التأمينات الاجتماعية والعمال
إن أغلب نصوص قانون التأمينات الاجتماعية رقم /92/ لعام 1959وتعديلاته تركت الصلاحية الكاملة لرب العمل في تسجيل عمّاله في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وفي الإبلاغ عن إصابات العمل التي تحدث في معمله، وفي إبلاغ الشرطة عنها وفي مسك السجلات الخاصة بعماله وتأميناتهم، مع فرض بعض العقوبات المالية البسيطة عليه في حال تخلفه عن تنفيذ التزاماته دون وجود مؤيد قانوني أو جزاء جدي يجبر صاحب العمل على تنفيذ التزاماته وفق أحكام قانون التأمينات الاجتماعية وتردعه.
مفتشو التأمينات
ترك القانون المذكور مسؤولية مراقبة تنفيذ أحكام قانون التأمينات على الجولات التفتيشية التي يجريها مفتشو التأمينات على المعامل والمصانع لمتابعة تنفيذ صاحب العمل لالتزاماته ومدى تقيّده بنصوص القانون حيث نصت المادة 110 منه على (أنه تخضع كافة المنشآت وأماكن العمل المشمولة بأحكام القانون للتفتيش من قبل مفتشي المؤسسة أو رؤسائهم) ولكن للأسف الواقع أثبت فشل عمل هؤلاء المفتشين لعدة أسباب منها الفساد وتلقي الرشاوى من قبل أصحاب العمل هذا إذا استطاع هؤلاء أساساً الدخول إلى المصانع بالرغم من أن لهم صفة الضابطة العدلية فيما يخص مخالفة أحكام القانون ولهم في سبيل ذلك الحق في دخول محال العمل في مواعيد العمل المعتادة لإجراء التفتيش اللازم والاطلاع على السجلات والمستندات المتعلقة بتنفيذ أحكام القانون وتساعدهم في ذلك قوى الأمن الداخلي وغيرها من السلطات المختصة وفي حال ممانعة صاحب العمل تيسير عمل المفتشين أو عرقلتهم يتم تنظيم الضبط اللازم بحقه لإحالته إلى القضاء المختص، ولكن حتى لو التقوا بالعمال فالعمال لا يستطيعون التحدث بكل صراحة مع المفتشين بسبب خوفهم من تسريحهم تعسفياً من أعمالهم، وخاصة أن قانون العمل رقم 17 لعام 2010 أعطى حق التسريح التعسفي لصاحب العمل، وهنا أصبح العمال بين سندان المطالبة بحقوقهم الطبيعية والمشروعة وبين مطرقة الفصل من أعمالهم.
باب القضاء
وجاء في المادة 114 من قانون التأمينات الاجتماعية حيث نص في الفقرة الثانية من المادة المذكورة أنه في «حال ترك العامل العمل ولم يكن مشتركاً عنه لدى المؤسسة يلتزم صاحب العمل بأن يؤدي له تعويضاً نقدياً يعادل مثلي أجره الأخير عن كل سنة عن مدة خدمته لديه ولا تلتزم المؤسسة في هذه الحالة بدفع أي تعويض أو معاش للعامل مهما كان نوعه، وفي حال إقامة الدعوى من قبل العامل على صاحب العمل تقوم المؤسسة بمساعدته برفع الدعوى أمام القضاء لتحصيل حقوقه» أي إن باب القضاء متاح أمام العامل للمطالبة بحقوقه التأمينية، ولكن طريق القضاء يبقى طريقاً شاقاً وطويلاً بالنسبة للعامل بسبب إجراءاته البطيئة وتكاليفه، ناهيك على أن أغلب العمال لا يعلمون بحقوقهم ولا يعرفون كيف يطالبون بها بسبب غياب حملات التوعية لهم، خاصة وأن أرباب العمل يوهمون العمال بأن المبلغ المقتطع من راتبه لقاء تأمينه يذهب كضريبة للدولة وليس من مصلحتهم ليتهرب من تسجيلهم.
دور اللجان النقابية
وإذا وجدت في المعامل أو المصانع الكبيرة لجنة نقابية فإنها لا تقدم ولا تؤخر وأغلب اللجان النقابية التي من المفترض أنها تمثل العمال يشكلها صاحب العمل عادة على مزاجه إلا ما ندر، لذلك فهي غير قادرة على التعبير عن مصالح العمال ولا الدفاع عن حقوقهم، والواقع أثبت ذلك، والدليل قلة عدد العمال المسجلين بالتأمينات بالنسبة لمجموع عدد العمال، والعمال الذين يحالفهم الحظ في التسجيل يسجلون بأجر الحد الأدنى للأجور مهما بلغ أجر العامل بالزيادة عن أجر الحد الأدنى، وبهذا يخسر العامل جزءاً مهماً من أجره التأميني في حال وصل إلى سن المعاش أو أراد الاستقالة، وبهذه الحال يحصل على الدفعة الواحدة فقط.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1113