مقدمة كتاب: «الأزمة الاقتصادية العالمية.. والكساد الكبير في القرن الحادي والعشرين».. الأزمة الاقتصادية العالمية ستتفاقم.. والتعافي المزعوم مجرد وهم!
النص التالي هو مقدّمة كتاب «الأزمة الاقتصادية العالمية، الكساد الكبير في القرن الحادي والعشرين»، الصادر عن مركز أبحاث العولمة في مونتريال 2010، وقد كتبها كلٌّ من«شوسودوفسكي» و«مارشال».
يميط المؤلفون في هذه المجموعة من الكتابات اللثام عن شبكةٍ معقّدة من الأكاذيب والأضاليل التي أطلقتها وسائل الإعلام، فساهمت في تمويه آليات النظام الاقتصادي العالمي وتأثيراته المدمّرة على حيوات الناس.. وقد تفحّص المؤلّفون الواردة أسماؤهم لاحقاً، تفحّصاً عميقاً المسبّبات المعقّدة للأزمة الاقتصادية وعواقبها المدمّرة. ومؤلفو الكتاب هم: إلين براون، توم بورغارت، ميشيل شوسودوفسكي، ريتشارد كوك، شاموس كوك، جون بيلامي فوستر، مايكل هدسون، تانيا كارينا هسو، فريد ماغدوف، أندرو غيفن مارشال، جيمس بتراس، بيتر فيليبس، بيتر ديل سكوت، بيل فان أوكن، كلوديا فان فيرلهوف، مايك ويتني.
على الرغم من تنوّع وجهات النظر المعروضة ضمن هذا المجلّد، فقد توصّل المساهمون جميعاً في نهاية المطاف إلى الاستنتاج نفسه: الإنسانية في مفترق طرقٍ أمام الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الأكثر خطورةً في التاريخ المعاصر.
المقدمة..
الركود الاقتصادي متأصّلٌ في مناطق العالم الرئيسية كافّةً، ويسبّب بطالةً شاملةً وانهيار البرامج الاجتماعية الرسمية وإفقار ملايين الناس. رافقت الأزمة الاقتصادية عملية «عسكرةٍ» واسعة النطاق، «حربٌ بلا حدود» قادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو. إدارة حرب البنتاغون طويلة الأمد وثيقة الصلة بإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي.
لا نتعامل مع أزمةٍ اقتصاديةٍ أو ركودٍ محدّدين بدقّة. فالبنيان المالي العالمي يعزّز أهدافاً أمنيةً قوميةً واستراتيجية. في المقابل، تدعم أجندة الناتوـ واشنطن العسكرية نخبة رجال الأعمال المتنفّذة التي تحجب بلا هوادةٍ وظائف الحكومة المدنية وتقوّضها. يتيح هذا الكتاب للقارئ التجوّل في دهاليز الاحتياطي الفدرالي ومجلس العلاقات الخارجية، ووراء الأبواب الموصدة لبنك التسويات الدولية ولغرف الاجتماعات الفاخرة الخاصة بالشركات الكبرى في وول ستريت حيث تعقد الصفقات المالية على نحوٍ روتيني على حواسيب مرتبطةٍ بأسواق الأوراق المالية الرئيسية، وبلمسة زر.
يحفر كلّ مؤلّفٍ في هذه المجموعة تحت السطح المموّه لفضح الشبكة المعقّدة من الأكاذيب والأضاليل التي أطلقتها وسائل الإعلام وساهمت في حجب عمل النظام الاقتصادي العالمي وتأثيراته المدمّرة على حيوات الناس. تركّز تحليلاتنا على دور الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين الأقوياء في بيئةٍ منسوجةٍ من الفساد والتلاعبات المالية والخداع.
وعلى الرغم من تنوّع وجهات النظر المعروضة ضمن هذا المجلّد، فقد توصّل المساهمون جميعاً في نهاية المطاف إلى الاستنتاج نفسه: الإنسانية في مفترق طرقٍ أمام الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الأكثر خطورةً في التاريخ المعاصر.
كان انهيار الأسواق المالية في العام 2008-2009 حصيلة خداعٍ ممأسسٍ وتلاعباتٍ مالية. حدثت «عمليات إنقاذ المصارف» استجابةً لتعليمات وول ستريت، وأدّت إلى أكبر عملية نقلٍ للثروة النقدية في التاريخ المكتوب، وخلقت في الوقت عينه ديناً عاماً يستحيل تحمّل أعبائه.
