مشقة التوجه إلى القضاء
أديب خالد أديب خالد

مشقة التوجه إلى القضاء

نص قانون العمل رقم 17 لعام 2010 في الفصل الأول من الباب التاسع على منازعات العمل الفردية، حيث جاء في المادة 203 منه على أنه يقصد بمنازعات العمل الفردية الخلافات التي تنشأ بين صاحب العمل والعامل في معرض تطبيق أحكام قانون العمل وعقد العمل الفردي، وجاء في المادة 204 على أنه إذا نشأ نزاع عمل فردي في شأن تطبيق أحكام هذا القانون جاز لكل من العامل وصاحب العمل اللجوء إلى المحكمة المختصة المشكلة وفق أحكام هذا القانون لتسوية هذا النزاع، وتفصل المحكمة المختصة على وجه السرعة في منازعات العمل الفردية وفق أحكام هذا القانون وعقد العمل الفردي المبرم بين الطرفين.

ولكن التطبيق العملي للمحكمة العمالية التي تشكلت وفق أحكام هذا القانون تمثلت ببقاء هذه المحكمة معطلة لمدة ثلاث سنوات متتالية بسبب طبيعة تشكليها الثلاثي بين ممثل عن أصحاب العمل وممثل عن التنظيم النقابي برئاسة قاضٍ يسميه وزير العدل بسبب عدم تفرغ أعضاء المحكمة العمالية للعمل ليصدر قانون التفرغ لأعضائها بعد ذلك، حيث بدأت انطلاقتها عام 2014.

رحلة القضاء الطويلة

وبالرغم من النص في القانون على أن تفصل المحكمة المختصة على وجه السرعة في منازعات العمل الفردية إلا أن القضايا العمالية تحتاج إلى سنوات لتصل إلى الفصل، مما يضيّع الفائدة من المحكمة وينسف الفائدة من قانون العمل نهائياً، ويهضم حقوق العمال، خاصة في هذه الظروف الاقتصادية التي نمر بها حيث تتراجع بها قيمة العملة وترتفع الأسعار يومياً مما يؤدي إلى ضياع حقوق العمال وعدم استفادتهم من أي تعويض مادّي قد يحصلون عليه عبر القضاء، لأنه سيكون فاقداً لقيمته الحقيقية أثناء سير الدعوى، مما يؤدي إلى عزوف العمال عن التوجه للقضاء بسبب طريقه الطويل والبحث عن أساليب أخرى للتسوية مع رب العمل حيث لا يحصلون بها سوى على الفتات بعد سنوات كثيرة قضوها بالعمل.
حبذا لو طبق المشرع على قرارات المحكمة العمالية صفة النفاذ المعجل لأحكامها بقوة القانون وبدون كفالة كما نصت عليه المادة 292 من قانون أصول المحاكمات المدنية على ما يلي:
النفاذ المعجل بغير كفالة واجب بقوة القانون في الأحوال الآتية:
‌أ. الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة أياً كانت المحكمة التي أصدرتها وذلك ما لم ينص في الحكم على تقديم كفالة.
‌ب. الأحكام الصادرة بالنفقة أو بأجرة الحضانة أو الرضاع أو المسكن أو تسليم الصغير أو إراءته لوليّه.

الوساطة الإدارية

وقد نصت المادة 208 من قانون العمل على الحل الإداري للخلافات التي تتعلق بتسريح العامل أو بإخطاره بالفصل منه فإنه يجوز للعامل أو النقابة المعنية وبناء على طلب العامل أن يطلب من مديرية العمل المختصة التوسط من أجل تسوية هذا النزاع خلال عشرة أيام من تاريخ تبليغه الفصل من العمل أو بإخطاره بالفصل منه، حيث تقوم مديرية العمل بالتوسط بين صاحب العمل والعامل في محاولة لحل النزاع بينهما خلال شهر كحد أقصى، وإذا لم تفلح الوساطة جاز للعامل مراجعة القضاء.
ولكن قانونياً وعملياً لا يوجد لدى مديرية العمل أية أداة قانونية لتحوز قراراتها أية حصانة قانونية أو ضمانة لتنفيذها وتبقى قراراتها غير ملزمة لطرفي العلاقة العمالية مما يجعل التوجه نحو مديرية العمل للوساطة بلا فائدة، خاصة أن الكثيرين من أرباب العمل لا يلبّون دعوة المديرية لحضور جلساتها للوساطة.

التحكيم الخاص

الحل الأفضل والأمثل هو إعادة سلطة القضاء كاملة للمحكمة العمالية وإلغاء تمثيلها الثلاثي الاستثنائي، وبعد ذلك يتم إحداث غرفة خاصة بالمحكمة مختصة بقضايا التسريح من العمل لكثرة هذا النوع من الدعاوى وما تحتاجه من سرعة للبت بها، كما يمكن إحداث مراكز قانونية مرتبطة بوزارة العمل تكون مهمتها إعداد محكمين بين طرفي العلاقة العمالية يتم اللجوء إليهما للحلول الودية للقضايا العمالية حيث اكتسب التحكيم- كوسيلة لحل وتسوية المنازعات- أهمية كبيرة في العصر الحديث باعتباره عاملاً مساعداً للقضاء ويخفف الضغط على المحاكم كما يساعد الأطراف المتنازعة على اختصار الوقت والمال وتحصيل حقوقهما بأسرع وقت ممكن، ولا يخفى على أحد أن علاقات العمل قد شهدت تطوراً كبيراً نتيجة لتطور الحياة، فلماذا لا يأخذ التحكيم العمالي دوره مثل التحكيم التجاري وغيره؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1150