خوفاً على النقابات

خوفاً على النقابات

حالة الجمود والترهل التي تمر بها الحركة النقابية هي استمرار لمرحلة ما قبل انفجار الأزمة الوطنية، والتي ازداد تأثيرها على طريقة نضال وكفاح العمل النقابي في مواجهة الاستغلال التي تمارسه قوى النهب والاستغلال، والتي تعمل بالتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة.

فهل هذا الجمود والترهل من داخل التنظيم النقابي أو من خارجه؟ وما هو الطريق للخروج منه. مع البدايات الجنينية للتنظيم النقابي للطبقة العاملة بدأ بخوض صراع مباشر مع مستغلي العمال. من أجل حقوقهم المشروعة من أجور عادلة وقوانين عمل منصفة للعمال وغيرها من القضايا المتعلقة بالعمل والحقوق، وشكّل تحالف الحركة النقابية- خلال الأربعينات والخمسينيات من القرن الماضي مع القوى الوطنية والتقدمية في فترة الاستعمار الفرنسي وما بعدها_ فرصة للحركة النقابية من أجل تعزيز تواجدها بين صفوف الطبقة العاملة، وأسهم في تحقيق العديد من المطالب والمصالح للطبقة العاملة والحد من استغلالها الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى ظهورها كقوة مؤثرة في حياة البلاد، وخاصة في ظل حركة فاعلة من الإضرابات والاعتصامات وغيرها من أشكال الاحتجاج.
والسؤال اليوم، هل هناك إمكان لتجاوز الوضع الراهن الذي تعيشه الحركة النقابية؟ لتصحيح مسار الحركة النقابية وإعادة بنائها الكفاحي التي وجدت من أجله بالدفاع عن حقوق العمال وتحقيق مصالحها التي فقدتها خلال المرحلة السابقة وخاصة الأجر العادل الذي يحقق تلك الحياة الكريمة للعمال وكافة الكادحين.
هناك مهام ومسؤوليات ملقاة على عاتق كل النقابيين والقوى الوطنية، وهي مهام طبقية بامتياز. لذا لا بد من تثبيت مفهوم الصراع الطبقي في داخل الحركة النقابية، الذي يمكّن من ارتباطها في صفوف الطبقة العاملة، وعموم الجماهير الشعبية الكادحة والمهمشة. ورفع سطوة السلطة التنفيذية عنها. وفي هذا الصدد هناك العديد من المعارك النضالية، التي تدخل في صلب اهتمامات العمل النقابي، والجوهري والأساسي فيها على سبيل الذكر لا الحصر نضال الطبقة العاملة من أجل الحق في الحياة الكريمة والأجور العادلة لكافة الكادحين والعاملين بأجر، الكفاح من أجل الحق في السكن اللائق. ومواجهة مافيا الفساد والنهب، وتأمين فرص العمل لطالبي العمل ضمن تلك الأجور العادلة، تأمين بيئة عمل مناسبة لتشغيل المعامل والمنشآت سواء لقطاع الدولة أو القطاع الخاص.
إن النضال النقابي ينبغي أن يقوي ويعزز الارتباط بين عموم الطبقة العاملة والكادحة، والحركة النقابية. وما نريد قوله هو أن ترهل العمل النقابي ليس أزمة تقنية مرتبطة بضعف الانتساب إلى الحركة النقابية فقط، بل هو نتاج موضوعي لمرحلة تاريخية على مستوى العمل النقابي، وغياب الأسئلة الكفاحية لدى الكوادر الرئيسة في الحركة النقابية لماذا نمارس العمل النقابي؟ وماذا نريد من العمل النقابي؟ ومن هم أصدقاء العمال ومن حلفاؤهم، ومن هم أعداؤهم الطبقيون؟ والعمل النقابي تحت اليافطات الحزبية الضيقة.
والملحوظ من خلال المؤتمرات السنوية التي جرت في الفترة الأخيرة، والتي طالب أعضاء هذه المؤتمرات فيها بالعديد من القضايا الهامة والضرورية من الحقوق المفقودة للعمال، سواء في التشريعات من قوانين عمل نافذة وغيرها أو قضايا اقتصادية ومعيشية من أجور أحسنها لا تلبي الحد الأدنى للمعيشة وحوافز وطبيعة عمل، أو قضايا مهنية تتعلق بكل مهنة إن كانت شاقة أو خطرة أو أمن صناعي وصحة وسلامة مهنية، يتجاهلها أرباب العمل سواء الدولة أو القطاع الخاص.
تحولت النقابة إلى أداة تهادن طبقي واستبدلت النضال النقابي وأدواته المجربة والناجعة في تحصيل الحقوق بالرهان على المذكرات والكتب، مما نتج عنه من تغيير شامل لوظيفة النقابة ولأساليب النضال فيها، ولطبيعة العلاقة مع أرباب العمل المختلفة، وإذا استمرت هذه الحالة والطريقة المتبعة التي أثبتت عدم جدواها بغية تحصيل حتى أقل الحقوق والمطالب العمالية سواء بالأجور أو الصحة والسلامة المهنية أو الطبابة وحتى متممات الأجر من إضافي وطبيعة عمل وحوافز وغيرها من الحقوق، فسوف يكون مصير الحركة النقابية في عتمة المجهول.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1109