مع التدهور العالمي لمستويات المعيشة وهبوط الإنفاق الاستهلاكي، أحاق الخطر بكامل بنية تجارة السلع الدولية. أصبح نظام مدفوعات التعاملات النقدية في حالة فوضى. بعد انهيار العمالة، تعرقل دفع الأجور، ما تسبّب بدوره في هبوط الإنفاق على السلع والخدمات الاستهلاكية والأساسية. هذا الانهيار في القوّة الشرائية أثّر عكسياً على نظام الإنتاج، مؤدّياً إلى سلسلةٍ من التسريحات المؤقّتة وإغلاق المنشآت والإفلاسات. كذلك ساهم هبوط الطلب الاستهلاكي، بعد أن فاقمه تجميد التسليف، في إنهاء تحفيز الموارد البشرية والمادية.
اتّخذ مسار الانحدار الاقتصادي منحىً تراكمياً، وطالت آثاره جميع فئات قوّة العمل. الأجور المستحقّة لا تُدفَع، التسليف معرقَل، استثمارات رأس المال متوقّفة... في الوقت الحالي، في بلدان الغرب، يحيق الخطر أيضاً بـ«شبكة الأمان الاجتماعي» الموروثة من دولة الرفاه والتي أمّنت الحماية للعاطلين عن العمل خلال فترات الانكماش الاقتصادي.
أسطورة التعافي الاقتصادي
يتمّ إخفاء وجود «كسادٍ كبيرٍ» من مستوى كساد ثلاثينيات القرن الماضي، رغم الاعتراف به، بإجماعٍ حازم: «الاقتصاد في طريق التعافي».
وفي حين يجري الحديث عن تجدّدٍ اقتصادي، يتغاضى معلّقو وول ستريت بإصرارٍ وتعمّدٍ عن حقيقة أنّ الانهيار المالي لا يتألّف فحسب من فقاعةٍ واحدة ـ فقاعة العقارات السكنية ـ سبق لها أن انفجرت. واقع الحال أنّ للأزمة عدّة فقاعات، أقلّها شأناً فقاعة العقارات التي انفجرت في العام 2008.
وعلى الرغم من عدم وجود تبايناتٍ أساسيةٍ داخل التيّار السائد من المحلّلين حول ظهور تعافٍ اقتصادي، لكنّ نقاشاً حادّاً يدور بينهم حول اللحظة التي سيحدث بها، هل في الربع القادم، أم في الربع الثالث من السنة القادمة... وهلمّ جرا. تمّ التنبّؤ مسبقاً بـ«تعافي» اقتصاد الولايات المتحدة في مطلع العام 2010. وتمّ تأكيده من خلال وابلٍ من التضليل الإعلامي البليغ. في هذه الأثناء، يتمّ التمويه بعنايةٍ شديدةٍ على المأزق الاجتماعي الذي يمثّله تصاعد البطالة في الولايات المتحدة، وينظر الاقتصاديون إلى الإفلاس بوصفه ظاهرةً اقتصاديةً جزئية.
ومع أنّ التقارير الإعلامية المتعلّقة بالإفلاسات تكشف وقائع على المستوى المحلي تؤثّر على مصنعٍ أو أكثر، لكنّها تخفق في تقديم صورةٍ كلّيةٍ عمّا يحدث على المستوى الوطني أو الدولي. عندما تجمع معاً كلّ عمليات إغلاق المنشآت المتزامنة تلك في المدن والبلدات، ستبرز صورةً مختلفة: يتمّ إغلاق قطاعاتٍ كاملةً من الاقتصاد الوطني.
يتواصل تضليل الرأي العام فيما يتعلّق بأسباب الأزمة الاقتصادية وعواقبها، ناهيك عن الحلول السياسية. يدفع الناس للاعتقاد بأنّ للاقتصاد منطقه الخاصّ الذي يعتمد على التفاعل الحرّ لقوى السوق، وأنّ الفاعلين الماليين المتنفّذين الذين يحرّكون الخيوط في مجالس إدارات الشركات لا يستطيعون بتاتاً أن يؤثّروا عمداً على مجرى الأحداث الاقتصادية.
فالاستيلاء على الثروة بالاحتيال والبطش مشروعٌ بوصفه جزءاً من «الحلم الأمريكي» ووسيلةً لنشر منافع النموّ الاقتصادي. وكما يخبرنا مايكل هدسون، تصبح الأسطورة محصّنةً بأنّه «دون ثروةٍ في القمّة، لن يكون هنالك فتاتٌ في القاع». يخفي مثل هذا المنطق الخاطئ عن دورة الاقتصاد الأصول التاريخية والبنيوية للأزمة الاقتصادية العالمية.
