التسريح بالجملة.. عمّال القطاع الخاص أيضاً...
شاركت قاسيون بأحد اجتماعات النقابيِّين المجتمعِين لغرض البحث والنقاش في مستجدّات الوضع العمّالي الخاص بالتجمّعات العمّالية المرتبطة بهم. وبرز خلال الاجتماع مداخلةٌ لأحدِ النقابيِّين الذي وضَّح بأنَّ هناك أحداثاً متسارعة وشديدة المظلوميّة تَحدُثُ في القطّاع الخاصّ، لا ينتبه لها الكثيرون بشكل عام، والمنظمة النقابية بشكل خاص، كون ملف العمّال المسرَّحين والموقوفين عن العمل بالقطاع العام يأخذُ جُلَّ اهتمام الفضاء العمّالي النّقابي.
- المكتب العمالي - حزب الإرادة الشعبية
وضَّحَ النّقابي العتيق بأنَّ هناك مئاتِ العمَّال الذين تعرضوا للتسريح الجماعي في كثيرٍ من منشآت ومعامل القطاع الخاص، وفي أكثر من قطاع إنتاجي وخدمي. وأعطى مثالاً عن أحد شركات الألبسة الجاهزة الكبيرة والمعروفة (ديادورا) التي قامت بإنهاء عمل أكثر من 500 عامل خلال الأسابيع الماضية، وبشكل غير لائق ومخادع؛ فقد قامت بعملية التسريح بشكلٍ تدريجي التفافاً على المادة القانونية في القانون رقم 17 التي تمنع التسريح الجماعي، تاركةً العمّال بلا عمل ولا أجر أو تعويض، دافعةً بهم إلى جيش العاطلين عن العمل ومصيرهم المجهول.
ركوب الأمواج
في مثال آخر قامت إدارة شركة (مكّي) للصّناعات الغذائية بإيقاف العمل وتسريح العمّال تدريجياً، وتحت حجج عديدة تدلُّ على استغلال رَبّ العمل للفوضى الحاصلة بهدف التهرّب من حقوق العاملين لديه، حتى أنّه تجرّأ على راتب الشهر الأخير لهم، حيث تقاضى العمّال رُبع أو نصف الراتب المعهود، مخصوماً منه ضِعف أجرة الأيام التي تغيَّبَ فيها أغلبيّة العمّال عن العمل خلال أسبوع السقوط وظروفِه من حَظْر تجوال وانعدِام الأمان وصعوبة المواصلات إلى مواقع العمل. وعليه فمِن الضروريّ أنْ تتابِعَ النقاباتُ المعنيّة وضعَ العمّال وحقوقَهم والتصدّي لدورها الطليعي في الدفاع عن كامل حقوق العمال في القطاع الخاص، الذي يحرص أرباب العمل على إبقائها في الظلّ، كي تمرّ كما مرّتْ عبر العقود الماضية مئاتُ القضايا المماثلة.
حقوق العمال واحدة أينما وُجدوا
من خلال تتبّع وسائل التواصل الاجتماعي وصفحاته ومنشوراته يمكن رصدُ عشرات الحالات المشابهة في القطاع الخاص، التي يصرح عنها العمّال ويعبرون فيها عن مظالم فصلهم أو توقّف منشآتهم عن العمل، وبقائهم دون عملٍ ومورد رزق، لتنقسم تلك المنشآت إلى قسمين أساسيّين: الأوّل، تلك المنشآت الكبرى المحسوبة على شخصيات متَّهمة بالفساد والارتباط برموز النظام السابق، مثل حمشو والأخرس ومخلوف والقاطرجي وغيرهم من «رجال الأعمال»، والتي تحوي على عشرات آلاف العاملين بأجر الذين انقطعت أرزاقهم ولقمة عيشهم دون أيّ رؤية واضحةٍ لآلية تحصيل حقوقِهم المالية والقانونية والتأمينية. أما القسم الثاني، فهي المعامل والمنشآت والورش التي توقّفت بسبب ضبابية المشهد السياسي والاقتصادي والقانوني والأمنيّ للبلاد، وخاصة بالقطاعات الإنتاجية كالصناعات الغذائية والنسيجة والكيماوية. وبالتالي فإن مئات آلاف العمّال المُعطَّلين يقبعون في منازلهم دون أيّ مردود مادّي يعينهم على معيشتهم ومسؤولياتهم الاجتماعية، فينتظرون مع المنتظرين.
الفرصة الآن للنقابات
يقع على عاتق النّقابات العمّالية اليوم الإلمامُ بملفّ عمّال القطاع الخاص، وملاحقة خيوطه، والمبادرة للإمساك بالملفّات الخاصّة بواقع العمّال أينما وجدوا، وتكوين رؤية واضحة لآليات الانخراط الطليعي بالدفاع عنهم وتحصيل حقوقهم، من خلال وضع برنامج عمل مستمَدّ من الواقع المستجدّ. وإنها لفرصة عظيمة لرفع دور النقابات بالقطاع الخاص، الذي بقي مهمَلاً وثانوياً منذ عشرات السنين، وخاصة في هذه المرحلة المهمّة والتاريخية، التي سترتسم خلالها معالِمُ الاقتصاد السوري وسوق العمل ومستقبل الطبقة العاملة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1210