الحرب في مالي: الإرهاب جوكر في سياسة الهيمنة
أثار التدخل العسكري الفرنسي في مالي لمحاربة «الإرهاب»، والقضاء على الجماعات الإسلامية الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة، في هذا البلد الإفريقي، والدعم الغربي لهذا التدخل، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، الكثير من الاستهجان والاستغراب،
وبخاصّة أنّ فرنسا وهذه الدول، دعمت وتدعم وتقدم كل أنواع المساعدات للمجموعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة التي تعيث دمارا وخرابا، وترتكب أبشع المجازر في سورية .
حقيقة هناك مجموعة من الأسئلة تطرح نفسها على هذه الخلفية أهمّها:
أولا – لماذا هذه الازدواجية في التعامل مع الإرهاب؟،
ثانيا – من موّل وسلّح هذه العصابات في مالي بالتحديد؟،
ثالثا: الهدف وتوقيت هذه الحرب؟.
الازدواجية في التعاطي مع الإرهاب
لم يعد خافيا على أحد أن تنظيم القاعدة، والتنظيمات «الإسلامية» المتطرفة الأخرى، هي صنيعة أمريكية - صهيونية، أنشئت وأعدت بإشراف أمريكي وتمويل خليجي، بداية لمواجهة الجيش السوفيتي في أفغانستان، مستخدمين «فزّاعة» الخطر الشيوعي، كي تمنع الولايات المتحدة حينها انتشار النفوذ السوفيتي في منطقة جنوب شرق أسيا، ولإضعاف قدرات الإتحاد السوفيتي العسكرية، المنافس الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية في العالم. وبعد انهيار الإتحاد السوفيتي، وعندما أصبحت القطب الوحيد المهيمن على الحياة السياسية الدولية، استخدمت أمريكا هذه التنظيمات وإرهابها، كعدوّ وهمي يحل مكان الاتحاد السوفيتي السابق، ليعطيها «الشرعية» للتحرك بجيوشها، واحتلالها للدول التي تراها تشكل خطرا عليها، ولإبقاء الدول الغربية تحت الهيمنة الأمريكية، بعدما زال الخطر «الشيوعي»، الذي كان «يهددها». ثم استخدمت هذا الإرهاب وسيلة لتفتيت وإضعاف الدول، في المناطق التي تعتبرها أمريكا حيوية بالنسبة لمصالحها، للسيطرة عليها، ومنع إمكانية ظهور منافس جديد لها على الساحة الدولية في المستقبل، لذلك نرى كيف استخدمت أمريكا الإرهاب لتفتيت الصومال، كونها مكانا، ومنطلقا هاما لتحركاتها في القرن الأفريقي، ثم استخدمته في القوقاز الروسي، وفي مقاطعات صينية، وفي الفلبين، ثم في ليبيا وسورية، وأخيرا في مالي التي نحن بصددها.
طبعا الولايات المتحدة لا تتحرّك وحدها في هذا الإطار، فهي تعمل بالتنسيق والتخطيط، مع شبكة من أجهزة استخباراتية، ومافيات المخدرات وتجار السلاح في الأسواق العالمية السوداء. فقد أصبح معروفا أن المكوّن الأمني الذي يعمل بإشراف دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، يضم وكالة الاستخبارات الأمريكية سي أي إي، والاستخبارات البريطانية م – 6 و«الموساد» الإسرائيلي، والاستخبارات التركية، والسعودية، والقطرية، يضاف إليهم «مافيا» خاشقجي وأعوانه، والتي تسيطر على أكثر من 80% من تجارة الأسلحة والمخدرات في العالم. طبعا هذا إضافة إلى الإخطبوط الإعلامي الذي تسيطر عليه أمريكا، والذي يعمل على تحضير وإعداد الرأي العام العالمي، وفقا للأهداف التي يحضر لها وتعمل الولايات المتحدة على تحقيقها.
