النقابات والعمل اللائق
منذ اعتماد يوم السابع من تشرين الأول يوماً عالمياً للعمل اللائق، تحتفي النقابات العمالية ومنظمة العمل الدولية كل عام في معظم البلدان، بما فيها بعض الدول العربية، بتعزيز فكرة العمل اللائق من أجل الحصول على الحقوق الأساسية للعاملين بأجر، إذ يؤكِّد مفهوم العمل اللائق على تأمين فرص العمل المِنتِج لجميع طالبيه في ظروف من الحرية والمساواة والأمن والكرامة.
ويتضمن مفهومُ العمل اللائق فرصَ العمل المنتجة التي تـوفر أجوراً مُجزيةً تتناسب مع مستوى الوضع المعيشي الوسطي، وتوفير الأمن في موقع العمل والحماية للعاملين، من خلال تأمين شروط وقواعد الصحة والسلامة المهنية والحماية الجسدية والعقلية للعامل خلال تأديته لعمله، وتوفير الحماية الاجتماعية للعمال وأسرهم، وفـرصاً أفضـل لتحقيـق الـذات وتطويرها، وأن تتاح للعاملين حرية التعبير والمشاركة فـي القرارات التي تؤثّر على حياتهم، وتأمين الفـرص المتسـاوية والمعامَلـة المتسـاوية.
أمّا الأجور فهي من أهم محددات العمل اللائق، ويعتمد الأجر اللائق على معايير تتعلق بالمعدل الوسطي لمتطلبات المعيشة حيث يجب ألّا يقل عن الحد الأدنى لهذه المتطلبات المعيشية، والتي تتلخّص بالغذاء والدواء، والسكن، والملبس، والتعليم للعامل وأفراد أسرته التي يعيلها، وألّا يزيد عدد ساعات العمل التي يقضيها العامل خارج منزله للعمل 48 ساعة أسبوعياً. إنّ قوى النهب والفساد في البلاد، بما فيها الموجودة في قطاع الدولة، ليست حريصة على توفير شروط وظروف العمل المناسبة للعمال، وفي مثل هذه الظروف على النقابات العمالية أنْ تقاتل باسم العمال وتعمل على توفيرها.
إنّ تاريخ الطبقة العاملة فيه الكثير من الانتصارات النضالية، وكذلك الإخفاقات. ومن مهامها مواجهة العدو الطبقي ولا سيّما قوى النهب والفساد. ولكن النقابات في بلدنا باتت منفصلة عن العمل النقابي الهادف لتحقيق مصالح وحقوق العمال المشروعة، وفاقدة لقدرتها على المفاوضات الجماعية وإبرام عقود العمل الجماعية، أما عقود العمل الفردية التي يضطر العمال للتوقيع عليها وهي بعيدة عن النقابات، هي أشبه بعقود الإذعان، وخالية من ضمان عناصر العمل اللائق أيضاً. إنّ عدم توفر العمل اللائق في البلاد، ليس وليد انفجار الأزمة، بل هو ظاهرة سابقة لها، حيث انفجار الأزمة لم يساهم إلا بتسريع انهيار آثار العمل اللائق الهشة وزيادة تراجع مقوماته. إن توفير العمل اللائق للعمال يرتبط بحقوق أساسية مشروعة، كرَّستْها معايير العمل والتشريعات الدولية ونوّه إلى بعضها الدستور. ومن أهم عوامل فقدان العمل اللائق تقاعس الحكومات والنقابات للنهوض بالعمل اللائق للعاملين، وما يدل على ذلك الغلاء وانهيار القوة الشرائية للأجر، وعدم استخدام النقابات حقها الدستوري في الدفاع عن الأجر لجميع العاملين. ومن جهة أخرى أثّرت قوانين العمل النافذة بشكل سلبي في حصول العمال على العمل اللائق نتيجة انحيازها لمصالح أرباب العمل، وهذا ما ساهم بتوسُّع قطاع العمل غير المنظم وزيادة العاملين فيه.
أما نقاباتنا فهي تدافع عن مصالح مناهضة للطبقة العاملة وممثّلة في السلطة التنفيذية التي تستولي على النقابات من خلال سطوتها على انتخاباتها المختلفة من قاعدة التنظيم النقابي حتى رأس هرمه. بات من الضروريّ بمكان الكفاحُ من أجل التغيير الجذري والعميق بما في ذلك في النقابات بشكل يضمن عودتها للدفاع عن حقوق العمال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1196