هل الحد الأدنى للأجور الحالي كافٍ للمعيشة؟

هل الحد الأدنى للأجور الحالي كافٍ للمعيشة؟

الحد الأدنى للأجور هو أقلّ ما يمكن دفعه كأجر، والذي لا يُسمَح بأقلّ منه، وتُعـَدُّ سياسـة الحـدّ الأدنـى للأجـور مـن السياسـات التـي تتبعهـا الكثيـر مـن الـدول مـن أجـل تحقيـق العدالـة الاجتماعيـة لتــأمين حــدٍّ أدنــى مــن الـدخل، بما يضــمن توفير الاحتياجات الأساســية. حيث يُعرَّف الحد الأدنى للأجور باعتباره أدنى مبلغ من المال يتقاضاه العامل في الساعة، أو اليوم، أو الشهر نظير عمله، ويتحدد بموجب القانون، أو من خلال الاتفاقات المتبادلة بين النقابات وأصحاب الأعمال.

ويعني رفع الحد الأدنى للأجور المزيد من الأموال في أيدي العمال، بما يُساهم في رفع معدلات الاستهلاك والادخار، بما ينعكس على ارتفاع معدلات النشاط الاقتصادي، وتحسين مستوى المعيشة للأفراد، كما يساهم في تقليل التفاوت في توزيع الدخول بين الأفراد.

اتفاقية منظمة العمل الدولية

تنص الاتفاقية (رقم 131) لعام 1970 على تحديد الحد الأدنى للأجور، ويجب أن يتضمن مستوى الحد الأدنى للأجور حواراً اجتماعياً، ويأخذ في الاعتبار احتياجات العمال وأسرهم، وكذلك العوامل الاقتصادية.
وقد نصت الاتفاقية على الحد الدنى للأجور، حيث تشمل العناصر التي تؤخذ في الاعتبار لتحديد المستويات الدنيا للأجور، بقدر الإمكان وبما يتفق مع الممارسات والظروف الوطنية:
1- احتياجات العمال وعائلاتهم مع مراعاة المستوى العام للأجور في البلد، وتكاليف المعيشة، وإعانات الضمان الاجتماعي، ومستويات المعيشة النسبية للمجموعات الاجتماعية الأخرى.
2- العوامل الاقتصادية، ومنها: متطلبات التنمية الاقتصادية، والمستويات الإنتاجية، والرغبة في بلوغ مستوى مرتفع من العمالة والحفاظ عليه.
حدَّدت الحكومة السورية الحدَّ الأدنى للأجور والرواتب بما يقارب الـ 280 ألف ليرة سورية بعد الزيادة الأخيرة، ولكن من المعلوم قانونياً وإنسانياً -حتى في القانون الدولي، وحقوق الإنسان، واتفاقيات منظمة العمل الدولية- أنْ يضمن الحد الأدنى للأجور تأمين متطلبات المعيشة وأساسياتها من مأكل وملبس ومشرب، ويؤمن حياة كريمة للعامل، ويغنيه عن الفقر والحاجة، فهذا من حق العامل الطبيعي الذي يضمن له إعادة إنتاج قوة عمله واستمرارها.
لكن الحكومة السورية حين حددت الحد الأدنى للأجور والرواتب لم تأخذ بعين الاعتبار كل القوانين المحلية والدولية، حيث الحد الأدنى للأجور لا يضمن حتى 1% من تأمين متطلبات المعيشة، فالحد الأدنى للمعيشة اليوم وصل إلى 12 مليون ليرة سورية شهرياً لأسرة مكونة من 5 أفراد، حسب مؤشر جريدة قاسيون، وبالقياس مع مستوى الأسعار المتحرك في الأسواق.
قال تقرير أممي: إن سعر سلة الغذاء المرجعية في سورية، ارتفع بنسبة 100% منذ مطلع العام 2023، وثلاثة أضعاف مقارنة بالعام الماضي. وبحسب تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن تكلفة السلة الغذائية ارتفعت في أيلول الماضي إلى 938 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 67 دولاراً حسب سعر الدولار في ذلك الشهر، وأوضح التقرير أن تخفيض دعم الوقود في الأشهر الأخيرة، إضافة إلى انخفاض قيمة الليرة السورية، أدّى إلى مزيد من الضغوط التضخمية على تكلفة السلة الغذائية.
وتاريخياً، تم اعتماد الدعم الحكومي للمواطنين كمعيار يعترف بتشوه سياسة الأجور، وعدم كفايتها، ولكن الحكومات السورية اعتمدت سياسة رفع الدعم عن المواطن دون معالجة التشوه في الأجور وتعويضها، وبالتالي ازداد فقر العامل نتيجة لارتفاع الأسعار، ورفع الدعم، وانخفضت القيمة الشرائية للأجور -تبعاً لذلك- إلى مستويات مخيفة، باتت تهدد الطبقة العاملة بالجوع.
نصَّ قانون العمل رقم 17 على تشكيل «اللجنة الوطنية للأجور» وضرورة اجتماعها لدراسة الحد الادنى للأجور على ضوء المتغيرات الاقتصادية بما فيها النقدية، وعلاقة تلك التغيرات وانعكاسها على الوضع المعيشي للعمال، وتضمّ في عضويتها ممثلاً عن الحكومة وأرباب العمل والنقابات، إلا أنّ هذه اللجنة لم تعقد أي جلسة، ولم تجتمع منذ صدور القانون عام 2010 رغم توفر موجبات الاجتماع القانونية والاجتماعية وبالرغم من التآكل الذي أصاب الأجور وانخفاض قيمتها الشرائية وعدم كفايتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1174
آخر تعديل على الإثنين, 20 أيار 2024 12:58