أمريكا تبحث عن مخرج لأزمتها
إنّ أزمة الدين الأمريكي، والأزمة الاقتصادية المتصاعدة في كل المجالات، تفرض على الإدارة الأمريكية البحث عن أساليب غير اقتصادية لإدارة مشكلة الدين، وللخروج من أزمة التذمر الشعبي الكبير التي تعيشها معظم الولايات الأمريكية جراء عملية «الإصلاحات»، في مجال الصحة، والتقليص الحاد لميزانيات البرامج الاجتماعية.
الجدير بالذكر، أنّه وتزامنا مع موجة «الربيع العربي»، احتل على سبيل المثال حوالي 100 ألف متظاهر مبنى حكومي في عاصمة كاليفورنيا، يحتجون على التقليص الحاد للبرامج الاجتماعية وزيادة تكاليف الدراسة، وزيادة نسبة العاطلين عن العمل ..الخ. اليوم وحسب الإحصاءات الرسمية الأمريكية، لا يمكن لكل ثامن شخص في الولايات المتحدة أن يؤمّن السلة الغذائية اللازمة، أمّا في الواقع فإن الصورة أقسى من ذلك. هذا في الوقت الذي يوجد فيه حوالي 250 مليون قطعة سلاح فردي مرخصة في أيدي أبناء الشعب الأمريكي.
وعندما وافق الكونغرس الأمريكي منذ أكثر من عام على رفع سقف الدين، ازداد الدين الأمريكي مباشرة حوالي 10%، إضافة إلى التناقضات الاقتصادية التي تتعمق يوما بعد يوم، بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
لا يوجد الآن لدى الإدارة الأمريكية أي حل معقول للخروج من أزمة الدين. لذلك فهي اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى لحرب، شرط أن يكون الجميع ضد الجميع، وأن لا تكون حرباً نووية، وأن لا تكون هي مشاركة في هذه الحرب، وإنما وسيطة وموجهة، ومحرضة، تقدم الأسلحة وتتحكم بالنتائج.
بعد الفشل في سورية،
مالي هي المكان المناسب
بعد ليبيا كانت سوريا هي المرشحة بأن تكون الدريئة التالية، ومن هنا كانت أهمية الدور التركي المفترض بالنسبة للولايات المتحدة، الذي يمكن أن تحقق بنك أهداف بالجملة، من مواجهة تنامي النفوذ الايراني اقليمياً الى الدور المطلوب منها بالنسبة للأزمة السورية.
لذلك شاهدنا التركيز الذي مارسته أمريكا على تركيا، والتي كانت تعوّل على موافقة روسية، في استصدار قرار من مجلس الأمن على غرار ما حصل في ليبيا، تدفع تركيا بموجبه لمهاجمة سورية، حيث تدرك أمريكا أنّه وفي حال نشبت الحرب، لن تبقى إيران مكتوفة الأيدي، وستشارك بقوة، وهنا سيجد العراق نفسه في غمرة هذه الحرب. موازيين القوى متساوية تقريبا، ويمكن أن تلعب القواعد الأمريكية في المنطقة دور المزود بالأسلحة، والمساعد أحيانا، كي لا تسمح أن يكون مسار الحرب في غير مصلحتها... الخ. فقد نشرت صحيفة «تايمز» مقالا لجيمس بوون الذي كان يغطي الحرب في البلقان، يقول فيها: «تركيا يمكن أن تدخل حرباً إقليمية تحت شعار «إنقاذ» السنة السوريين.، وستكون الحرب على ليبيا نزهة سلمية مقارنة مع هذه الحرب».
فشلت محاولة الحرب المباشرة على سورية لأسباب أصبحت معروفة، وهذا ما عجّل في سيناريو الحرب في مالي، المعد مسبقا، كما تشير بعض التقارير.
