الأول من أيار يوم من أيام الكفاح العمالي
تقديراً لقيمة العمل والعمال يحتفي العالم في بداية شهر أيار من كل عام بعيد العمال العالمي، يوم النضال والتضامن العمالي من أجل المصالح والحقوق الاجتماعية الاقتصادية النقابية والوطنية. وذلك تأكيداً وتأييداً لنضال الطبقة العاملة من أجل الحصول على حقوقها. فالعمال هم بناة الأوطان ويعد يوم الأول من أيار من أهم المناسبات التي ترسخ النضال والتضامن العمالي، وتظهر فيه قيمة وقدسية العمل، خاصة أن العمال هم أصحاب التنمية والتقدم وهم عصب الاقتصاد في عملية الإنتاج في المجتمع.
في هذا اليوم تدعو النقابات المناضلة والمكافحة في العالم ملايين العمال للإضراب عن العمل لمراجعة أوضاعهم وظروفهم، والنظر فيما تحقق لهم وما لم يتحقق، ورفع مطالبهم بصوت عال في احتجاجات وتظاهرات كبيرة. ويعود هذا الاحتفاء بالأول من أيار لأواخر القرن التاسع عشر عندما نظم العمال في الولايات المتحدة إضراباً عامّاً شارك فيه مئات آلاف العمال يمثلون آلاف المصانع، يطالبون بثالوثهم المقدس: ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات راحة، ثماني ساعات نوم. حيث كان العمال يعملون ساعات طويلة في اليوم ويأخذون أجور زهيدة مقارنة بما ينتجونه من قيمة زائدة يعود جلُّها إلى جيوب أصحاب العمل الرأسماليين، وقد حقق الإضراب نجاحاً كبيراً حيث شُلَّت الحركة الاقتصادية في المدينة.
قامت السلطات بافتعال مجزرة كبيرة وقتلت العديد منهم، وقامت السلطات بإعدام عدد من قادة الإضراب والمظاهرات العمالية. الاحتفال بهذا اليوم ليس مجرد تظاهرة بروتوكولية لتقديم شهادات تكريم أو غيرها من الأنشطة الثقافية أو مهرجانات خطابية تتحدث فيها النقابات عن مكانة العمّال والعمل، في الوقت الذي تعاني فيه الطبقة العاملة في أرجاء الوطن ظروفاً تعسّفية لا تحترم فيها إنسانية العامل وحقه في العيش بكرامة من خلال فرض الشروط القاسية على العمال وخاصة الأجور التي لا تتناسب بالمطلق مع مستوى المعيشة بسبب الغلاء والنهب والفساد المستشري في البلاد.
الأول من أيار لهذا العام يختلف فيما يحيط به من ظروف ووقائع دولية وإقليمية، وشكلٍ غير مسبوق من تسارع النهب لمقدّرات وإمكانيّات وثروات البلاد والعباد، وما عانته الطبقة العاملة من فقر وبؤس وشقاء، إضافة إلى عرقلة تقدم الصناعة سواء في قطاع الدولة أو في القطاع الخاص، واستمرار السياسات الاقتصادية التي لا تخدم إلا قوى النهب والفساد وتساهم في الاستغلال المكثف للعمال ونهب قوة عملهم، من خلال انهيار قيمة الأجور واستفحال الغلاء الذي أسهم في زيادة الإفقار وتدني مستوى المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة، مما جعل الوضع المعيشيّ للعمال يزداد سوءاً. وإنكار حقهم من أجل الدفاع عن مطالبهم ومصالحهم باستخدام ادواتهم الكفاحية من إضراب واعتصام وغيرها من أشكال الاحتجاج، وافتقاد الضمانات الاجتماعية والتنكر للمصالح وللحقوق الأساسية، لعمال قطاع الدولة والقطاع الخاص المنظم وغير المنظم.
اليوم في ذكرى الأول من أيار، اليوم العالمي لتضامن العمال، يوم إعادة شحذ الهمم والنضال من أجل حقوق ومصالح العمال المسلوبة، اليوم الذي تعبّر فيه الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي عن استمرار نضالها لتحصيل حقوقها من خلال المظاهرات والإضرابات والاعتصامات، لكي تذكِّرَ قوى الاستغلال بأنّ الطبقة العاملة لا يمكن أن تستغني عن هذه الأدوات. ويأتي هذا اليوم تتويجاً لنضال العمال وكفاحهم المرير لانتزاع حريتهم وحقوقهم الاقتصادية والتشريعية والديمقراطية من براثن الاستغلال. حيث استطاع العمال آنذاك انتزاع العديد من الحقوق الهامّة والمكتسبات الضرورية ودفعوا ثمناً باهظاً لتحقيق ذلك من شهداء واعتقالات وسجون. وبهذه المناسبة العالمية والأممية نتوجّه إلى عمال وطننا الكادحين القابضين على الجمر بالتحية في هذا اليوم المجيد الذي يرمز إلى الكرامة والحرية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1173