حال العمالة السورية في لبنان

حال العمالة السورية في لبنان

أطلقت الحكومة اللبنانية حملةً صارمة ضد «العمالة السورية غير القانونية»، والتي تهدف إلى الحد من وجود العمال الذين لا يحملون أوراقاً نظاميّة، وتنفيذاً لذلك يكثف عناصر الأمن العام عمليات التفتيش على المتاجر والشركات لضبط المخالفين.

تشمل إجراءات الحملة «ملاحقة وقمع مخالفات الإقامة والعمل في مختلف المناطق، من خلال القيام بدوريات على المحلات التجارية التي يملكها أو يديرها سوريّون للتحقق من وضعها القانوني، والتحقق من وثائق الإقامة العائدة لكل منهم، والتثبّت من وجود كفيلٍ لبناني للعامل أو صاحب العمل السوري»، بحسب ما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام».
إضافة إلى «التحقق ممّا إذا كان مسجَّلاً لدى مفوضية الأمم المتحدة للّاجئين، وبالتالي فهو لا يحقُّ له ممارسة أيّ عمل، وسحب المستندات والأوراق العائدة للمحلّات المخالفة وأصحابها، وتوقيف المخالفين منهم، وإقفال وختم المحالّ المخالفة بالشمع الأحمر بناءً على إشارة القضاء المختص».

بين مؤيد ومعارض

 يرى مؤيّدو القرار في لبنان أنه ضروريّ لحماية حقوق العمّال اللبنانيّين وخلق فرص عمل لهم، خاصة في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية، في المقابل، يعارض آخرون هذه الحملة، ويعتبر بعضهم أنّها تنعكس سلباً عليهم حيث إنّ اللاجئين السوريين الذين فرّوا من الحرب في بلادهم قد ساهموا في تنشيط بعض القطاعات الاقتصادية التي تعاني من نقص في اليد العاملة، حيث إنّ أغلبيتهم يعملون في مجالات لا يعمل بها اللبنانيّون، وإعادتهم إلى بلدهم ستؤدّي إلى نقصٍ حادّ في العمالة في قطاعات حيوية، ممّا يعرقل الإنتاج ويزيد من تكاليف التشغيل.

استغلال أزمة السوريين لخفض أجورهم

ردّ عمّال سوريّون على الحملة الحكومية الأخيرة بمقاطع فيديو قصيرة تظهر مهاراتهم في أداء الأعمال الخطيرة والشاقة. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعَ فيديو لعاملِ بناءٍ سوري يعمل على ارتفاع شاهق، وهو يدعو اللبنانيين إلى القيام بعمله، وفي مقطعٍ آخر، يظهر عاملُ عتالة سوري وهو يحمل حمولةً ثقيلة، ويدعو اللبنانيين لأداء المهمة ذاتها.
ويؤكّد رئيس نقابة عمّال البناء في شماليّ لبنان، جميل طالب، الاعتمادَ الكبير لقطاع البناء في البلاد على اليد العاملة السوريّة، موضّحاً أنّ السبب الرئيسيّ وراء ذلك هو انخفاض أجور العمّال السوريين مقارنة بالعمّال اللبنانيين، ممّا يجعلهم قادرين على مزاحمة العمّال اللبنانيين الذين يعانون من ارتفاع كلفة المعيشة.
«قبل الحرب في السورية، كان هناك 250 ألف عامل سوري في لبنان وارتفع العدد اليوم إلى نحو مليوني عامل يعملون في قطاعات الصناعة والزراعة والبناء»، كما يشير رئيس تجمع مزارعي وفلّاحي البقاع، إبراهيم الترشيشي، «ولطالما شكّل العمال الزراعيون السوريون الغالبية العظمى في اليد العاملة الزراعية في لبنان، فهم العمود الفقري لهذا القطاع، وتصل نسبتهم إلى 90 في المئة من العاملين فيه».

على المستوى السياسي

وخلال القمّة العربية التي انعقدت في البحرين في 16 أيّار الجاري، تطرَّق رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى ملف اللاجئين السورين، حيث تحدّث عن تزايد أعدادهم في لبنان «ما يشكل ضغطاً إضافياً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة والموارد المحدودة لوطننا».
وأمِلَ ميقاتي تفعيلَ عمل لجنة الاتصال العربية بشأن سورية «ممّا يساعد على تحقيق رؤية عربية مشتركة متَّفَقٍ عليها، وبلوَرَة آليّة تمويلية لتأمين الموارد اللازمة لتسهيل وتسريع عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، حيث ينبغي التوقف عن استخدام هذه القضية التي باتت تهدد أمن واستقرار لبنان والدول المضيفة والمانحة على حد سواء».
وفي ظلّ شبه تخلٍّ أو استهتار حكومي سوريّ ونقابيّ عن متابعة أوضاع اللاجئين السوريين عامّة في لبنان وغيرها من الدول المجاورة، وخاصة أوضاع العمال منهم، وما يتعرضون له من ابتزاز واستغلال وممارسات عنصرية ونهب لقوة عملهم حيث يعملون بأجور بخسة جداً لا تكفيهم كفاف يومهم، وهُم مرغمون على العمل بأيّ شروط وظروف عمل ولو كانت غير إنسانية.
مع العلم أنّ ملف اللاجئين السوريين هو ملف إنساني وسياسي من الدرجة الأولى، وحلّه مرتبط بحلّ الأزمة السورية وإنهاء معاناة شعبها في الداخل والخارج، فاللاجئون السوريّون باتوا أداةً بيد الدول المضيفة تستغلّهم وفقَ مصالحها السياسية دون اعتبار لمعاناتهم الإنسانية ودون احترام لقواعد القانون الدولي التي تنظم حالات اللجوء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1178