علاقة العمل ومشاكلها
أديب خالد أديب خالد

علاقة العمل ومشاكلها

كثيرة هي المشاكل العمالية وهذه مسألة طبيعية، فكل عمل تنتج عنه مشاكل، ومن الطبيعي جداً أن تجد تلك المشاكل آذاناً صاغية لها واهتماماً خاصاً بها من أجل إيجاد الحلول لها وتذليل كافة الصعوبات التي تواجه العمالة أثناء تأديتهم أعمالهم. وهذه من مهام النقابات العمالية وما تمثله من وزن على الأرض من خلال استخدامها الأدوات النضالية لتفرض رؤيتها ووزنها في تنظيم علاقة العمل وإيجاد الحلول المناسبة، وفي هذه الحلول والاهتمامات سوف تكون لها حتماً إيجابيات على طرفي علاقة العمل وهما العامل ورب العمل، لأن بناء علاقة عمل متوازنة يعني أن العامل سيؤدي عمله وبكامل طاقته ونشاطه مما يعطي إنتاجاً عالي المستوى، وبذلك يسير العمل بانسيابية، وبالنتيجة تنصب تلك الفائدة لمصلحة رب العمل، وهذه بمحصلتها النهائية تكون بمصلحة الدولة مما يدخل في عناصر تطور النمو الاقتصادي للدولة.

غير أنه لو كانت هناك مشاكل عمالية ولم يتم الاهتمام بها ولم تتم معالجتها بالشكل الصحيح، وكذلك لم تكن هناك آذان صاغية تستمع إلى هذه المشاكل وتعمل على تذليلها، فهذا يؤدي حتماً إلى تفاقم هذه المشاكل، مما يؤثر سلباً على أداء العامل وبالنتيجة يؤثر سلباً على إنتاجه مما ينعكس سلباً على رب العمل، وبالمحصلة سوف يكون هذا الحال ذا تأثير سلبي في عناصر التطور الاقتصادي للدولة ويعطل نموها بالكامل كما حصل في قضية الأجور والرواتب الهزيلة التي يتقاضاها العمال والتي أدت إلى شلل اقتصادي في البلاد وعطلت عجلة الإنتاج.
المشاكل العمالية بنوعيها سواء المفتعلة منها أو الطبيعية، يجب أن تلاقي حلولاً سريعة لضمان عدم استفحال المشكلة ومحاولة منع تطورها لتصبح ظاهرة مما يصعب السيطرة عليها، لتكون بعد ذلك حجر عثرة أمام التطور التنموي للدولة. المشكلات المفتعلة هذه تعتبر الآفة التي تصيب واقع العمل بمقتل وهي على نوعين، الأول المشاكل التي يفتعلها رب العمل وذلك للضغط على العامل من أجل التنازل عن بعض حقوقه وهذا نعتبره الابتزاز العمالي ومن خلاله يحاول رب العمل أن يستنفد كل طاقات العامل بأقل الأجور.
وهذه المسألة بحد ذاتها تتنافى وقواعد الإنسانية والمعايير الدولية في التعامل مع العامل، أو قد يفتعل رب العمل أي مسألة أو مشكلة من أجل التخلص من العامل بما يضمن ألّا يطالب بحقوقه التي في ذمة رب العمل نتيجة خدمته العمالية، وقد يصل الموضوع إلى اتهام العامل بالسرقة أو خيانة الأمانة وغيرها من الجرائم محاولاً الضغط على العامل للتنازل عن حقوقه، وغيرها من المشاكل المختلفة.
والنوع الثاني من المشاكل هي تلك التي يختلقها العامل ذاته لأسباب شخصية، ومنها محاولته الانتقال إلى عمل آخر أو لإجبار رب العمل على زيادة أجره وغيرها من المشاكل.
ومن الممكن لو تم السكوت عن هذه الحالات أن تصبح ظاهرة يصعب السيطرة عليها.
هذه المشاكل سواء الطبيعية منها أو المفتعلة لا بد من التصدي لها ومعالجتها، ففي الدول المتحضرة تعمل الحكومات على سن القوانين العمالية وفقاً للمعايير العالمية لغرض تنظيم شؤون العمالة، وبشكل واضح ومعروف للجميع، وتكون هناك مراجعة دورية لهذه القوانين كل فترة زمنية للوقوف على المشاكل المستجدة ومحاولة التغلب عليها من خلال تعديل مواد في تلك القوانين، أو إضافة أخرى أو حذف بعضها أو إصدار قانون جديد إنْ استوجب الأمر. وهذه القوانين العمّالية تأخذ على عاتقها وضع الحلول القانونية للمشاكل كافة، مع احتواء تلك القوانين على البيانات والتعليمات العالمية الصادرة بشأن العمالة لمراعاة المعايير الدولية عندما يتم وضع قانون عمل في دولة ما.
غير أننا نجد أن حل المشاكل العمالية لا يكون فقط في موضوع سن قانون جديد وذكر المعايير العالمية ضمن مضامينه، بل إننا نجد أنه مهما كانت صياغة القانون الجديد متينة ودقيقة ومهما تضمنت من معالجات عمالية وإنسانية، فإن وضع المشاكل يبقى قائماً كما هو، بل يمكن أن يتطور رغم المعالجات القانونية. فلماذا؟
لأن معالجة المشكلة لا تكمن في القانون وإنما في نظام الهيئات التي تنظر في النزاع القائم بين العامل ورب العمل، وهي المحاكم العمالية، والتي من المفترض أن تجد حلولاً للنزاعات العمالية بأسرع وقت ممكن وخلال أيام، وليس خلال سنوات كما يحصل الآن، لأنّ مِن غير الطبيعي أنْ تبقى علاقة العمل معلَّقةً لسنين لنجد حلاً لها ممّا يعرقل عملية الإنتاج ويؤدّي إلى توقّفها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1180