بصراحة ... الكلمة الآن للطبقة العاملة وحلفائها
تنتفض الحكومات في أقاصي البلاد وأقربِها بسبب نزول العمّال إلى الشوارع، ليس في الأول من أيار فحسب بل في كل الأوقات التي يرى فيها العمّال ضرورة لتحرّكهم رافعين راياتهم، وقبضاتهم القوية، ووجعَهم المزمن الذي تجدِّدُه كلَّ يومٍ آلةُ النَّهب الرأسماليّ لقوّة عملهم، حيث لا يملكون سواها من أجل أن تستمرَّ دورة حياتهم.
حين ينزل العمّال إلى الشوارع والساحات يعني ذلك إرسال إشارات ورسائل واضحة إلى ذاك الحلف غير المقدَّس، بين رأس المال والحكومات، بأنّ الطبقة العاملة ستكسر تلك القيود، وليس لديها ما تخسره في سياق كفاحها المتواصل من أجل حقوقها السياسية الاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية، التي تُطوِّرُ أشكالَ النضال من أجلها وتوسِّعُ دائرة المطالب بها، وتجلَّى هذا الأمر بوضوح مع تطور العدوان الصهيونيّ وتحالف الغرب وأمريكا معه في الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني ومحاولة منعه من انتزاع حريته واستقلاله، وهذا يعكس التناقض العميق الذي يزداد عمقاً بين الشعوب من جهة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة، وبين قوى رأس المال الفاشيّ وفي مقدّمتها أمريكا.
لقد سعى الرأسماليّون إلى احتواء الحراك العمّالي بطريقتين؛ الأولى، بتقديم تنازلات جزئيّة للعمّال، وهذا ترافق بشراء بعض القيادات العمالية التي تقبل بما يقدَّم لها، وبالتالي تجري المساومة على الحقوق الأساسية للعمال بما فيها التفاوض على نسبة زيادة الأجور التي يطالب بها العمال، ويعلنون من أجلها الإضراب كما يحدث الآن في الكثير من الدول التي قدمت تنازلات للطبقة العاملة في مرحلة سابقة، لتعاود الهجوم مرة أخرى على تلك المكتسبات في ظل السياسات الاقتصادية الليبرالية التي اجتاحت العالم ومن ضمنها حقوق العمال ومكاسبهم، حيث تلعب المؤسسات المالية الإمبريالية «صندوق النقد والبنك الدوليان ومنظمة التجارة العالمية» دوراً أساسياً في توجيه الحكومات نحو تقليص حقوق الطبقة العاملة إلى الحدود القصوى.
الطريقة الثانية هي القمع المباشر لأيّ حراك عمّالي، حيث تتعرض العديد من القيادات النقابية للتضييق والملاحقة والاعتقال بسبب نشاطهم العمالي المدافع عن حقوق الطبقة العاملة، كما هو حادث في بعض دول أمريكا اللاتينية والدول الإفريقية والآسيوية بما فيها منطقتنا العربية.
إنّ الطبقة العاملة السورية قد خاضت تلك التجارب التي خيضت في كل الدول، واستطاعت انتزاع بعض حقوقها بما فيها الإضراب، حتى في ظل الاستعمار الفرنسي، وعهد الاستقلال وما بعده بقليل ليتغير الوضع تدريجياً، وكان يختلف الموقف من العمال حسب الظرف السياسي السائد في كل مرحلة من المراحل، ولكن الناظم والجامع للمواقف من حق العمال في كل الأوقات هو تقييد حركة العمال بالتعبير عن مصالحهم وحقوقهم، وإطلاق يد قوى رأس المال بشرعنة نهبه. ولكن هذا الأمر لن يدوم طويلاً، بسبب التغيرات الجارية على الصعيد العالمي والإقليمي والمحلي، حيث ستطالُه التغيُّرات المترافقة مع تطوّر وعي وتنظيم الطبقة العاملة التي ستجعل التغيير حقيقياً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1173