بصراحة ... فلتأخذ الحكومة أجرتنا وتصرف علينا
حال العمال والفقراء عموماً لم يعد خافياً على أحد، ولم تعد تنفع أنواع المسكنات التي توصف لهم كلها من أجل أن يصبروا على وجعهم... وجعهم المزمن الذي وصل إلى أدق خلاياهم ولم يجدوا له دواءً شافياً حتى الآن.
كيف سيوجد الدواء؟ ومسببات الداء ما زالت قائمة! وتفعل فعلها في جسدٍ هدّه التعب والشقاء وطول الحرمان، يضاف إليها الإذلال في كل تفصيلة من تفاصيل حياتهم؛ في شراء الخبز هناك إذلال، في انتظار (سرفيس) يوصله إلى عمله إذلال، في تأمين الطعام وما تحتاجه عائلته إذلال، حتى لو مات هذا الفقير فإنه يُذَلُّ في موته فلا يجد قبراً يؤويه في مماته أي «فوق الموتة عصة قبر».
في كل مرة يلتقي العمال مع بعضهم البعض في مجالسهم، وفي ذهابهم إلى العمل و إيابهم منه، يكون القاسم المشترك لحديثهم حول الأسعار وارتفاعاتها المستمرة، وحول أجورهم التي لا تكفي للأيام الأولى من الشهر، كما عبّرت إحدى العاملات عن ذلك؛ مطالبةً الحكومة أن تأخذ أجرَها وهي تصرف على العمّال، كنايةً عن ضعف تلك الأجور التي سببها موقف الحكومة وسياساتها من تلك الأجور، حيث يسود ويجري الترويج دائماً عبر وسائل الإعلام عن سعي حكومي لتحسين مستوى معيشة العمال والفقراء «إيصال الدعم لمستحقّيه» ولكن في كل مرّة عبر رفع أسعار المشتقات النفطية وأسعار الكهرباء، وهذا يؤشِّر إلى أنّ الحكومة عازمة على سحب ما ستقدّمه من رفعٍ للأجور بالرغم من ضآلتها باليد اليمنى وتعود لسحبه بيدها اليسرى، عبر رفعٍ متوالٍ للأسعار لا يتوقّف عند حدّ، وتقول كما تقول النار «هل من مزيد؟» ولكن من جيوب الفقراء والعاملين بأجر، بينما أصحاب الأرباح وقوى النهب يعيشون بنعيم ولا تثريب عليهم لنهبهم وتجويع الآخرين وهم الأغلبية الساحقة من شعبنا العنيد.
لا يمكن التسليم بحجة الحكومة ومبرراتها التي تسوقها مراراً وتكراراً وهي (معروفة) أمام النقابات والعمال في مؤتمراتهم واجتماعاتهم، وهي حجة لا تصمد أمام الواقع المرّ الذي يعيشه العمّال وما يقدّمونه من تضحيات في معاملهم، من أجل أن يستمر الإنتاج إذا كان ذلك ممكناً من حيث الوضع الفني لخطوط الإنتاج وتوفّر المواد والطاقة وخلافه، كي تبقى المكنات تدور دون توقف، وفي كل الأحيان تكون الحكومة هي من يعيق استمرارية الإنتاج وتطوره في العديد من المراكز الإنتاجية التي فيها إمكانية عالية لزيادة إنتاجيتها، وبالتالي إمكانية تحسين الوضع المعيشي لعمالها من خلال التعويضات المختلفة، مثل الحوافز الإنتاجية وطبيعة العمل والوجبة الوقائية وغيرها من القضايا التي يُحرم منها العمال وهم على رأس عملهم.
بعد تلك الأحاديث التي يتداولها العمال عن أوجاعهم، يكون السؤال الأساسي لديهم: إلى متى سيبقى حالنا هذا دون تغيير؟
إنّ طرح السؤال، رغم بساطته، يعني أن العمال بدأوا يفكّرون بشكل التغيير المطلوب من أجل حقوقهم، التي حرمتهم إيّاها تلك السياسات الحكومية المنحازة كلّياً للأغنياء، الذين اغتنوا من لقمة العمال وجوعهم، والتفكير في المعاناة سيوصل إلى خطوات وهذه الخطوات ستقود العمّال إلى ابتداع الاشكال المطلوبة لانتزاع حقوقهم وهم يعرفونها جيداً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1174