الخصخصة والبطالة

الخصخصة والبطالة

شكلت عملية خصخصة القطاع العام أحد أهم التحولات الهيكلية التي طالت الاقتصاد السوري خلال العقدين الأخيرين، حيث اتخذت السلطة الساقطة نهج الخصخصة لمؤسسات القطاع العام كسياسة استراتيجية منهجية مع بداية العام 2005، ما أدى الى إعادة تشكيل المشهد الطبقي في البلاد، وذلك بالضد من مصالح العمال السوريين ما أدى الى تعميق فقرهم وتدني مستواهم المعيشي، سواء من ناحية ارتفاع معدلات البطالة أو من ناحية تآكل قدرتهم الشرائية سنة بعد أخرى خلال السنوات السابقة.

أهم مؤشرات تدهور القطاع العام خلال سنوات السلطة الساقطة

لقياس مدى أهمية ووزن القطاع العام في أي اقتصاد، لا بد من تتبع بعض المؤشرات التي تعبر عن حجم هذا القطاع ومكانه من السياسات الاقتصادية والاجتماعية الاستراتيجية وحجم الاعتماد عليه من قبل الدولة في الواقع الاقتصادي.

ومن هذه المؤشرات حجم مساهمة القطاع العام في النتاج المحلي الإجمالي، ووفقاً لبيانات البنك الدولي انخفضت مساهمة القطاع العام في الناتج المحلي الإجمالي من 30% تقريباً في العام 2010 إلى أقل من 12% في العام 2023، وبالنسبة لحجم مساهمة القطاع العام في الناتج المحلي للصناعة، انخفضت من 26.1% في العام 2005 إلى أقل من 4% وفقاً للبيانات الرسمية للسلطة الساقطة، والتي تعتبر في معظمها غير شفافة. ومع ذلك فإن انهيار القطاع العام الصناعي وتحديداً في قطاع الصناعة التحويلية يتضح وفقاً لهذه البيانات.

إضافة الى ذلك فإنّ مؤشر حجم الإنفاق العام وتحديداً الإنفاق الاستثماري، يعد مؤشراً إضافياً بحساب مدى أهميته في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، حيث بلغت نسبة الاعتمادات الاستثمارية في موازنة عام 2005 من إجمالي الموازنة قرابة 38% وفي العام 2010 بلغت نحو 43% أمّا في الموازنات الثلاث للسنوات الأخيرة من حياة السلطة الساقطة فتدهورت حصة الإنفاق العام من إجمالي الإنفاق إلى 15% و22% و25% لسنوات 2022 و2023 و2024 على التوالي، وذلك وفقاً لبيانات وزارة المالية أيام السلطة الساقطة.

تعتبر المؤشرات السابقة غير مباشرة في قياس خصخصة القطاع العام وتراجعه وتدهوره في ظل السياسات الليبرالية المتوحشة التي انتهجتها السلطة الساقطة، إلّا أنّ الخطوات الأكثر مباشرة في هذا الإطار كانت بعمليات التخلي عن القطاع العام لصالح القطاع الخاص سواء بعمليات بيع مؤسسات القطاع العام لرجال الأعمال والشركات الخاصة، أو من خلال عقود تأجير وتشغيل هذه المؤسسات.

كيف أثرت سياسات الخصخصة على واقع العمالة؟

لا شكّ أن سنوات الأزمة المستمرة من 2011 إلى حينه ساهمت في ارتفاع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق وغريب على الطبقة العاملة في سورية، ولكن ضمن سنوات ما قبل الحرب وواقع الطبقة العاملة آخذ بالتدهور المتسارع نتيجة السياسات التي اتبعها النظام الساقط وأهمها النهج المتبع بالتخلي عن القطاع العام وخصخصته، ويتضح ذلك من خلال تتبّع معدَّل البطالة بين العامين 2005 و2010 حيث ارتفع معدّل البطالة من 8.5% إلى نحو 20% بشكل عام، ومعدل بطالة الشباب بلغ نحو 26% وبطالة الخرّيجين بلغت تقريباً 23%، إضافة إلى زيادة معدلات الفقر والتضخم وغيرها من المؤشرات الأخرى، ولكن مع دخول سنوات الحرب ازداد الوضع سوءاً بشكل كبير جداً أولاً بسبب الحرب، وثانياً بسبب توحش سياسات النظام الليبرالية سواء من ناحية الاستمرار بسياسات الخصخصة والتخلي عن القطاع العام، إضافة إلى التدمير الممنهج لدور الدولة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية عبر سياسات تخفيض الإنفاق العام وتخفيض الدعم الاجتماعي، كل ذلك ساهم بوصول معدّلات البطالة وتدهور واقع القوى العاملة السورية إلى مستويات خطيرة، حيث بلغ معدل البطالة وفقاً لدراسات محلية في العام 2024 إلى نحو 60% والبطالة بين الشباب تجاوزت حاجز 80% معظمهم من الحاصلين على شهادات جامعية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1234
آخر تعديل على الأحد, 13 تموز/يوليو 2025 21:25