بصراحة .. العمّال يتحرّكون من أجل حقوقهم ومعيشتهم
يَعرِفُ مَن يصنعون ويطبّقون السياسات المضرّة بمصالح وحقوق شعبنا -وكذلك العمّال في بلدنا- أنَّ العدوَّ الحقيقي لسياساتهم المضرّة، والقوة الأكثر قدرة على الوقوف في وجههم وفضح برامجهم، إنْ أتيحتْ لها الفرصة وتوفَّر لها المناخ المناسب، هي الطبقة العاملة.
هذا الأمر كان يجري منذ تكوُّن الطبقة العاملة السوريّة وتكوّن نقاباتها. لذلك يبذل هؤلاء كلَّ ما بوسعهم في سبيل عدم امتلاكِها لناصية القرار المطلوب، وإبقائها في حالة عجز غير قادرة على القيام بأيّ فعل حاسم للدفاع عن نفسها وحقوقها.
وفي هذا الإطار بذل صانعوا سياسة الجوع والحرمان في العهد الساقط جهوداً كبيرة في سبيل تشديد القيود على الحركة النقابية، في محاولة لتهميش دورها وتقليص فاعليّتها، وذلك من أجل توسيع الهوّة بينها وبين مَن تمثلهم، أيْ العمال، فارضين عليها معادلات وحسابات تتناقض مع مصالحها وحقوقها الأساسية مثل «نحن والحكومة فريق عمل واحد».
نعتقد أنّ هذا الأمر ستتجاوزه الطبقة العاملة بحكم تجربتها القاسية السابقة التي جعلتها بلا حولٍ ولا قوة في الدفاع عن حقوقها ومصالحها وتنظيمها النقابي الحقيقي القادر على قيادتها نحو حقوقها السياسية والاقتصادية والديمقراطية.
في تاريخ الحركة العمالية محطات ناصعة استطاعت بقوة إرادتها وقوة تنظيمها أن تنتزع حقوقها وتفرض برنامجها الذي صاغته باستقلالية تامة عن كل المحاولات للتدخل في قراراتها.
في عهد الحكم الساقط أيضاً هناك محاولات عدة قامت بها الطبقة العاملة للدفاع عن حقوقها في القطاع الخاص أو في القطاع العام، كالإضرابات التي جرت في معمل زنوبيا للسيراميك، وكذلك في الشركة العامة للبناء، التي تمكن العمال فيها من تحصيل الزيادة على أجورهم رغم حالة القمع السابقة، ورغم تخاذل النقابات السابقة وانحيازها لموقف أرباب العمل بمختلف أشكالهم. واليوم نشهد حراكاً عمالياً أخذ بالتوسع، ويصيغ مطالبه بالشارع، وهو مرشَّح للتوسّع، خاصةً إذا تحرَّكَ عمّال المعامل الذين بدأوا بخسران موقع عملهم بسبب التسريح الواسع الذي يجريه أرباب العمل لأسباب مختلفة.
لذلك فالرهان اليوم، وهو رهان كبير، أنْ تكسر الحركة العمّالية هذه القيود، وأنْ تجد لنفسِها مخرجاً من المعادلات السابقة التي أنهكتها وأضعفت دورها، وأنْ تتمتع بنفَسٍ نضاليّ جريء لتقول كلمتها المعبِّرة عن مصالحها، ومصالح الفقراء.
لقد وصلت أحوال الشعب السوري عموماً، والطبقة العاملة خصوصاً، إلى مستوى عالٍ من التردّي والسوء، وهو ما يُحدِثُ تراكماً كبيراً في الصدور والنفوس قد ينفجر في أيّة لحظة، ويأخذ مساراً غير مرغوب فيه، إنْ لم يجد مَن يوجِّهه وينظِّم خطواته ويصوِّب بوصلته نحو العدوّ الحقيقي الطبقي والوطني... والحقيقة أنّ هذا الدور الوطني الاستراتيجي لن يقوم به بالشكل الصحيح إلّا أناسٌ شرفاء متضامنون، ومخلصون للوطن وللطبقة العاملة. وهذا، كما هو برسم القوى والتيارات الوطنية، هو أيضاً برسم الحركة النقابية التي سيتشكل هيكلها التنظيمي على أسس جديدة يمكن أنْ تكون في هذه الحالة ضامناً حقيقياً لوحدة الوطن، ووحدة إرادة شعبه المتطلِّع إلى تحقيق أهدافه الوطنية الكبرى والحفاظ على كرامته وإنسانيته.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1210