 3 تشرين الثاني 2006).
لم تعدّل مناورات العام 2006، ولو أنّها أثارت هياجاً سياسياً في إسرائيل والولايات المتحدة، قرار الناتو ـ إسرائيل ـ الولايات المتحدة بمهاجمة إيران.
أكّدت طهران في تصريحاتٍ كثيرةٍ أنّها ستردّ إن تعرّضت للهجوم. ستكون إسرائيل الهدف المباشر لهجمات الصواريخ الإيرانية كما أكّدت الحكومة الإيرانية. هكذا، فإنّ مسألة منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية حاسمة. المنشآت العسكرية الخاصة بالولايات المتحدة والحلفاء في دول الخليج وتركيا والسعودية وأفغانستان والعراق ستكون أيضاً هدفاً للهجمات الإيرانية.
القوات البرّية الإيرانية
في حين تقوم قواعد الولايات المتحدة والحلفاء العسكرية بتطويق إيران، تمتلك الجمهورية الإسلامية قدراتٍ عسكريةً معتبرة الأمر الهامّ هو الحجم المطلق للقوات الإيرانية من حيث التعداد (الجيش، الأسطول، القوات الجوية) مقارنةً بقوّات الناتو ـ الولايات المتحدة العاملة في أفغانستان والعراق.
تعاني قوّات التحالف الإرهاق في العراق وأفغانستان بسبب تصدّيها للتمرّدات حسنة التنظيم. هل ستملك تلك القوّات القدرة على الصمود إذا دخلت القوات الإيرانية البرّية ميادين الحرب الحالية في أفغانستان والعراق؟ سيكون هنالك تأثيرٌ حتمي لحركة مقاومة الاحتلال الأمريكي ـ الأطلسي.
يبلغ عديد القوات البرية الإيرانية 700 ألف، منهم 130 ألف جنديٍّ محترف، و220 ألفاً من جنود الخدمة الإلزامية و350 ألفاً من جنود الاحتياط (انظر جيش جمهورية إيران الإسلامية، ويكيبيديا): هنالك 18 ألف عامل في الأسطول الإيراني و52 ألفاً في القوات الجوية. وفقاً للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، «يقدّر عديد الحرس الثوري بما يقارب 125 ألفاً في خمسة فروعٍ خاصّةٍ به: الأسطول، القوات الجوية، القوات البرية وقوات القدس (قوات خاصة)». ووفقاً لـCISS، «يبلغ عديد قوات الباسيج شبه العسكرية التي يشرف عليها الحرس الثوري ما يقارب 90 ألفاً من الأعضاء المتفرغين وموحّدي الزيّ، وحوالي 300 ألف عضوٍ احتياطي، وما إجماله 11 مليون رجل يمكن حشدهم حين تدعو الضرورة» (القوات المسلحة لجمهورية إيران الإسلامية، ويكيبيديا). بكلماتٍ أخرى، يمكن لإيران أن تحشد أكثر من نصف مليون من الجنود النظاميين وعدّة ملايين من عناصر الميليشيا. كما أنّ قوّاتها الخاصة (القدس) تعمل داخل العراق.
المنشآت العسكرية الخاصة بالولايات المتحدة والحلفاء تطوّق إيران منذ عدّة سنوات، لكن إيران تستمر في إجراء مناوراتها وتدريباتها العسكرية الخاصة بها. وفي حين أنّ قواتها الجوّية يعتريها الضعف، فإنّ صواريخها بعيدة ومتوسطة المدى في جهوزيةٍ تامة. الجيش الإيراني في حالة تأهّب. تحتشد القوات الإيرانية حالياً على مسافة بضعة كيلومترات من الحدود العراقية والأفغانية، وعلى مقربةٍ من الكويت. كما أنّ الأسطول الإيراني منتشر في الخليج الفارسي على مقربةٍ من المنشآت العسكرية الخاصة بالحلفاء والولايات المتحدة في الإمارات العربية المتحدة.
من الجدير بالملاحظة أنّ الولايات المتحدة، ردّاً على ما تعتبره «التصعيد الإيراني»، تنقل كميّاتٍ هائلةً من الأسلحة لحلفائها من خارج الناتو في الخليج الفارسي ومن ضمنها الكويت والسعودية. ومع أنّ أسلحة إيران المتطوّرة لا تقارن بمثيلاتها في الولايات المتحدة والناتو، فستكون القوات الإيرانية في موضعٍ تستطيع من خلاله تكبيد قوات التحالف خساراتٍ فادحةً في ميدان حربٍ تقليدية، في أراضي العراق وأفغانستان. عبرت قوات المشاة الإيرانية برفقة الدبابات حدود العراق في كانون الأول 2009 من دون أن تلقى أيّة مجابهةٍ أو أي تهديدٍ من قوات التحالف واحتلّت منطقةً متنازعاً عليها شرقي حقل ميسان النفطي.
