العمال وأعداؤهم الطبقيّون
يتساءل العمال في جلساتهم المتاحة لهم سواء في مكان العمل أو في أحيائهم، وخاصة عندما يحصلون على ما يسمّى رواتبهم أو أجورهم، وعندما يذهبون إلى الأسواق التي في مناطق إقامتهم العشوائية والأحياء الفقيرة المنتشرة في طول البلاد وعرضها، وشبه المعدومة من الخدمات العامة المختلفة من كهرباء ومياه وغيرها – يتساءلون: ترى من الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه؟
إنهم يتساءلون مَن هو ذلك الندّ الذي يبذل كلَّ ما في وسعه كي يجعل عيشتنا في القاع (وعم يجعلنا نركض ما نلحق). فعمّال قطاع الدولة بعضهم يشير بالبنان إلى الحكومة بأنّها هي خصمنا الأساسي، فهي تعمل دائماً على رفع الأسعار للمواد الأساسية والضرورية للحياة، وأزالت كلَّ أشكال الدعم المزعوم وبالتالي تقدّم كل المبرّرات للآخرين كي يقوموا برفع الأسعار ودون حسيب أو رقيب، بينما أجورنا ورواتبنا تضعها في مبرّدات كلّية القدرة على التجميد، والبعض الآخر من العمال يلقي باللّوم على التنظيم النقابيّ لأنّه يقف دائماً مع الحكومة، وكأنه ليس مِن العمّال، ويعتبر نفسه والحكومة شركاء حيث أكبر وسيلة ضغط لديه من أجل حقوقهم ومطالبهم لا تتعدّى المذكّرة تلوى المذكّرة، أو مطالبة الحكومة من خلال بعض الكتب والمداخلات في المؤتمرات النقابية أو الاجتماعات مع الحكومة أو ممثّليها من مدراء عامّين أو غيرهم. ويشتدّ النقاش والحوار بينهم فهذا يقول إنّ السبب وراء ما وصلنا إليه مِن حالٍ اليوم هو هذه الحكومات وسياساتها الاقتصادية الاجتماعية التي لا تخدم إلا الناهبين والفاسدين، ومهما بذلوا من جهد ولبسوا من الأقنعة والوجوه المختلفة فهذا لا يغيّر من جوهر الواقع شيئاً، ونحن نعرفها وكذلك. وسكوتنا أو ضعفنا لا يعني أننا نجهل هذه الحقيقة. وآخر يقول: يا أخي كلّ الحق على النقابات لأنّها لحدّ الآن لم تتّخذ موقفاً واضحاً وصريحاً من سياسات الحكومات المتعاقبة، والتي ما زالت متَّبعة إلى اليوم. أمّا هذه الأساليب والأدوات للمطالَبة ببعض القشور فهي لا تُغني ولا تُسمن مِن جوع. أمّا عمال القطاع الخاص فيقول البعض منهم إنّ أرباب وأصحاب العمل هم شرُّ البليّة، فهم لا يدفعون لنا الأجر المجزي والمناسب للحياة، وهم ظالمون لنا ودائماً يهدّدونا بالطرد والفصل ليحرمونا لقمة عيشنا وعيش أولادنا. ويروي آخر:
«مو بس هيك يا خيو القوانين والحكومة كلها إلى صفهم وكمان يحرموننا من التسجيل لدى التأمينات الاجتماعية وإذا تكرموا علينا وسجّلوا حدا بسجّلوه براتب هزيل لا يحقق لنا شيء في حال وصلنا إلى التقاعد أو تعويض في حال الاستقالة، وما في حدا يدافع عنا. مرة اختلفنا نحنا وصاحب العمل من أجل بعض حقوقنا ومطالبنا من أمن صناعي وأجور وغيرها من الحقوق المفقودة، قام راح استنجد بالنقابة وإجت النقابة تفكّ الخلاف بتبويس الشوارب واللحى، يعني نحنا مو مخلّصين لا من أرباب العمل ولا من الحكومة والنقابات».
ويقول عامل سمع أطراف الحوار خلال تجمّعهم أمام بسطة الخضار: «بس رغم هيك بيني وبينكم ما لنا إلّا نحطّ إيدينا مع بعض ونكون صوت واحد».
ومن جهتهم يقول الصناعيّون القابضون على الجمر وما زالت تعمل منشآتهم بالحدود الضيّقة: لقد أنهكتنا الضرائب المفروضة من قبل الحكومة وزيادة أسعار الطاقة بأشكالها المختلفة، هذا عدا الإتاوات المفروضة علينا والتي تزيد من تكاليف الإنتاج ويقع عِبْؤها على المواطنين كافة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1178