بصراحة .. الهيئات العامة للمعامل مركز ضروري للحوار
تطورات الوضع السياسي التي جرت في بلادنا وما تبعه من توجهات للسلطة الجديدة تجاه المنظمات الشعبية، بما فيها النقابات العمّالية، أرخَتْ بظلالها على مجمل العمل اليومي الذي كانت تقوم به النقابات. وهو عمل بسيط لا يرقى سابقاً إلى مصافِّ حقوق العمال التي غُيِّبَت بفعل القوانين الجائرة وبفعل الهيمنة والتحكّم بقرارات الحركة النقابية ممّا جعلها مشلولة وغير قادرة على الفعل، ولا حتى القول، تجاه ما يجري بحق الطبقة العاملة.
اليوم تواجه الحركة النقابية تحدّياتٍ كبيرة تمسّ حتى وجودها، وبالتالي لا تملك القرار المستقلّ الذي يجعلها قادرةً على مواجهة التحدّيات الجديدة والمفروضة عليها، والتي تحتاج إلى موقف سياسي وطبقي شجاعَين، وهو ما لا تملكه أغلبية تلك الكوادر التي صُنِعَتْ في الغرف المغلقة، وقُدِّمَتْ جاهزةً للطبقة العاملة على أنّها تمثلها وتستطيع أن تدافع عن مصالحها وحقوقها.
على ضوء هذا الوضع تدور نقاشات واسعة بين بعض الكوادر النقابية المستشعرين بخطر توجُّهات السلطة الجديدة، وفي هذه النقاشات تطرح الكثير من الآراء التي يرى أصحابها أنّها صالحة للخروج من المأزق الذي وُضعَت به الحركة النقابية، وهذا الأمر جيّد من الناحية العامّة ولكنه غير كافٍ، لأنّه مفصول عن القاعدة العمالية صاحبة المصلحة الحقيقية بأن تبقى النقابات، ليس كما كانت، بل تبقى النقابات الحقيقية القادرة على حمل مسؤولية الدفاع عن مصالح العمال بالاشتراك الفعلي مع الطبقة العاملة، وأن يكون العمال أصحاب القرار فيما يتعلق بحقوقهم؛ وفي مقدّمتها حقوقهم الديمقراطية التي تمكّنهم من مواجهة كلّ ما يتهدّد مصالحهم بما فيها أجورهم.
ضمن وجهات النظر المطروحة الآن: كيف نعيد بناء الهيكل التنظيمي للحركة النقابية من القاعدة إلى القمة؟ وهذا الرّأي يستدعي إجراء انتخابات مبكرة، أو بالأحرى إعادة الانتخابات مرّة أخرى عوضاً عن التي جرت بالطريقة المعهودة التي كان يُفرَضُ فيها على العمّال مَن يمثّلهم، ابتداءً من اللّجان النقابية وانتهاءً بقوام المجلس العام، والخيارات في هذه القضية محدودة وليست بالأمر السَّهل، إلّا إذا تمّ العمل مع القواعد العمّالية والنقاش معها بضرورة هذه النقلة، التي تعتبر مهمة في حال تم ذلك، والمكان الصالح لمهمة كهذه هي الهيئات العامة في المعامل، التي تضم جميع العمال المنتسبين للنقابات، حيث يمكن عقد اجتماعات لهذه الهيئات وتداول الموضوع معها، واتخاذ القرار الذي يوافق عليه العمّال، وهذه الهيئات وفق قانون التنظيم النقابي لديها الحقُّ في سحب الثقة من اللّجان السابقة والقيام بانتخاب مَن يمثلها حقيقةً.
إنّ الإقدام على مثل هذه الخطوة يحتاج إلى توافق الكوادر النقابية في اتحادات المحافظات، المستشعرة بالمخاطر التي تحيق بالنقابات، على ضرورة هذه الخطوة والتي إنْ تمّت ستكون سابقة في تاريخ الحركة النقابية السوريّة.
إنَّ التواصل ما بين النقابات والعمّال، وإشراك الآخرين في حوار مفتوح عبر عقد اجتماعات للهيئات العامّة في المعامل والشركات، للوصول إلى توافقات مع العمّال حول السبل الكفيلة والمُجدِية لحماية النقابات، وكذلك لكي يكون للنقابات دورٌ في الحلّ السياسي المستند للقرار 2254، وحقوقهم ومكتسباتهم التي لن تكون بخير إنْ لم يكن للطبقة العاملة وزنُها السياسيّ والاقتصاديّ الفاعل في الحياة المستقبلية لشعبنا وبلادنا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1207