تدل كل المؤشرات على علاقات وثيقة تربط قادة الحركات الإسلامية في شمال مالي بواشنطن، خلافاً لحركة طالبان التي تم تأسيسها في لندن، إضافة إلى الطوارق الذين كانوا في ليبيا، ولهم علاقات وثيقة بالرئيس معمّر القذافي، وهم مدربون عسكريا بشكل جيد، وتمرّسوا على القتال أثناء التدخل العسكري الغربي في ليبيا، وبعد سقوطه تولّت قطر، حسب المصادر الغربية التواصل معهم، وترحيلهم إلى موطنهم الأصلي شمال مالي، بعد أن تم تزويدهم بالأسلحة المسروقة من المستودعات الليبية، ومن ضمنها آلاف الصواريخ نوع «إيغلا» التي تحمل على الكتف.
فجّر الطوارق انتفاضة مسلحة ضد النظام في مالي، انطلاقا من الشمال، ثم ما لبثت التنظيمات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة أن هرعت إلى مالي للمساعدة، مع العلم أن الطوارق لم يكونوا بحاجة لمساعدة، حيث حدثت فيما بعد بينهم اشتباكات مسلّحة، وتمكنوا من احتلال منطقة ما بين الشمال والجنوب. لكن المسألة الهامة التي كان يجب أخذها بعين الاعتبار كيف يمكن تحريض «المجتمع الدولي» للتدخل إذا كان سكان المنطقة يدعمون انتفاضة الطوارق؟. الجواب كان سهلا: يجب إظهار وحشية «أعداء الديمقراطية»، كي يتحرك المجتمع الدولي للتدخل العسكري. لذلك لجأت العصابات المسلّحة وبشكل بربري إلى تهديم المساجد، والأضرحة، والآثار التاريخية.
«استغلّ» الوضع الناشئ ضباط موالون للولايات المتحدة، بقيادة أماد سانوغو، للقيام بانقلاب عسكري في مالي قبيل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية، والتي كان من المؤكد أن يفوز فيها تريبل دراما الموالي لفرنسا، متهمين القيادة بعدم إعداد الجيش لمواجهة انتفاضة الطوارق المسلحة، التي اندلعت شمال مالي بعد موت الرئيس الليبي معمر القذافي.
من المعروف أنّ مالي تقع ضمن مجال النفوذ الفرنسي، وتقع ما بين الجزائر ونيجيريا المناطق التي تعتبر أيضا مصدرا للموارد الحيوية التي تعتمد عليها فرنسا. والمؤكد أيضا أن الولايات المتحدة و أدواتها، هم من يوجّه ويموّل «الإسلاميين»، وقائد الانقلاب العسكري هو موال للولايات المتحدة، وتلقى دراسته العسكرية وتدريبه فيها.
إذا اللاعب الرئيسي الخفي في الأحداث في مالي، هو الولايات المتحدة الأمريكية، لتستخدم الإرهاب هنا «فزاعة»، للعالم الغربي ودول الجوار، لإشعال حرب في المنطقة.
المستهدف الرئيسي - فرنسا ومصالحها
من المعروف أنّ العلاقات الفرنسية – الأمريكية لم تكن يوما على ما يرام، حيث كان التنافس والصراع غير المعلن على مناطق النفوذ يهيمنان، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وإن لم يكن ذلك طافياً على السطح، بسبب الحرب الباردة ووجود فرنسا ضمن المعسكر الغربي الرأسمالي.
إن فقدان فرنسا لإمبراطوريتها، التي استمر بناؤها قرونا طويلة، نتيجة الحرب العالمية الثانية، أضعف ثقتها بنفسها كثيراً، بالرغم من أنها كانت ضمن الحلف المنتصر، ما أدى إلى رضوخها أمام الإملاءات الأمريكية، وأصبحت في وضع تابع لها.
