جيوب العمال ستُدفَع المليارات لأجل السيارات
استطاع الاتحاد العام لنقابات العمال أن يصيب جموع العمال والنقابيين بالذهول التام بعد أن أعلن عن رغبته في استبدال أسطول سياراته القديم بسيارات جديدة، حيث نشر في الرابع من الشهر الحالي عبر صفحته الرسمية مناقصة علنية علنية وبالسرعة الكلية جاء فيها: “يعلن الاتحاد العام لنقابات العمال عن استدراج عروض لتوريد 15 سيارة جديدة كاملة (زيرو) من نوع سيلتوس وكيا (KX1) سنة التصنيع 2025، مزودة بكامل المواصفات القياسية والفنية المطلوبة ... إلخ، على أن يتضمن العرض أن القيمة تُسَدَّد تحويلاً أو نقداً” (انتهى الاقتباس).
ويبدو أن الدهشة والذهول اللذين اعتريا متصفح الخبر أمر بديهي، كونه غير متوقع على الإطلاق، ليس لأنه كان يعتقد أن الخزينة النقابية فارغة أو أنه ينظر للقيادات النقابية على أنها منزهة عن السعي للترف والرفاهية، بل لأن هذا السلوك يأتي عكس الضرورات التي تواجهها الطبقة العاملة والحركة النقابية اليوم. فبحسبة بسيطة، ستصل قيمة أسطول السيارات المطلوب إلى بضعة مليارات من الليرات السورية، علماً أن أعضاء المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لديهم سياراتهم، فما الذي يستدعي التفريط بهذه الثروة لمثل هذا الأمر؟
لا يُعتَبر هذا السلوك جديداً على التنظيم النقابي، سواء كان في الاتحاد العام أو اتحادات المحافظات وبعض النقابات ذات الميزانية العالية، حتى أصبح روتينياً اعتيادياً. ودائماً ما كانت تُبَرَّر هذه الأفعال بسيل واهٍ من التبريرات التي لا تقنع ساذجاً، خاصة أن الشفافية المالية معدومة بشكل كلي، وكل المطالبات بها سابقاً وحاضراً لم تُلقِ لهذه المطالبات القياداتُ النقابية أي بال. وقد طالب العمال آلاف المرات بالكشف عن استثمارات التنظيم النقابي وعقوده المبرمة والعائد المالي منها، وقيمة المنح المالية الداعمة من الاتحادات العربية والدولية، كما طالبوا بالإعلان الصريح عن الحسابات المصرفية التابعة للمنظمة بشكل عام وخاص، وعن أصولها من عقارات ومركبات ومحالّ تجارية وغيرها، دون جدوى، وكأن العمال لا حق لهم في ذلك، وهم أصحاب المنظمة وأصحاب المال والممتلكات.
وبدلاً من أن تمارس القيادات سلوكاً حياتياً ومعيشياً يشابه ما تعيشه الطبقة العاملة التي يمثلونها ويديرون شؤونها وممتلكاتها، يبتعدون عن ذلك ويختارون لأنفسهم العيش الرغيد والرفاهية والترف في السكن واللبس والنقل. وعلى حساب من؟ على حساب العمال الكادحين والمحرومين من السكن الآمن والصحي، ومن المواصلات الكريمة، ومن الأثاث المقبول والدواء الضروري، أولئك الذين لا تكفيهم أجورهم لتأمين أدنى مستويات المعيشة الكريمة.
فهل سأل المسؤولون النقابيون أنفسهم: ما رأي العمال في كل ذلك؟ وهل أخذوا موافقتهم على صرف أموالهم بهذه الطريقة؟ أم أنهم لا يبالون بذلك؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1251
محرر الشؤون العمالية