تنمية الأخلاق بدل الأجور
أديب خالد أديب خالد

تنمية الأخلاق بدل الأجور

الأهم من زيادة الأجر هو الفكر والأخلاق وتنميتهما، هذا ما صرح به وزير التربية عن أجور المعلمين وقبلها بسنين سبقه رئيس اتحاد نقابات العمال بقوله إن العمال يعملون بوطنيتهم، وفي اجتماع النقابات المهنية تحدث أحد المسؤولين أن الأهم من بناء الوطن وتحسين مستوى المعيشة هو بناء الإنسان والأهم من ذلك العقيدة الدينية، داعياً إلى ضرورة التحمل والصبر والتضحية من أجل الوطن.

طبعاً كل هذه التصريحات إن دلت فإنها تدل على أن الحكومة لا تملك حلولاً تخفف من معاناة المواطنين وتتهرب من المطالب المحقة والملحة بضرورة زيادة الرواتب بحجة عدم وجود موارد مع العلم أن الموارد موجودة ولكن لا نية حكومية بالاقتراب منها لأنها من نصيب أصحاب الثروات بالبلاد ومواردها، وبالرغم من أن تدني مستوى المعيشة وصل إلى مستويات مخيفة باتت تهدد الأمن الغذائي للمواطنين وباتت تصنف سورية كأسوأ بلد للعيش فيه.
بالعودة إلى التصريحات الحكومية المذكورة أعلاه لا بدّ أن نذكر الحكومة أن بناء الإنسان والأخلاق يتطلب أولاً تلبية الحاجات المادية والمعيشية للمواطن بالحد الأدنى وتأمين مستوى عيش لائق من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة البطالة وتحقيق نمو اقتصادي، ومن دون ذلك فإن الحديث عن تنمية أخلاق المجتمع وبناء العقيدة والأخلاق دون توفير أساس مادي هو عبارة عن فت خارج الصحن وتهرب من استحقاقات باتت ضرورية وملحة لإنقاذ الملايين من الجوع والفقر والعوز.
فالفقر لا يولّد مجتمعاً سليماً ولا أخلاقاً تسمن عن جوع وأكبر دليل هو انتشار جرائم القتل والسرقة وتعاطي المخدرات والدعارة والتفكك الأسري، ولكن لماذا لا تطالب الحكومة الأقلية الغنية المتحكمة بالتحمل والصبر والتنازل عن جزء من أرباحهم والتضحية بأموالهم في سبيل الوطن كما ضحى الفقراء بأبنائهم ومنازلهم ومستقبلهم.
كما أن سبب هجرة الشباب من عمال وذوي الكفاءات والشهادات العلمية هو الفقر وتدني مستوى المعيشة وانعدام فرص العمل وهو ما أفقد البلاد العنصر البشري الهام والذي لن تستطيع البلاد تعويضه لعقود طويلة وتحولت الهجرة إلى حلم لكل شاب سوري وفرصة عمل ولو برواتب قليلة خارج البلاد فرصة العمر التي لا تعوض.
كل السياسات الاقتصادية المتبعة لا يمكن تصنيفها سوى أنها عدائية تجاه المواطن الذي لا يطالب سوى بعيش كريم واقتصاد قائم على العدالة الاجتماعية كما ينص عليه الدستور عام 2012 والذي طرحته السلطة نفسها للاستفتاء الذي جاء أساساً لمعالجة أسباب اندلاع الأزمة من تراجع الإنتاج وفقر وبطالة.
ولا ينفع اليوم مطالبة الحكومة بزيادة الرواتب ولا لتنبيهها لأنها على علم تام بما خلفته سياستها الاقتصادية الليبرالية، والتي يبدو أنها مازالت سائرة فيها حتى نهايتها ولن تتراجع عنها رغم كل ما خلفته من أثار كارثية على البلاد والعباد، والذي يطرح السؤال التالي ما هو الهدف الحكومي من الإصرار على السير بنفس السياسات التي أدت إلى انفجار الأزمة والتي عمّقت من أثار الأزمة وتداعياتها وتناغمت بشكل كبير مع العقوبات الغربية في إيصال السوريين إلى حافة الجوع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1115