الاحتيال المالي
يخدم التضليل الإعلامي على نحوٍ واسع النطاق مصالح حفنةٍ من المصارف العالمية والمضاربين المؤسّساتيين الذين يستخدمون سيطرتهم على أسواق المال والسلع لتكديس مقادير هائلة من الثروة النقدية. تسيطر هيئات الشركات الكبرى ومن ضمنها المضاربون على أجهزة الدولة. تيسّر «عمليات إنقاذ المصارف» حالياً، والتي سوِّقت للجمهور بوصفها من ضرورات التعافي الاقتصادي، المزيد من عمليات الاستيلاء على الثروة وتشرعنها. تكتسب مقادير هائلة من الثروة النقدية من خلال التلاعب بالأسواق، وغالباً ما يشار إلى ذلك بوصفه «إلغاءً لقيود التنظيم»، حيث طوّرت الأدوات المالية وسائل بالغة التعقيد للتلاعب والاحتيال الصريح. فمن خلال المعلومات السرّية والمعرفة المسبقة، يمتلك الفاعلون الماليون الرئيسيون، باستخدام أدوات تجارة المضاربة، القدرة على العبث بحركة الأسواق والتلاعب بها تحقيقاً لمصالحهم، معجّلين في انهيار المنافسين ودافعين اقتصادات البلدان النامية نحو الخراب. لقد صارت أدوات التلاعب هذه جزءاً مكمّلاً للبنيان المالي، وأصبحت جزءاً لا يتجزّأ من النظام نفسه.
إخفاق علم الاقتصاد السائد
نادراً ما تعالج مهنة الاقتصاد، وخاصّةً في الجامعات، عمل الأسواق في «عالم الواقع» الحقيقي. تصلح التركيبات النظرية القائمة على النماذج الرياضية لتصوير عالمٍ خياليٍّ مجرّدٍ يكون الأفراد فيه متساوين، حيث لا يوجد تمييزٌ نظريٌّ بين العمّال أو المستهلكين أو الشركات، ويشار إلى الجميع بوصفهم «متعاملين أفراداً». وما من فردٍ وحيدٍ يملك قوّة أو قدرة التأثير على السوق، ولا يمكن في مثل هذا العالم المجرّد أن يوجد نزاعٌ بين العمّال والرأسماليين.
حين نعجز عن تفحّص تفاعل الفاعلين الاقتصاديين الأقوياء، لا يمكننا ملاحظة عمليات التلاعب بالأسواق والاحتيالات المالية. مركزة وتضييق مواقع اتّخاذ القرارات الاقتصادية، دور النخب المالية، مراكز البحوث الاقتصادية، مجالس إدارات الشركات: جميع هذه القضايا خارج نطاق بحث مقرّرات علم الاقتصاد الجامعية. لا يصلح التركيب النظري، ولا يمكن استعماله للإحاطة بالأزمة الاقتصادية وفهمها.
علم الاقتصاد مجرّد بنيانٍ إيديولوجي يساعد على التمويه ويسوّغ النظام العالمي الجديد. وهو مجموعةٌ من المسلّمات العقائدية، تساعد على مساندة رأسمالية حرّية السوق من خلال إنكار وجود التفاوت الاجتماعي وإنكار أنّ السعي وراء الربح هو جوهر النظام. فدور الفاعلين الاقتصاديين المتنفّذين وقدرة تأثيرهم على عمل أسواق السلع والمال هما خارج نطاق اهتمام الباحثين الأكاديميين. نادراً ما تعالج القوى التي تتلاعب بالأسواق وتجني جراء ذلك أموالاً طائلة. وحين يُعترَف بها، تُنسَب إلى علم الاجتماع أو العلوم السياسية.
ذلك يعني أنّ السياسة والأطر المؤسساتية التي يتوارى خلفها النظام الاقتصادي العالمي الذي تشكّل في العقود الثلاثة الأخيرة خارج تحليل تيّار الاقتصاديين السائد. وبالتالي، لا يقدّم علم الاقتصاد، بوصفه حقلاً معرفياً، التحليل اللازم لفهم الأزمة الاقتصادية، إلاّ باستثناءاتٍ قليلة. حقيقة الأمر أنّ المسلّمات الأساسية لحرّية السوق تنكر وجود أزمة. يركّز علم الاقتصاد النيوكلاسيكي على التوازن واختلال التوازن و«تصحيح السوق» أو «الإصلاح» من خلال آلية السوق، بهدف إعادة الاقتصاد إلى «درب النموّ المستدام ذاتياً».
