خيرُ الخطَّائين... التوّابون

خيرُ الخطَّائين... التوّابون

رصدنا خلال الأسابيع الماضية آراء من شرائح كثيرة وواسعة من العمال ولجانهم النقابية في مواقع عملهم، وكذلك المكاتب النقابية في اتحاد دمشق وريفها، واستنتجنا من خلال الحوارات والنقاشات الدائرة مجموعةً من النقاط التي اجتمعت عليها غالبية الآراء والأفكار وهي:

- المكتب العمالي لحزب الإرادة الشعبية

 إن البيان الذي أصدره الاتحاد العام لنقابات العمال الموقَّع باسم المكتب التنفيذي في تاريخ 9-12-2024، الذي ورد في فقرته الأخيرة: «باسم كافة النقابيين في الاتحادات المهنية واتحادات عمّال المحافظات والنقابات العمالية واللجان النقابية... نضع أنفسنا بتصرّف الأخوة في قيادة العمليات العسكرية في إقرار ما تراه مناسباً لقطّاعنا وفي كافة قطاعات العمل الوطني العام». إنّ هذه الفقرة التي تتناقض تماماً مع الفقرات الأخرى في البيان التي وضّحت استقلالية المنظمة وبأنّها جزءٌ من المجتمع المدني، وتعمل وفق قانون التنظيم النقابي ومعايير العمل العربية والدولية - هذا التناقض الصارخ وتوقيت إصدار البيان وصياغته وتوقيعه مستغربٌ ومستنكَر عند غالبية العمّال والنقابيين، لما له من مخاطر على الطبقة العاملة ومنظَّمتها التي تضمّ مئات آلاف العمّال في القطاعين العام والخاص، وكان من المفترض أنْ تضع القيادات والاتحادات والنقابات نفسَها بتصرّف الطبقة العاملة، لا أنْ تستبدل وصايةً بوصاية؛ لأنّ ذلك يتعارض مع مصلحة الطبقة العاملة واستقلالية المنظَّمة ودورها.
 إنّ الأسابيع الماضية عزّزت الخوف عند العمّال والنقابيين من التفريط بالمنظمة أو شلّ دورها أو تقسيمها، وخاصةً في ظلّ الإجراءات التي تُتَّخّذ في نقابات أو اتحادات أخرى هنا وهناك، رغم أنهم كانوا قد وعدوا أنفسهم بأنهم أمام مرحلة عظيمة عنوانها التحرُّر وعودة المنظمة لأصحابها العمّال.
 إنّ ازدياد الحديث عن الخصخصة بوجهها القديم/الجديد، والترويج لها بالتوازي مع مفهوم السوق الحرّ جعلت العمال والنقابيين يستنفرون قواهم ويجهّزون أنفسهم للدفاع عن معاملهم وشركاتهم ولقمة عيشهم، بما في ذلك من خلال الإسراع بإعادة انتخاب تنظيمهم النقابي من تحت لفوق قبل أن «تقع الفأس بالرأس».
 إن الفرح الكبير بانتهاء زمن الهيمنة والتسلّط الأمني وحرمان الطبقة العاملة من صناعة قرارها لن يكتمل إلّا من خلال عودة القرار لأصحابه العمال.
 إن التفريط بالمنظَّمة أو تجميدها أو مصادرتها خطأٌ وطني بامتياز، كون المنظَّمة بعمّالها هي إحدى أساسيات ضمان الوحدة الوطنية، كونها جامعة وعابرة لكل الأديان والقوميات، وموجودة على كامل الجغرافية السورية عمّالاً وتنظيماً، وهي المنظَّمة الأكثر عدداً والأعرق تاريخياً.
 إن المطلوب اليوم أنْ تبادر قياداتُ المنظَّمة - بحسٍّ وطنيٍّ وطبقي مسؤول ونكران للذات وبترجيح مصلحة العمال والمنظمة على أيّ مصلحة شخصية أو اعتبار أو خوف – إلى إطلاق انتخابات لكامل الهيئات التنظيمية «من تحت لفوق» بإشراف لجان منتخبة من العمال أنفسهم وبعيداً عن كل إملاءٍ ووصاية. وعليهم اليوم أن ينتقدوا ذاتهم ويأخذوا القرار الشجاع قبل فوات الأوان.
إنّ اجتماع الرأي عند العمال على هذه النقاط يتطلّب من الاتحاد العام أنْ يستمع جيداً لهذه الآراء والمواقف، ويتخذ القرار الصحيح لعلّ التاريخ يسّجل له ما عجز عن تسجيله طوال السنين الماضية، فإنَّ خير الخطَّائين التوّابون.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1207