في ذكرى تأسيس الحركة النقابية
مع صدور هذا العدد تكون قد مرت الذكرى الـ 86 لتأسيس الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية، الذي أعلن عن تأسيسه عام 1938 برئاسة النقابي مصطفى العريس. ويعد هذا اليوم محطة هامة في نضال الحركة العمالية في سورية، كان هدفها الرئيسي تدعيم وحدة الطبقة العاملة ووحدة الحركة النقابية من خلال نشاط الاتحاد العملي واليومي في مختلف الميادين النضالية.
هذا وقد انعقد في دمشق أول مؤتمر للنقابات في أواخر عام 1938 طالب الحكومة بالاعتراف بالنقابات وبحقوقها، وتم إصدار قانون اعترفت السلطة فيه بنشاط النقابات العمالية تحت ضغط الحركة العمالية والنقابية. إنّ تاريخ العمال السوريين ممتلئ بالعديد من المحطات الوطنية والطبقية، حيث خاضت النقابات والاتحادات العمالية طريقاً شاقة من النضال، حتى انتزعت حق الطبقة العاملة السورية بحرية تشكيل النقابات للدفاع عن مصالح وحقوق العمال منذ بداية القرن العشرين. وخاض العمال العديد من النضالات ضد الاستعمار وضد أرباب العمل. ومن جهة أخرى يكون قد بدأ اتحاد عمال دمشق مؤتمره السنوي الأخير لهذه الدورة النقابية. وكان اتحاد عمال دمشق قد تأسس في عام 1936 لقيادة النقابات العمالية الموجودة في دمشق، وكان من أهم نشاطاته: رفع المطالب العمالية إلى المجلس النيابي والحكومة حول حرية تأليف النقابات، وساعات العمل والأجور، والتسريح، وتعويض الشيخوخة، والإجازات السنوية، والراحة الأسبوعية، وأجر العمل الإضافي، وغيرها من المطالب والحقوق. كما خاض اتحاد عمال دمشق الإضرابات من أجل زيادة الأجور عام 1937 واستطاع تحقيق ذلك.
في هذه الذكرى، لتأسيس اتحاد نقابات عمال سورية، التي تجاوزت عقدها الثامن والنصف، على النقابات اليوم أن تجدد النضال في سبيل مطالبها المشروعة من أجل تعديل قوانين العمل التي تنحاز لمصالح أرباب العمل وزيادة الأجور وربطها بمستوى المعيشة، والوقوف ضد الخصخصة، والسعي لممارسة حقها في الإضراب، والنضال لتعزيز وحدة الحركة النقابية، ومنع تقسيمها حتى تستطيع أن تلعب دورها الوظيفي في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة السورية. وكذلك خوض معركتها الوطنية الطبقية لمواجهة قوى النهب والفساد الكبير، التي تعمل على تقسيم النقابات لسلب الطبقة العاملة كل حقوقها، وهي من أهم الاستحقاقات التي تواجهها البلاد. النقابة سلاح العمال الأفضل لتحسين ظروف عملهم وتحسين شروطه، والنقابة هي مدرسة طبقية لوعي الطبقة العاملة لموقعها في المجتمع ووحدة الطبقة العاملة.
إنّ أشكال وأساليب النضال النقابي التي اتُّبعت خلال العقود الماضية والتي ما زالت تُتّبع حتى اليوم، قد تعرّضت وما تزال تتعرض إلى إضعافها وإبقاء غالبية العمال خارج هذه النقابات، وخاصة عمال القطاع الخاص، وتحويل المنظمة النقابية القائمة إلى قناة تيسير للسياسات الاقتصادية الليبرالية المعادية لحقوق ومصالح العمال والمجتمع، وأداة لتدجين العمال تساهم في إخضاعهم لسطوة قوى الفساد والنهب في البلاد.
والخوف اليوم أن يكون مصير الحركة النقابية هو التشرذم وفقدان وحدة الطبقة العاملة، ما يسهل على أعدائها افتراسها بكل سهولة. لقد آن الأوان لوضع جديد، يمضي بعيداً عن هذه الأساليب والوسائل التي تعمل بها النقابات اليوم، والتي لا تساهم ولا تساعد في توحيد صفوف العمال والحركة النقابية.
وإذا نظرنا إلى معظم النقابات في الدول العربية وبالأخص منها نقاباتنا، نرى ظاهر العمل النقابي يشير إلى وجود أجواء من الديمقراطية، غير أن بواطن الأمور تخفي عكس ما يظهر منها. فكل صوت يغرد خارج الجوقة تتم محاصرته ومنعه والتضييق عليه، وهذا ساهم في كتم الأصوات المعبرة عن معاناة ومشاكل الطبقة العاملة والكادحين، وتجفيف الحركة النقابية من الكوادر والطاقات العمالية النضالية، ما جعل النقابات حكراً على بعض الأحزاب التي تهيمن في غالبية المجالات وتتحكم وتمسك بمعظم المفاصل.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1166