حتّى في حالة هجومٍ خاطفٍ مؤثّر، يستهدف منشآت إيران العسكرية، وأنظمة اتصالاتها، إلخ. من خلال قصفٍ جويٍّ شاملٍ واستخدام صواريخ كروز، وقنابل تدمير الملاجئ التقليدية وأسلحة نووية تكتيكية، فحالما تبدأ الحرب مع إيران، ستؤدّي في المحصّلة إلى حربٍ برّية. وهو أمرٌ أخذه المخططون العسكريون الأمريكيون في اعتبارهم في سيناريوهات محاكاة الحرب الحقيقية.
ستتسبب عمليةٌ من هذا القبيل بإصاباتٍ معتبرة في صفوف المدنيين والعسكريين، خاصّةً في حال استخدام أسلحة نووية.
كذلك، ستستخدم الميزانية الموسعة للحرب في أفغانستان التي تناقش حالياً في الكونغرس في إطار احتمال شنّ حربٍ على إيران أيضاً.
ضمن سيناريو التصعيد، قد تعبر القوات الإيرانية الحدود العراقية والأفغانية، وبالتتابع، فالتصعيد العسكري باستخدام أسلحة نووية سيقودنا إلى سيناريو حربٍ عالميةٍ ثالثة، ستمتد خارج حدود منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
بواقعيةٍ شديدة، يهدّد هذا المشروع العسكري، والموضوع على طاولات البنتاغون منذ أكثر من خمس سنوات، مستقبلَ البشرية.
تركيزنا هنا على استعدادات الحرب. وحقيقة أنّ تحضيرات الحرب بلغت مرحلةً متقدمة من الجهوزية لا يعني بالضرورة أنّ مخططات الحرب تلك سوف تنفّذ.
يدرك تحالف كل من «إسرائيل» ـ الناتو ـ الولايات المتحدة أنّ لدى العدوّ قدراتٌ معتبرة للردّ والثأر. كان هذا العامل حاسماً بذاته خلال السنوات الخمس المنصرمة في إرجاء قرار الولايات المتحدة وحلفائها بشنّ الحرب على إيران.
كما أنّ بنية التحالفات العسكرية تشكّل عاملاً آخر، ففي حين صار الناتو قوّةً هائلة، تعاني منظّمة شنغهاي للتعاون، التي تشكّل تحالفاً بين روسيا والصين وعددٍ من جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً، من ضعفٍ ملحوظ.
المقصود من التهديدات العسكرية المتواصلة التي توجهها الولايات المتحدة للصين وروسيا إضعاف منظمة شنغهاي للتعاون وكبح أيّ شكلٍ من التحركات العسكرية قد يقوم به حلفاء إيران في حال شنّ هجومٍ إسرائيلي ـ أطلسي ـ أمريكي.
لنمنع وقوع العدوان!
ما هي القوى الموازية التي تستطيع منع حدوث هذه الحرب؟ هنالك الكثير من القوى المتقدّمة تعمل ضمن أدوات الدولة الأمريكية والكونغرس والبنتاغون والناتو.
القوة المركزية في منع نشوب الحرب تأتي في المحصلة النهائية من قاعدة المجتمع، تتطلّب تحرّكاتٍ فعّالةً مناهضةً للحرب يخوضها مئات الملايين في أرجاء العالم، على المستويين الوطني والدولي.
ينبغي أن يحتشد الناس ليس في مواجهة أجندة الحرب الشيطانية فحسب، بل ينبغي تحدّي سلطة الدولة ومسؤوليها.
يمكن منع هذه الحرب إن واجه الناس حكوماتهم بقوّة، وضغطوا على ممثليهم المنتخبين، ونظّموا أنفسهم على مستوى المدن والقرى والبلديات، ونشروا الكلمة وأبلغوا مواطنيهم بعقابيل حربٍ نووية، واستهلّوا نقاشاً وحواراً داخل القوات المسلحة.
عقد التظاهرات الجماهيرية والاحتجاجات المناهضة للحرب غير كافٍ. المطلوب هو تطوير شبكةٍ جماهيريةٍ واسعةٍ وحسنة التنظيم لتحدّي هياكل القوّة والسلطة.
المطلوب هو حركةٌ جماهيريةٌ تتحدّى بقوّةٍ شرعية الحرب، حركةٌ شعبيةٌ عالميةٌ تجرّم الحرب.
عن موقع أبحاث العولمة.. آب 2010
*أستاذ فخري للاقتصاد في جامعة أوتاوا ومدير أبحاث العولمة في مونتريال.