و كانت فرنسا عند استلام ديغول السلطة، تشارك في اللجنة الدفاعية العسكرية لحلف الناتو، وتمركز على أراضيها عدد من القواعد العسكرية الأمريكية، والإدارات الرئيسية لحلف الناتو، وكان الجيش الفرنسي المتبقي تابعاً للناتو وتحت الإمرة العسكرية الأمريكية مباشرة، كل ذلك اعتبره ديغول انتقاصاً للسيادة والمصالح الفرنسية، لذلك قرر الخروج من اللجنة الدفاعية العسكرية لحلف الناتو، وأخذ يدعو أوروبا إلى اتحاد إنساني وثقافي وسياسي لإبعاد الهيمنة الأمريكية، لكن ذلك لم يتحقق حينها لارتباط ألمانيا الغربية باتفاقات عسكرية مع أمريكا، تلزمها ألا تكون مستقلة عنها في المجال العسكري، إضافة إلى أن بريطانيا أيضاً كانت مرتبطة باتفاقيات من هذا النوع مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت قد حدثت الأزمة الكوبية، التي اعتبرها ديغول حينها انتصاراً للولايات المتحدة بإجبارها الاتحاد السوفييتي على سحب صواريخه من كوبا.
وهذا ما أوقع فرنسا في مأزق صعب، فهي لا تريد لأمريكا أن تهيمن عليها عسكرياً وسياسياً وثقافياً، ولا تريد في الوقت نفسه مواجهة الولايات المتحدة حفاظاً على مصالحها، لذلك ومنذ ذلك الوقت وحتى انتهاء الحرب الباردة، اعتمدت فرنسا إستراتيجيتين من أجل خلق مجال للمناورة وإبعاد الهيمنة الأمريكية.
أولاً: الإستراتيجية الأوروبية، وتتضمن ما لا تستطيع أن تفعله بمفردها، تفعله بالتعاون مع الدول الأوروبية الأخرى وخاصة ألمانيا، وهذا ما أعطاها مجالاً للمناورة، أي أنها تقف مستقلة عن حلف الأطلسي دون أن تخرج منه، وتؤثر في الولايات المتحدة دون أن تتحالف معها.
ثانياً: إستراتيجية الاستعمار الجديد، فقد أعطت فرنسا شكلياً استقلالاً لمعظم الدول التي كانت تستعمرها بعد هزيمة إمبراطوريتها في الهند الصينية والجزائر، واستمرت في احتواء هذه الدول والهيمنة عليها اقتصادياً، وهذا ما كان يزعج الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها كانت لا تفعل شيئاً ضد فرنسا خوفاً من إضعاف التحالف الغربي أمام كتلة الدول الاشتراكية.
وفي الوقت الذي كان فيه الاتحاد السوفييتي يحاول إضعاف الهيمنة الغربية على دول العالم الثالث، والولايات المتحدة تقاوم عمل السوفييت هذا، كانت الإستراتيجية الفرنسية تستغل هذا التنافس، وتعتبره أساساً للفرص الاقتصادية الفرنسية، أي أن فرنسا كان تهدف أوروبياً إلى تقليص النفوذ الأمريكي، في حين تقوم سياستها الاستعمارية الجديدة على عدم قبول انهيار قوتها الدولية، خوف أن تحل محلها الولايات المتحدة، أي أنها كانت تستغل علاقتها مع الاتحاد السوفييتي لإضعاف القوة الأمريكية دون الرغبة في مواجهة هذه القوة.
أما بعد انحلال الاتحاد السوفييتي فقد اختلف الوضع جذرياً عما كان عليه أثناء الحرب الباردة، حيث أدركت فرنسا أن الفرصة مناسبة أكثر من أي وقت مضى للعمل على تحقيق حلمها السابق في إبعاد الهيمنة الأمريكية، واستعادة موقعها الجيوسياسي المنشود على الساحة الدولية، وخاصة أنها تعلم جيداً أن الدول الأوروبية الأخرى ولاسيما ألمانيا تنتظر هذه الفرصة وهي زوال «الخطر الشيوعي» لتتمكن من التحرر من القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على هذه الدول بحجة مواجهة هذا الخطر، وإجلاء قواعدها العسكرية من أوروبا، لذلك أخذت فرنسا تعمل وبكل إمكانياتها على التركيز في سياستها الخارجية على عدة اتجاهات، تؤسس لها موقعاً قوياً في مواجهة الولايات المتحدة، أهمها:
1- الاندماج الاقتصادي والسياسي والعسكري لأوروبا على أن يكون لفرنسا التأثير الأكبر في هذا الاندماج.
