العمل اللائق للعاملين بأجر

العمل اللائق للعاملين بأجر

تطور العمل المأجور منذ ظهوره، باعتباره أحد شروط العيش من أجل البقاء على قيد الحياة، وشرطاً لتطور المجتمع، حيث كان العمل في بداياته يعبّر عن النشاط الفردي لتحقيق الحاجات الشخصية للإنسان، والتي كانت تتضمن الحاجات اللازمة والضرورية التي تسمح له بالعيش، وكانت مقتصرة على الحياة اليومية فقط، ثم تطور حتى أصبح نشاطاً يعبر عن حاجات المجتمع، وأصبح بإمكان كل فرد تلبية جزء من حاجاته وحاجات غيره، مقابل أجر.

تكفي الثروة المنتجة من قبل العاملين بأجر اليوم لتلبية جميع الاحتياجات المعاصرة لجميع العمال والشعوب على وجه الأرض. مع ذلك، فإن التناقضات بين العمال وقلة من أصحاب النفوذ تزداد مع تعمق الأزمة الاقتصادية البنيوية للرأسمالية. ومع ذلك تقوم الحكومات في المراكز الرأسمالية ودول الأطراف بتدابير مناهضة للعمال ضد الأجور والمعاشات التقاعدية وظروف عمل العمال.
لقد ازداد الفقر المدقع والبطالة. وسوف يؤدي غلاء الأسعار في الوقود والتدفئة والسلع الاستهلاكية إلى جعل جميع العمال وأسرهم في وضع أسوأ. نحن نطالب بتحسين فوري في مستويات المعيشة للعمال والمتقاعدين من خلال زيادة الرواتب والمعاشات، مع عقود العمل الجماعية التي تضمن ظروف عمل لائقة مع ضمان اجتماعي للجميع. ويشير مفهوم العمل اللائق إلى تأمين فرص العمل لجميع طالبي العمل، للحصول على فرص عمل منتجة في ظروف من الحرية والمساواة والأمن والكرامة. هذا وقد أصدرت منظمة العمل الدولية العديد من الاتفاقيات التي تتعلق بشروط العمل اللائق لجميع العاملين بأجر.
إن مفهوم العمل اللائق كما عرفته منظمة العمل الدولية واعتمد مـن قبـل المجتمع الدولي» هو العمل المنتج للعاملين بأجر، الذي يحترم الحقوق الأساسية للعاملين، مـن الحريـة والعدالـة والأمن والكرامة الإنسانية، ويتضمن فرص العمل المنتجة التي تـوفر أجوراً مُجزية تتناسب مع معدل مستوى الوضع المعيشي، ويوفر الأمن في موقع العمل والحماية للعاملين، من خلال تأمين شروط وقواعد الصحة والسلامة المهنية للعامل لحمايته الجسدية والعقلية خلال تأديته لعمله، وتوفير الحماية الاجتماعية للعمال وأسرهم، وفـرص أفضـل لتحقيـق الـذات وتطويرها، وأن تتاح للعاملين حرية التعبير والمشاركة فـي القرارات التي تؤثر على حياتهم ويؤمن الفـرص المتسـاوية والمعاملـة المتسـاوية».
يعتبر مؤشر الأجور من أهم محددات العمل اللائق وهو يعتمد على معايير ومؤشرات، تتعلق بعدد ساعات العمل التي يقضيها العامل خارج منزله للعمل، والمعدل الوسطي لمتطلبات المعيشة الذي يجب أّلا يقل عن الحد الأدنى لهذه المتطلبات المعيشية، والتي تتلخص بالغذاء والدواء، والسكن، والملبس، والتعليم للعامل وأفراد أسرته التي يعيلها.
إن فقدان العمل اللائق في البلاد ليس وليد انفجار الأزمة، بل هو ظاهرة سابقة لها، حيث انفجار الأزمة لم يساهم سوى بتسريع انهيار آثار العمل اللائق الهشة وزيادة تراجع مقوماته. إن توفير العمل اللائق للعمال يرتبط بحقوق أساسية مشروعة أتى على بعضها الدستور وكرستها معايير العمل الدولية.
من أهم عوامل فقدان العمل اللائق تقاعس الحكومات، والنقابات للنهوض بالعمل اللائق للعاملين، وما نشهده اليوم من غلاء وانهيار للقوة الشرائية للأجر، وعدم استخدام النقابات حقها الدستوري في الدفاع عن الأجر لجميع العاملين. وقد أظهرت قوانين العمل النافذة مجموعة من الاختلالات أثرت بشكل سلبي بالحصول على العمل اللائق بدءاً من العقد شريعة المتعاقدين إلى الفصل من العمل والتسريح التعسفي للعمال وليس انتهاءً بالتهرب من تسجيل العمال لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية وما زال أرباب العمل يسعون إلى المزيد من السطو على حقوق العاملين بأجر.
كذلك يعتبر الأمن الصناعي أحد محددات العمل اللائق يسعى إلى الحد من الحوادث في المجال الصناعي والإنشائي وتقليلها إلى أقصى حد ممكن وبالتالي تقليل تكاليف الإصابات الناجمة عن الحوادث أثناء العمل (إصابات العمل) ويؤمن هذا العلم بضرورة الحماية اللازمة للعمال ورفع مستوى الإنتاجية فالأمن الصناعي هو عبارة عن مجموع الإجراءات الاحترازية المتخذة لتوفير الحماية اللازمة والسلامة للعاملين في المنشآت الصناعية والإنشائية الصغيرة منها والكبيرة، لاستمرار إنتاجها ويتجسد من خلال خلق بيئات عمل آمنة تخلو من وقوع الحوادث والإصابات وما يترتب من أمراض مهنية مختلفة، ويتدخل الأمن الصناعي في جميع مجالات العمل من صناعة وزراعة وخدمات مختلفة والتشييد والبناء وحتى في قيادة السيارات والسير في الشوارع.
لذلك لا بد من أن يكون هناك تشريع واضح للأمن الصناعي يكون ملزماً لكل القطاعات الإنتاجية (الصناعية والزراعية والخدمية) يحدد فيها شروط مكان العمل وبيئية العمل ودرجة أمان الآلات والمعدات وتأمين مكان عمل يأخذ بعين الاعتبار الإضاءة اللازمة للمنشأة والضروري لكل مهنة، وتخفيف الضجيج إلى الحد المسموح به عالمياً، وتهوية مكان العمل بشكل مناسب، والحفاظ على درجة حرارة معتدلة وتأمين اللباس اللازم للعمال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1125