بعض ما نشر عن العمال وأحوالهم

بعض ما نشر عن العمال وأحوالهم

يصادف صدور هذا العدد مع استعداد الطبقة العاملة لبدء عام جديد من معاناتها اليومية من أجل حقوقها ومطالبها المعيشية، فقد وصل متوسط تكاليف المعيشة لأسرة العاملين بأجر في سورية إلى ارتفاع غير مسبوق وبات يهدّد ليس فقط الطبقة العاملة بل ملايين السوريين، وما زال الحد الأدنى لأجر العامل السوري لا يغطي الجزء اليسير من نصف تكلفة الحد الأدنى لمعيشة الفرد العامل لوحده، نستعرض بعض ما رصدته قاسيون خلال العام المنصرم للعديد من القضايا والمطالب العمالية.

الأجور محرك الاقتصاد

ماكينة النهب والفساد الكبيرة ما زالت مستمرة في العمل وحققت خلال هذه الأزمة أرباحاً لم تحققها منذ نشوء هذه المنظومة. تعتبر الطبقة العاملة من أكبر الخاسرين مقارنة مع مختلف الشرائح الاجتماعية في البلاد. وتعرض آلاف العمال نتيجة سياسة السلطة التنفيذية الاقتصادية والاجتماعية التي طبقتها للتجويع وللأمراض الصحية المختلفة والأمراض الاجتماعية. وما زالت الحكومة تصد السمع عن مطالبات العمال في رفع الحد الأدنى للأجور وفقاً لمعدلات التضخم وارتفاع الأسعار، بل ما زالت مستمرة في تطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية بعيدة عن مصالح العاملين بأجر.

تجميد الأجور يعني خراب الإنتاج

سياسة تجميد الأجور التي تنتهجها الحكومة تعبّر عن سياساتها الليبرالية الاقتصادية التي دمرت العمل والإنتاج معاً، فالعلاقة بين الإنتاج والاستهلاك علاقة مترابطة جداً ومتشابكة، فمن خلال سياسة تجميد الأجور تم حصر المال والثروة في أيدي قلة قليلة وحرمت الغالبية من حصتهم بالثروة، وضربت أسس عملية الإنتاج رغم حديث الحكومة المتواصل عن أهميته للخروج من الأزمة الاقتصادية. طبعاً نحن لا نتأمل من هذه الحكومة أن تقدم على أية حلول إنقاذية... فهي إلى الآن لا تزال تراهن على صوابية سياساتها، وتلقي باللوم على العوامل الخارجية فقط، دون الاعتراف بهزيمة برنامجها الليبرالي.. ويبقى أملنا في توحيد صفوف الطبقة العاملة وتجميعها على برنامج يؤمن مصالحها الاقتصادية والاجتماعية ليكون لها كلمة في الاستحقاقات المقبلة، وخاصة في الحل السياسي، وبغير ذلك سيبقى الفاسدون مهما اختلفت انتماءاتهم يتحكمون بلقمة الشعب السوري.

العداء لليبرالية يوحد السوريين

ما زالت الحكومة ومِن ورائها قوى الفساد ورغم الصمت الرسمي حول ما يحصل، ومن خلال بعض الوجوه الإعلامية والسياسية ترمي بمسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية على المؤامرة الخارجية والحصار والعقوبات دون حتى أن تعترف رغم كل ما حصل ويحصل بخطأ سياستها، متهمة الموجة الجديدة من الحراك الشعبي كعادتها بأنهم مدفوعون من الخارج مستغلين سوء الأوضاع الداخلية. من جهتهم، الحراك الشعبي ومن خلال تجاربه مع هذه الحكومة لديه ثقة كاملة بأن الحكومة لن تتراجع عن سياسة إفقار المواطن وأنه كما تحدثنا في عدة مقالات سابقة بأنه لا يمكن القطع مع هذه السياسات إلا من خلال الحل السياسي وتطبيق القرار 2254.

عمال القطاع الخاص والواقع الصعب

قبل الأزمة الوطنية كانت معاناة عمال القطاع الخاص.. كبيرةً بسبب غياب الرقابة على المنشآت من حيث تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية، وشروط العمل القاسية لغياب وسائل الوقاية من المخاطر وضعف الأجور.. اليوم العامل يتعرض .. لمعاناة أكثر من السابق لدخول عوامل أخرى منها التهجير والنزوح ويضاف إليها الآن إغلاقات المعامل التي أدت إلى تسريح الكثير من العمال وفقدهم لعملهم .. وهذا ما يجعل العامل مضطراً للقبول بشروط مجحفة بحقه أكثر..

الطبقة العاملة هي البداية والنهاية في التغيير المطلوب

إن أحد أسباب ضعف المواجهة مع المشروع الليبرالي كان احتواء الحركة النقابية وإخراجها من دائرة الفعل المقاوم للسياسات الليبرالية مع العلم أن الكوادر النقابية قد أشارت مراراً وتكراراً إلى مخاطر تلك السياسات الاقتصادية والسياسية، ولكن أدواتها المفترض أن تواجه بها ليست بيدها مما جعل مواقفها المعلنة من الليبرالية رغم أهميتها غير ذات جدوى في تخفيض آثارها العدوانية إلى الحدود الدنيا، وهذا يعني أهمية مراجعة تجربة الحركة النقابية في مرحلة ما قبل الأزمة، وأثناءها من أجل الانتقال بالنضال العمالي والنقابي بما يساهم في دحر المشاريع المختلفة. المطلوب خارطة طريق للحركة النقابية قاعدتها الأساسية الطبقة العاملة السورية من أجل حماية ما تبقى من الاقتصاد الوطني من الهجوم الليبرالي واسع النطاق، وخاصةً الجانب الإنتاجي منه، والدفع باتجاه استعادة دور الدولة الكامل الذي نص عليه الدستور السوري.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1155