محطات في ذكرى تأسيس الحركة النقابية
في الثامن عشر من آذار الجاري مرت الذكرى الـ 85 لتأسيس الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية الذي أعلن عن تأسيسه عام 1938 برئاسة النقابي مصطفى العريس ويعد هذ اليوم محطة هامة في نضال الحركة العمالية في سورية ومن هدفه الرئيسي تدعيم وحدة الطبقة العاملة ووحدة الحركة النقابية من خلال نشاطه العملي واليومي في مختلف الميادين النضالية. وفي 29/5/1938 دعا الاتحاد العام للنقابات إلى تنظيم إضراب عام طالب بوضع قانون للعمل .وبتاريخ 23/12/1938 انعقد في دمشق أول مؤتمر للنقابات طالب الحكومة بالاعتراف بالنقابات وبحقوقها، وتم إصدار قانون بتاريخ 18/1/1939 اعترفت السلطة بنشاط النقابات العمالية تحت ضغط الحركة العمالية والنقابية.
إن تاريخ العمال السوريين ممتلئ بالعديد من المحطات الوطنية والطبقية، حيث خاضت النقابات والاتحادات العمالية طريقاً شاقة من النضال حتى انتزعت حق الطبقة العاملة السورية بحرية تأليف النقابات للدفاع عن مصالح وحقوق العمال منذ بداية القرن العشرين. وخاض العمال العديد من النضالات ضد الاستعمار وضد أرباب العمل. وفي العام 1936، تأسس اتحاد عمال دمشق لقيادة النقابات العمالية الموجودة في دمشق، وكان من أهم نشاطاته: رفع المطالب العمالية إلى المجلس النيابي والحكومة. حول حرية تأليف النقابات وساعات العمل والأجور والتسريح وتعويض الشيخوخة والإجازات السنوية والراحة الأسبوعية وأجر العمل الإضافي وغيرها من المطالب والحقوق. كما خاض اتحاد عمال دمشق الإضرابات من أجل زيادة الأجور عام 1937 واستطاع تحقيق ذلك.
في آذار 1952، انعقد المؤتمر الثالث للعمال السوريين ممثلاً لـ 9000 عامل، من مختلف المحافظات وتمثلت في المؤتمر مختلف المهن والصناعات السورية. ترأّس المؤتمر العديد من النقابيين، مثل: جبران حلال وإبراهيم بكري وخليل حريري وغيرهم، وطالب المؤتمر جميع النقابيين بصرف النظر عن توجهاتهم للنضال في سبيل زيادة أجور العمال بنسبة 25% وتأمين الخبز للعمال بسعر رخيص وكمية كافية، وإصدار قانون للضمان الاجتماعي، وتشكيل لجان مشتركة لجميع المهن والمعامل لتحقيق هذه المطالب الأساسية.
في جو من النهوض الوطني وصعود الحركة الشعبية، جرت الانتخابات النقابية عام 1957، واستطاع النقابيون التقدميون والمستقلون إسقاط القيادات الإصلاحية التي لها علاقات مع النقابات الإصلاحية، والقيادات الحرفية التي تدافع عن مصالح أرباب العمل، وتشكلت قيادة جديدة من تسعة نقابيين، ثلاثة شيوعيون وثلاثة تقدميون وثلاثة مستقلون.
عقد المؤتمر الثامن لنقابات العمال في سورية على مدرج جامعة دمشق في شهر آذار من عام 1955 في أجواء من الحريات الديمقراطية وحضر المؤتمر مندوبون يمثلون عشرات الآلاف من العمال، وانتخب النقابي إبراهيم بكري رئيساً للمؤتمر. وبعد انتهاء أعمال المؤتمر الثامن حدثت مظاهرة عمالية ضخمة أمام مبنى الجامعة تأكيداً على مطالب الطبقة العاملة السورية في زيادة الأجور والضمان الاجتماعي والضمان الصحي، وحق الإضراب ومنع التسريح التعسفي، وساعات العمل الثمانية.
في العام 1959، تعرضت النقابات إلى حملة من التنكيل تمثلت بمحاولة تنحية النقابيين المنتخبين، وعندما أعاد العمال انتخاب نفس النقابيين لجأت السلطات آنذاك إلى سجن النقابيين، وحل النقابات القائمة، وتعيين رؤساء النقابات واتحادات المحافظات وضرب استقلالية الحركة النقابية، لتدخل النقابات في مرحلة التراجع التدريجي منذ النصف الثاني من القرن العشرين.
في الذكرى الخامسة والثمانين لتأسيس اتحاد نقابات عمال سورية، على النقابات اليوم أن تجدد النضال في سبيل مطالبها المشروعة من أجل تعديل قوانين العمل التي تنحاز إلى مصالح أرباب العمل وزيادة الأجور وربطها بمستوى المعيشة، والوقوف ضد الخصخصة وحق الإضراب المطلبي والنضال لتعزيز وحدة الحركة النقابية، ومنع تقسيمها حتى تستطيع أن تلعب دورها الوظيفي في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة السورية وكذلك أهم الاستحقاقات السياسية التي تواجهها البلاد لإيقاف كل أشكال التدخل الخارجي، وإطلاق العملية السياسية لتتمكن من خوض معركتها الوطنية الطبقية لمواجهة قوى النهب والفساد الكبير الذي يعمل على تقسيم النقابات حتى يستطيع سلب الطبقة العاملة كل حقوقها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1115