الضمان الاجتماعي

الضمان الاجتماعي

الطبقة العاملة تعاني من ظروف عمل معقدة غير سليمة، وذلك حسب طبيعة وبيئة عمل كل مهنة، وبالأخص منها ما يتعلق في الأجور المناسبة التي تؤمن المعيشة الكريمة للعامل، وعدم توفير وسائل الصحة والسلامة المهنية، بالإضافة إلى قوانين العمل غير المنصفة للعمال، وخاصة عمال القطاع الخاص، مما أفقد العمال الكثير من الحقوق العمالية وفي المقدمة منها الأجور المناسبة والعادلة، التي في حال عدم توفرها تؤدي إلى ارتفاع نسب الفقر والبطالة.

ظهرت فكرة الضمان الاجتماعي مع بدايات النهضة الصناعية وتطورها وتقدمها، التي كانت تؤدي إلى زيادة الأخطار التي يتعرض لها العمال وتهدد سلامتهم، إضافة إلى أمنهم المعيشي، ومع ظهور الحركة النقابية العمالية، والتي كانت تطالب بضرورة وجود تأمين اجتماعي للعمال، مثل الإجازة المرضية مدفوعة الأجر، وإصابات العمل وتأمين الشيخوخة وغيرها من الحقوق للطبقة العاملة. لمواجهة المخاطر التي تهدد العامل وضرورة تأمين الأمن له.
يعتبر الضمان الاجتماعي من القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأساسية في المجتمع، لأنها مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالواقع المعيشي من ظروف اقتصادية واجتماعية. أما من حيث الأولوية لدى العمال اليوم هو حصولهم على أجر عادل يكفل لهم حياة كريمة تلبي المتطلبات المعيشية اللازمة لاحتياجات أسرهم وإعالتهم لها، هذا إضافة إلى حقهم في فرصة عمل لائقة ومناسبة لإمكانيتهم وتطلعاتهم.
تناضل النقابات العمالية التي تمثل العمال قولاً وفعلاً في أرجاء المعمورة من أجل التأمين الاجتماعي المناسب للعمال وأسرهم وحمايتهم من البطالة والمرض والإصابة والشيخوخة. وتضمنت الوثائق والتشريعات الدولية ووثائق اتحاد نقابات العمال العالمي أيضاً، بأنه لكل شخص في المجتمع، حق في الضمان الاجتماعي، يوفر له الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي لا غنى عنها لكرامته. من خلال مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاه له ولأسرته، وخاصة المأكل والملبس والسكن والعناية الطبية الضرورية، كذلك أكدت على حماية العمال من البطالة، والمرض والعجز والشيخوخة أو غيرها من الظروف الخارجة عن إرادته التي تفقده أسباب عيشه.
من هنا ظهرت ضرورة وجود نظام اجتماعي يضمن للعمال الحماية والأمن، وأصبح أحد مقاييس التقدم في كل الدول، وحسب ما يتضمن من تشريعات تساهم في تعزيز التكافل والحماية الاجتماعية للطبقة العاملة ويهدف إلى ضمان الأمن الاقتصادي للعامل وأسرته من المخاطر وآثارها، من خلال التعويض عن الأضرار الناجمة عن هذه المخاطر مثل تأمين العلاج للعمال المرضى والإصابات الناتجة عن حوادث العمل أو مرض مهني، وتأمين المصاب بعجز جزئي وتمكينه من مزاولة عمل جديد يتناسب مع قدراته الجديدة بعد العجز، وتوفير الحماية لأسرة العامل من بعده في حال الوفاة أو إصابته بعجز كلي. ومن جهة أخرى يساهم الضمان الاجتماعي في التنمية والسلم الأهلي في المجتمع. وتقع مسؤولية تطبيق الضمان الاجتماعي وحمايته في حياة العمال الأساسية على الحكومة والنقابات كممثلين للعمال سواء في قطاع الدولة أو القطاع الخاص. وعندما بدأت الحكومة بتبني السياسات الاقتصادية الليبرالية بدأت عمليات تقليص الحماية الاجتماعية وتزايدت خلال السنوات الأخيرة من عمر الأزمة الوطنية الناتجة عن تلك السياسات الاقتصادية.
وكانت منظمة العمل الدولية قد أكدت بأنه «لا بديل عن قيام الدولة بمسؤوليتها للحماية الاجتماعية بشكل مباشر ودون وسطاء مثل الجمعيات الخيرية أو منظمات المجتمع المدني أو تبرعات أصحاب الأموال. وأن الحماية الاجتماعية الفعالة والشاملة ليست ضرورية فقط للعدالة الاجتماعية والعمل اللائق، بل وأيضاً لخلق مستقبل مستدام للعامل، وقادر على الصمود أيضاً».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1150