2- تقوية مواقعها في مستعمراتها السابقة، وسد الفراغ في الدول التي كانت حليفة للاتحاد السوفييتي السابق، مستغلة ضعف روسيا آنذاك من جهة، وحاجة هذه الدول للمساعدة في مواجهة الولايات المتحدة من جهة أخرى.
استطاعت فرنسا أن تحقق الكثير من خططها في هذا الاتجاه، فعلى الصعيد الأوروبي تجلى الأمر في إنشاء العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، والسوق الأوروبية المشتركة وعلى صعيد العالم الثالث، تجلى بالتمهيد لإقامة شراكات أوروبية متوسطية، إضافة إلى تمكنها من قيادة معارضة دولية كبيرة ضد الحرب الأمريكية على العراق، كان من نتائجها عدم تمكن الولايات المتحدة الدولة الأقوى في العالم من استصدار قرار من الأمم المتحدة يخولها بشن هذه الحرب.
أدركت الولايات المتحدة بدورها، أن فرنسا أخذت تبالغ في تقييم إمكانياتها وحجمها، وبخاصة أنها بدأت تلعب على الأوتار الحساسة، لتأليب الدول الأوروبية ودول العالم الثالث ضدها، وخشية من أن تنجح فرنسا في تحقيق أهدافها وإيجاد تحالف دولي يهدد بقاء عالم أحادي القطب بزعامتها، أخذت تواجه فرنسا في كل الاتجاهات التي تضر بمصالحها وعملت على:
- توسيع حلف الناتو والاتحاد الأوروبي نحو الشرق، لضم دول جديدة واقعة تحت الهيمنة الأمريكية.
- التدخل بالشؤون الداخلية للدول الإفريقية التي تعتبر تاريخياً مناطق نفوذ فرنسية أساسية مثل الجزائر ورواندا وساحل العاج، جيبوتي، والسنغال، إضافة إلى دول افريقية أخرى، وأدى هذا التدخل إلى اشتعال حروب أهلية عنيفة، مازالت آثارها حتى يومنا هذا.
كل ذلك أجبر فرنسا على الاتفاق مع الولايات المتحدة من خلف الكواليس على مساعدة الأخيرة في لبنان مقابل «التخلي» الأمريكي عن التدخل في شؤون الدول الأفريقية الحليفة لفرنسا، وهذا ما أصبح واضحاً بعد انتهاء الحروب الأهلية في الدول المذكورة أعلاه، ومساعدة فرنسا الولايات المتحدة الأمريكية في استصدار القرار 1559 المتعلق بلبنان وسورية.
أمّا الآن وبعد أن فشلت الولايات المتحدة، في توسيع الحرب على ليبيا، باتجاه سورية والمنطقة المجاورة، نتيجة صمود الشعب السوري بكل مكوناته، ووقوف الدول الصديقة وعلى رأسها روسيا والصين وإيران، وإدراكها أنّ روسيا والصين على وشك إعلان الانتصار على أحادية القطب المسيطرة في الحياة السياسية الدولية منذ أكثر من عقدين من الزمن، نقلت الولايات المتحدة إشعال هذه الحرب إلى غرب أفريقيا، للاستعجال في ترتيب البيت الغربي، وقصقصة أجنحة الهيمنة الفرنسية في أفريقيا – مجال المصالح الفرنسية الحيوية، لتضعفها أوروبيا، وتبقى على الأقل، المهيمن الرئيسي في العالم الغربي على المدى المنظور، على أمل تجاوز أزمتها الاقتصادية من جهة، وتحقيق «انتصارات» جديدة في المستقبل، من جهة أخرى، قد يعيد لها دورها المفقود.