الطبقة العاملة في ذكرى الاستقلال

الطبقة العاملة في ذكرى الاستقلال

كانت الحركة العمالية في سورية منذ نشوئها جزءاَ مهما من الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار والانتداب الفرنسي في البلاد

حيث استطاعت في ثلاثينيات القرن الماضي تأسيس تنظيمها النقابي من خلال العديد من الإضرابات والاعتصامات المختلفة، مطالبة بحقوقها المعيشية من أجور وغيرها، وكذلك حقوقها التشريعية في قانون عمل عادل يضمن حقوقها كافة، بما فيها تحديد ساعات العمل وإجازة مدفوعة الأجر ووقف التسريح التعسفي وتعويض نهاية الخدمة والمعالجة الطبية، وحقها في تأسيس تنظيمها النقابي، وكان ذلك مع صعود الحركة الوطنية المناهضة للاحتلال الفرنسي وكافة أشكال الاستعمار. اكتسبت خلالها الطبقة العاملة ونقاباتها أهم تجاربها على الرغم من الصعوبات العديدة، مرارة الفقر، وسطوة الاستغلال الرأسمالي والحكومات البرجوازية التي نصبها الاحتلال الفرنسي، وقمع وسجون واعتقالات، حيث خاضت أصعب المعارك الوطنية والطبقية مدعومة من القوى الوطنية والتقدمية الصاعدة، وقد أصبحت فصيلاً هاماً من فصائل حركة التحرر الوطني في مواجهة المستعمرين الفرنسيين المحتلين.
يعتبر الاستقلال من أهم القضايا التاريخية الوطنية التي تم إنجازها منذ معركة ميسلون، وانطلاق الثورة السورية الكبرى، حيث تم تحقيق الاستقلال عام 1946.ومنذ نشوء الحركة النقابية حققت العديد من المكاسب في ظل الصراع ضد الاستعمار الفرنسي، والصراع من أجل تحسين مستوى معيشة الطبقة العاملة، عبر النضال من أجل زيادة الأجور، وغيرها من الحقوق التي حققتها، وبذلك اكتسبت الحركة النقابية وزناً حقيقياً في هذا الصراع ضد الاستعمار الفرنسي، وفي الصراع من أجل تحسين مستوى معيشة الطبقة العاملة وكافة الكادحين، وما كانت الحركة النقابية ستحقق هذه المكاسب التي حققتها لو كانت تقبل الإملاءات من خارجها سواء من أرباب العمل، أو الأجهزة الحكومية، أو غير قادرة على اتخاذ القرارات المتعلقة بالشؤون السيادية للحركة النقابية، وخاصة فيما يتعلق بحياتها الداخلية، وحقوق ومصالح من تمثلهم من العمال وكافة الكادحين الفقراء.
التاريخ الذي صنعه العمال السوريون بعزيمتهم وبإرادتهم النضالية العالية التي لم يحنها إخفاق هنا أو كبوة هناك، وكل المحاولات التي جرت من أجل تحييد الطبقة العاملة عن دورها، هذا الدور المتجذر في وجدانها، أن يكون لها دور فاعل في تقرير مصير البلاد، بالرغم من كل المغريات التي قدمت لها والتهديد والوعيد، التي كان الغاية منها أن تبقى الطبقة العاملة على الحياد، واستخدامها عند الضرورة التي تقتضيها مصالح من يريد ذلك، وليس ما تقتضيه مصالحها الوطنية والطبقية.
لقد تعرضت مصالح هذه الطبقة للكثير من الهجوم المعلن والمبطن عبر السنوات الفائتة، من خلال السياسات الاقتصادية الليبرالية التي أنهكت حياة الشعب السوري واقتصاده الوطني، وأنتجت الكثير من الأمراض والأزمات، ذات آثار تدميرية يصعب التخلص منها بسهولة.
إن استحقاق اليوم يوازي إلى حد كبير استحقاق الاستقلال وإخراج المحتلين، بل بمستوى أعلى، فالاستحقاق أمام الحركة النقابية والشعب السوري هو إنهاء هذه الأزمة الوطنية والحفاظ على وحدة البلاد، ودفع البلاد باتجاه نظام يحقق أعمق مستوى من العدالة الاجتماعية مع أعلى معدل نمو، وهذا يحتاج إلى إرادة وفعل للحركة النقابية والطبقة العاملة السورية، ودور تتوفر فيه الشروط الضرورية لتستعيد الحركة النقابية دورها، الذي لعبته تاريخياً، والذي يمكن أن تلعبه في هذه الظروف المعقدة والمركبة، حيث الصراع على أشده، مع قوى فساد ولصوص نهبوا خيرات شعبنا، وعاثوا في الأرض فساداً.
إن الاحتفال الحقيقي بالاستقلال اليوم، وفي خضم الأزمة التي تهدد كل الإرث الوطني، يكون برسم مرحلة استقلال جديدة، يُعد التغيير الوطني الجذري العميق جوهرها، والذي يتجسد في ظروف سورية اليوم بانطلاق الحل السياسي، على أساس القرار الدولي 2254.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1119
آخر تعديل على الأحد, 23 نيسان/أبريل 2023 23:40