الفقر والتفاوت الاجتماعي
الاقتصاد السياسي العالمي نظامٌ يثري قلّةً من البشر على حساب الغالبية العظمى منهم. كما أنّ الأزمة الاقتصادية العالمية تساهم في توسيع التفاوت الاجتماعي داخل البلد الواحد وبين البلدان المختلفة. في ظلّ رأسماليةٍ عالمية، لا يعدّ تصاعد الفقر نتيجة ندرة الموارد البشرية والمادية أو فقدانها. العكس تماماً هو الصحيح. فقد تميّز الكساد الاقتصادي بعملية انفكاكٍ عن الموارد البشرية ورأس المال الطبيعي. حيوات الناس تدمَّر. الأزمة الاقتصادية تستحكم.
لم يؤدّ تعزيز التفاوت الاجتماعي على نحوٍ متعمّدٍ إلى عملية إفقارٍ معمّمٍ فحسب، بل كذلك إلى زوال أصحاب الدخل المتوسّط وفوق المتوسّط.
كما أنّ استهلاك الطبقة الوسطى الذي قام عليه هذا النموذج الجامح من التطوّر الرأسمالي مهدّدٌ أيضاً. إذ اجتاحت الإفلاسات العديد من أكثر قطاعات اقتصاد الاستهلاك حيويةً. كانت الطبقة الوسطى في الغرب، ولعقودٍ خلت، عرضةً لتآكل ثرواتها المادية، مع أنّها موجودةٌ نظرياً، لكنّها طبقةٌ تحيا على القروض العائلية وتستمرّ بها.
سرعان ما أصبح الأثرياء هم الطبقة المستهلكة بدل الطبقة الوسطى، ما أدّى إلى نموٍّ متصاعدٍ في اقتصاد السلع الكمالية. علاوةً على ذلك، ومع تقلّص السلع المصنّعة من أسواق الطبقة الوسطى، ظهر تبدّلٌ مركزيٌّ وحاسمٌ في بنية النموّ الاقتصادي. مع زوال الاقتصاد المدني، بلغ تطوّر اقتصاد الحرب الأمريكي، تدعمه ميزانية دفاعٍ هائلة تقارب ألف مليار دولار، سقوفاً خيالية. وحين تداعت الأسواق المالية وعمّ الركود، تنعّمت صناعات الأسلحة المتطوّرة ومقاولو الأمن القومي والجيش وشركات المرتزقة (بين آخرين) بازدهارٍ ونموٍّ غير مسبوقين في أنشطتها المتنوّعة.
الحرب والأزمة الاقتصادية
ترتبط الحرب ارتباطاً وثيقاً بإفقار الناس في الوطن وأرجاء العالم. تتلازم العسكرة والأزمة الاقتصادية، حيث تحلّ «آلة القتل» التي تدرّ الأرباح لمساندة «الحرب العالمية على الإرهاب» بقيادة واشنطن محلّ تأمين السلع الأساسية. الفقراء مخلوقون لمحاربة الفقراء، لأنّ الحرب تزيد ثراء الطبقة العليا التي تسيطر على الصناعة والجيش والنفط والمصارف. في اقتصاد الحرب، الموت مفيدٌ للشركات، والفقر مفيدٌ للمجتمع، والقوّة مفيدةٌ للسياسة. تنفق دول الغرب، وبصورةٍ خاصّةٍ الولايات المتحدة، مئات مليارات الدولارات سنوياً لقتل الأبرياء في البلدان المفقرة، بينما يعاني مواطنو دول الغرب من الفقر والانقسامات العرقية والطبقية والجنسية. تنفّذ «حربٌ اقتصادية» صريحة، تؤدّي إلى البطالة والفقر والمرض، من خلال حّرية السوق. تتهاوى حيوات البشر وتتدمّر قدراتهم الشرائية. واقعياً، أدّى العقدان الأخيران من اقتصاد «حرّية السوق» العالمي إلى تعميم الفقر والإملاق على حيوات ملايين البشر.
بدلاً من معالجة كارثةٍ اجتماعيةٍ وشيكة، نصبت حكومات الغرب، التي تخدم مصالح النخب الاقتصادية، دولة «الأخ الأكبر» البوليسية، مع تفويضٍ بمقارعة وقمع كلّ أشكال المعارضة والتحرّكات الاجتماعية المناوئة. بلغت الأزمة الاجتماعية والاقتصادية ذروتها دون شك، وأصبحت بلدانٌ بكاملها، من بينها اليونان وإيسلندا، عرضةً للخطر. يكفي المرء النظر إلى تصاعد حرب الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وتهديدات الناتو ـ الولايات المتحدة الموجّهة إلى الصين وروسيا وإيران ليدرك مدى تلازم الحرب والاقتصاد.
