المنحة لم تأتِ والبدائل غير مضمونة
بعد التصريح الذي أدلى به السيد وزير المالية في مقابلة متلفزة على إحدى القنوات المحلية والذي نقتبس منه كما ورد «حتى اللحظة لم نتلقَّ أي منح، ربما تكون هناك منح قادمة لكن ليس هناك أي منح استلمناها من أجل الأجور والرواتب، اعتقد أنه في الأيام القادمة ستكون هناك منحة من قطر والسعودية كجزء بسيط من الرواتب، ما أود أن أقوله بأن الزيادة التي تمت في الرواتب زيادة من موارد ذاتية نتجت عن الإدارة الرشيدة للمال العام وتحسن الإيرادات الضريبية والذاتية» انتهى الاقتباس،
جعل الحديث ضمن أوساط عمال وموظفي القطاع العام والمتقاعدين عن مصير رواتبهم القادمة هو الحديث الأكثر تداولاً والذي لا يخلو من التخوف والقلق «من وين بدكم تجيبوا رواتبنا؟»، فوعود الزيادة التالية وتشميل فئات وشرائح جديدة كالمتقاعدين العسكريين وغيرها من الوعود كانت ترتكز على تصريحات سابقة مفادها بأن تمويلها قادم من منح ضجّ الإعلام المحلي والعربي به، وعلى لسان السيد الوزير فمن أين سيتم تمويل الأجور الحالية؟ وكيف سيتم الوفاء بوعود التشميل والزيادة ؟ وإن كان الاعتماد على الموارد الذاتية والإدارة الرشيدة فكيف سيتم ذلك؟ أم هل ستلجأ الحكومة إلى إجراءات جديدة من إنهاء الخدمة والعقود لتخفيف قيمة الكتلة المالية المخصصة للأجور أو عدم ترميم الملاكات تحت عنوان الإدارة الرشيدة للموارد البشرية وهذا ما يخشاه العمال بالذات.
منذ أن تولت الحكومة الجديدة مقاليد الأمور وعمال القطاع العام يأملون بالكثير خاصة أنهم صبروا على الحكومة التي قبلها وتحملوا ما تحملوه من قرارات عكس اتجاه الوعود تماماً فجرى التسريح التعسفي بالجملة والمفرق وأغلب القطاعات والوزارات والمديريات والمحافظات وانهوا عقوداً وأعطوا إجازات وعمت المظلومية كما عمت الفوضى بل وأكثر ورغم كل ذلك انتظروا الحكومة الجديدة واعدين أنفسهم برد المظالم وتحصيل الحقوق وتنفيذ الوعود وشهراً إثر شهر لم تجرِ معالجات عامة وشاملة لهذه الملفات المتراكمة، بل تمت معالجة بعض القضايا في هذه المديرية أو تلك لتأتي الزيادة لاحقاً كجزء من الوعد الذي صرح به وهو 400% والتي على ما يبدو كانت ترتكز على وعود المنح الخارجية و مفاد القول: إن عمال القطاع العام وموظفيه يتداولون تصريح الوزارة و«أيديهم على قلوبهم» فلا المنح أتت ولا ضمانات لاستلامها في القريب المنظور والوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد لا يخفى على أحد وموارد الدولة غير واضحة ولا معلومة وإن تم الحديث عن الترشيد والإدارة، إلّا أن ذلك يبقى حديثاً نظرياً لا أكثر ولطالما تعامل العاملون في الدولة مع أجورهم الشحيحة على أنها صمام الأمان المعيشي وهم حريصون عليه ويخشون فقدانه.
اقتصاد ينمو وأجور تزيد
إن الشعور المستمر بالقلق أصبح ملازماً لهذه الشريحة العمالية الواسعة سواء من حيث الوظيفة و استمرارها أو من حيث قيمة الأجور وزيادتها بما يتناسب مع الحد الأدنى من المعيشة وهذه مسؤولية الحكومة بالدرجة الأولى والتي من المفترض أن تضعهم بالصورة الحقيقية للأمور وتبث الطمأنينة في النفوس والعقول وذلك من خلال إجراءات واسعة تنطلق من مصالحهم بالذات وعلى رأسها العودة عن القرارات التي قضت بفصل وإنهاء عمل عشرات الآلاف من العمال ووضع البرنامج المجدي لاستنهاض القطاع العام بأركانه الإنتاجية والخدمية وتأمين الموارد المالية اللازمة من مراكز الفساد والناهبين القدماء والجدد بالدرجة الأولى ومن عائدات القطاعات الإنتاجية والاستفادة الأمثل من الموارد الطبيعية والبشرية، وهذا لن يتحقق بقرار أو مرسوم ولا بوعود وتفاهمات على استثمارات ومنح غير موجودة إلا على صفحات التواصل الاجتماعي والماكينات الإعلامية. والطبقة العاملة بشكل عام، والعاملون بالدولة بشكل خاص يعون ما يجري حولهم وهم الأكثر تفهّماً للعلاقة الموضوعية بين الأجور والموارد وهذا ما يجعلهم بشكل مستمر يطالبون بالحفاظ على القطاع العام واستنهاضه ومده بعوامل نجاحه والمضي بنهج اقتصادي وطني يعتمد بالدرجة الأولى على البلاد وخيراتها وعمالها وهذا كفيل باقتصاد ينمو وأجور تزيد.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1242