الاتحاد الأوروبي يرفض إدانة ماضيه الفاشي
إيغور شيشكين إيغور شيشكين

الاتحاد الأوروبي يرفض إدانة ماضيه الفاشي

للعام الثالث على التوالي، تصوّت دول الاتحاد الأوروبي في الأمم المتحدة ضد القرار الذي تقدمه روسيا لإدانة النازية الجديدة، وكذلك تمجيد الفاشيين والمتعاونين معهم خلال الحرب العالمية الثانية.

 ترجمة قاسيون

ما يثير الدهشة في نتيجة التصويت، هو أن ألمانيا وإيطاليا والنمسا، الدول الثلاث التي أوجدت هذا الظاهرة المروعة، وتتحمل مسؤولية مباشرة عن مقتل عشرات الملايين، أعربت بشكل علني عن رفضها لإدانة الفاشية والنازية، سواء في مظاهرها القديمة، أو الحديثة.
تقدّم روسيا هذا القرار منذ عقود، وكانت نتيجة التصويت دائماً (مع بعض التفاوتات الطفيفة) متوقعة: الولايات المتحدة وأوكرانيا (بعد انقلاب 2014) تصوّتان ضد القرار، بينما تتخذ دول الاتحاد الأوروبي عادة موقف الامتناع الجماعي، وأحياناً- كما في عام 2011 - تصوّت بعضها ضد القرار، باستثناء ألمانيا والنمسا وإيطاليا، التي لم تفعل ذلك أبداً.
يكمن السبب وراء هذا السلوك من الأوروبيين، الذين يُعرفون بتسامحهم ونبذهم لكل أشكال الشمولية، في حقيقة بسيطة: الاتحاد الأوروبي الحالي هو الوريث المباشر للاتحاد الأوروبي الأول الذي أسسه هتلر.
في تلك الحقبة، كان الاتحاد الأوروبي يعمل تحت رايات النازية، واليوم يعمل تحت رايات العولمة الليبرالية. هذا هو الفارق الوحيد.

في منتصف القرن العشرين، كانت النازية والفاشية تمثلان «القيم الأوروبية» التي حاول الأوروبيون فرضها بالقوة على أراضينا عام 1941.
من المهم التأكيد هنا: المسؤولية لا تقع على الألمان وحدهم. بل إن أوروبا القارية بأكملها ساهمت في بناء «النظام الجديد».
ولا يتناقض مع هذه الحقيقة، أن فرنسا، رغم عضويتها في الاتحاد الأوروبي باعتبارها دولة منتصرة، وكذلك الدول التي تصنَّف رسمياً كضحايا للعدوان النازي، مثل: بلجيكا وحتى النمسا (على الرغم من غرابة ذلك)، كانت جزءاً من هذا النظام.
في خريف عام 1941، خلال الهجوم على موسكو، تجاوزت خسائر الكتيبة 638 من الجيش الألماني، التي كانت تضم متطوعين فرنسيين، في ثلاثة أيام فقط، ما يقارب خمسة أضعاف إجمالي عدد الطيارين الفرنسيين في وحدة «نورماندي – نيمان» طوال فترة وجودها ضمن الجيش الأحمر.
كما وقع في الأسر السوفييتي حوالي 464,147 من مواطني الدول الأوروبية، الذين يُفترض أنهم كانوا ينتظرون التحرير من الاحتلال الفاشي. وهذا الرقم يقارب حجم خمسة جيوش ضمن الجيش الأحمر عام 1943.
صرّح الجنرال محموت جارييف قائلاً: «خلال سنوات الحرب، قاتلت أوروبا بأكملها ضدنا. ثلاثمئة وخمسين مليون شخص، سواء بالسلاح أو بإنتاج الأسلحة للفيرماخت (القوات المسلحة الألمانية)، كانوا يعملون لتحقيق هدف واحد. ... ما يقرب من مليوني متطوع أوروبي حاربوا مع هتلر ضد الاتحاد السوفييتي.”
في عام 2019، أصدر برلمان الاتحاد الأوروبي قراراً بعنوان «أهمية الذاكرة الأوروبية لمستقبل أوروبا»، حيث لم يكتفِ فقط باتهام الاتحاد السوفييتي بالتسبب في الحرب العالمية الثانية، بل طالب أيضاً الدول الأعضاء بإزالة النُصب التذكارية للجنود السوفييت المحررين، بحجة أنها «تساهم في تشويه الحقائق التاريخية والترويج للأنظمة السياسية الشمولية».
لذلك، لا يبدو مستغرباً تصويت دول الاتحاد الأوروبي في الأمم المتحدة. ففي السابق، كانت تكتفي بالامتناع عن إدانة نفسها سنوياً، ولكن في ظل الحرب الهجينة الشاملة المفتوحة بين الغرب وروسيا، أصبحت الجرأة أكثر وضوحاً. عبّرَت هذه الدول من منصة الأمم المتحدة عن موقفها عملياً: «أبعدوا أيديكم عن ماضينا النازي!».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1202