تحليلنا في هذا الكتاب
يعرض المساهمون في هذا الكتاب تعقيدات العمل المصرفي العالمي وعلاقته الماكرة بالمجمع الصناعي العسكري وتكتّلات النفط. يقدّم الكتاب مقاربةً متعدّدة الأوجه والحقول المعرفية، كما أنّه يولي اهتماماً بفهم الأبعاد التاريخية والمؤسساتية. كذلك، تمّ تسليط الضوء على العلاقات المعقّدة بين الأزمة الاقتصادية والحرب وبين الإمبراطورية والفقر. لقد بلغت هذه الأزمة مدىً عالمياً وسيتردّد صدى عواقبها في بلدان العالم ومجتمعاته كافّةً.
يعرض الجزء الأوّل الأسباب العامّة للأزمة الاقتصادية العالمية، إضافةً إلى إخفاقات الاقتصادات السائدة. يركّز ميشيل شوسودوفسكي على تاريخ إلغاء قيود التنظيم والمضاربات المالية. في حين تحلّل تانيا كارينا هسو دورَ الإمبراطورية الأمريكية وعلاقتها بالأزمة الاقتصادية. كما يجري جون فوستر وفريد ماغدوف مراجعةً شاملةً للاقتصاد السياسي للأزمة، وشرحاً للدور المركزي الذي تلعبه السياسة النقدية. أمّا جيمس بتراس وكلوديا فون ويرهوف، فيقدّمان مراجعةً مسهبةً ونقداً للنيوليبرالية، ويركّزان على النتائج الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لإصلاحات «حرّية السوق». كذلك، يعاين شاموس كوك الدور المركزي للديون، العامة منها والخاصة.
أمّا الجزء الثاني، الذي يتضمّن فصولاً لشوسودوفسكي وبيتر فيليب، فيقوم بتحليل المدّ المتصاعد للفقر والتفاوت الاجتماعي حصيلة الكساد الكبير.
بمساهماتٍ من شوسودوفسكي وبيتر ديل سكوت ومايكل هدسون وبيل فان أوكن وتوم بورغارت وأندرو غيفن مارشال، يبحث الجزء الثالث في العلاقة بين الأزمة الاقتصادية والأمن القومي والحرب التي تقودها الولايات المتحدة والناتو وبين حكم العالم. في هذا السياق، كما ذكر بيتر سكوت، تخلق الأزمة الاقتصادية أوضاعاً اجتماعيةً تشجّع على إعلان حالة الطوارئ.
كما يركّز الجزء الرابع على النظام النقدي العالمي، تطوّره وتحوّل دوره. يبحث أندرو غيفن مارشال في تاريخ البنك المركزي، فضلاً عن شتّى المبادرات لخلق منظومات عملاتٍ إقليميةٍ وعالمية. من جانبها، تركّز إلين براون على خلق بنكٍ مركزيٍّ عالميٍّ وعملةٍ عالميةٍ من خلال بنك التسويات الدولية. أمّا ريتشارد كوك، فيبحث في النظام النقدي القائم على الديون بوصفه نظاماً للسيطرة، ويقدّم إطاراً لدمقرطة النظام النقدي.
يركّز الجزء الخامس على عمل نظام الظلّ المصرفي الذي تسبّب في انهيار الأسواق المالية في العام 2008. تصف الفصول التي كتبها مايك ويتني وإلين براون بإسهابٍ كيف استخدمت مكيدة بونزي الخاصّة بوول ستريت للتلاعب بالسوق ونقل مليارات الدولارات إلى جيوب أصحاب المصارف.
25 أيار 2010
*ميشيل شوسودوفسكي: أستاذ فخري للاقتصاد في جامعة أوتاوا، ومدير مركز أبحاث العولمة في مونتريال. مؤلّف كتاب: عولمة الفقر النظام العالمي الجديد، 2003، وكتاب: حرب أمريكا على الإرهاب، 2005.
*أندرو غيفن مارشال كاتبٌ مستقلٌّ متخصّصٌ ببنى الرأسمالية المعاصرة وبتاريخ الاقتصاد السياسي العالمي. كما أنّه باحثٌ مساعدٌ في مركز أبحاث العولمة.
ترجمة قاسيون