علاقات العمل الجماعية
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

علاقات العمل الجماعية

نص قانون العمل رقم 17 لعام 2010 وفي الباب الثامن منه على أحكام علاقات العمل الجماعية، وجاء في الفصل الأول منه على طريقة التشاور والتعاون بين منظمات أرباب العمل ونقابات العمال حيث نصت المادة (177) من القانون على أنه يشكل بقرار من الوزير وبرئاسته مجلس استشاري للعمل والحوار الاجتماعي يضم في عضويته ممثلين عن الجهات المعنية وعدداً من ذوي الخبرة وممثلاً عن منظمات أرباب العمل والاتحاد العام.

ويتولى المجلس إبداء الرأي وتقديم المقترحات في الموضوعات التالية:
مشروعات القوانين المتعلقة بعلاقات العمل واتفاقيات العمل العربية والدولية واتفاقيات العمل الثنائية ودراسة الموضوعات ذات الصلة بالعلاقات المهنية والإنتاجية على المستوى الوطني، واقتراح الحلول المناسبة لاتقاء منازعات العمل الجماعية على المستوى المهني، وتنمية سبل المفاوضة الجماعية وتشجيع إبرام اتفاقيات العمل الجماعية.
ولكن إلى الآن لم يرَ هذا المجلس النور لأسباب غير معروفة ولم يأتِ القانون بإلزام لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على تشكيله ولم يحدد طريقة انعقاده ونصابه، بل جاء النص عليه دون تبيان أي تفاصيل عنه.
في الفصل الثاني من الباب الثامن جاء القانون على ذكر المفاوضة الجماعية وذلك في المادة 178 منه، والتي نصت على أن المفاوضة الجماعية هي الحوار والمناقشات التي تجري بين المنظمات النقابية وبين أصحاب العمل أو منظماتهم من أجل تحسين ظروف وشروط العمل وأحكام الاستخدام والتعاون بين طرفي العمل لتحقيق التنمية الاجتماعية لعمال المنشأة وتسوية النزاعات بين العمال وأصحاب العمل.
كما وتكون المفاوضة على مستوى المنشأة أو فرع النشاط الاقتصادي أو المهنة أو الصناعة كما تكون على مستوى المحافظة الواحدة أو على مستوى القطر.
ثم جاء في المادة 179 على أحكام وطريقة المفاوضات الجماعية حيث يتم التفاوض بين ممثلين عن اللجنة النقابية في المنشأة وبين أصحاب العمل أو من يمثله، وعلى الطرف الراغب بالتفاوض أن يوجه للطرف الآخر رسالة خطية يعرب فيها عن رغبته بإجراء التفاوض ويذكر المواضيع التي يرغب بإجراء التفاوض حولها.
ثم عرج القانون في بقية المواد وفي الفصل الثالث على اتفاق العمل الجماعي الذي ينظم شروط وظروف علاقة العمل وأحكام التشغيل وغير ذلك من الشروط التي تكفل راحة العمال وأمنهم وصحتهم ويبرم بين نقابة أو أكثر من نقابات العمال أو اتحاد عمال المحافظة وبين صاحب عمل أو مجموعة من أصحاب العمل أو منظمة من منظماتهم، ويكون اتفاق العمل الجماعي نافذاً وملزماً لطرفيه بعد إيداعه لدى الوزارة ونشره بالجريدة الرسمية مشتملاً على أحكام الاتفاق.
ولكن للأسف جميع نصوص القانون السابقة بقيت حبراً على ورق ولم نرَ أي تفعيل لأي لجنة حوارية أو تشجيع أي نقابة أو منظمة على أجراء أي تشاور أو تعاون، فأي مادة من القانون تعتبر في صف العمال جرى القفز فوقها وتغييبها حتى بات وجودها بالقانون بلا طائل منها، وهذا يرجع إلى أسباب عديدة منها سياسة الحكومة التي تهمل قصداً أية نصوص لمصلحة العمال ولو كانت نصوصاً دستورية كحق الإضراب على سبيل المثال، ولو طبق مبدأ المفاوضة الجماعية لكان حسم آلاف القضايا دون التوجه إلى القضاء وخفف الضغط على المحكمة العمالية وسهل على العمال معاناة اللجوء إلى القضاء وطول إجراءاته وتكاليفه.
ثانياً، أن المشرع عندما وضع نصوص هذا القانون وضعه بالاستناد إلى القوانين الفرنسية والمصرية والعراقية كما جاء في المذكرة الإيضاحية له وتلك الدول لديها نقابات قوية وصناعات حديثة والحوار بين طرفي علاقة العمل يعتبر أساسياً لذلك نصت عليه في قوانينها، أما في سورية فلا يوجد اتحاد عام يدافع عن العمال فعلاً، لا بل بعيد كل البعد عن العمال خاصة في القطاع الخاص، ولا يستطيع حتى فرض رأيه على الطرف الآخر وليس له قدرة تفاوضية ولا قوة على أرض الواقع.
ثالثاً، منظمات أرباب العمل والتي تستفيد من ضعف نقابات العمال وتستفيد من القانون رقم 17 نفسه والذي جاء قياساً على مصالحها، وبما أن الحكومة تتبع سياسة اضطهاد الطبقة العاملة ونهب قوة عملها مجمدة للأجور والرواتب، لذلك هي الأخرى ليست في وارد محاورة العمال ولا ترى العمال نداً لها أصلاً، ففي ظل هذه السياسات الحكومية وضعف النقابات تبقى هي المستفيدة الوحيدة من هذا الوضع ولن تسعى بالاعتراف بالعمال كطرف مفاوض لها ولن تعترف بحقوقهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1125