كيف تشفط الثروة من العمال
منذ ما قبل انفجار الأزمة السورية كان بالكاد يكفي راتب الموظف في القطاع العام أو العامل في القطاع الخاص تأمين احتياجاته وكانت غالبية العمال أو الموظفين يعملون بأكثر من عمل ليؤمنوا احتياجاتهم الأساسية وكانت الغالبية مفقرة إلى حد ما، ورغم ارتفاع الأجور منذ مطلع الألفية الجديدة إلا أنه سرعان ما كانت الأسعار تلتهم هذه الزيادات، فعملياً كان راتب الموظف تقل قيمته مع الوقت رغم ارتفاعه، فمعدل توزيع الثروة كان 75% لأصحاب الربح و 25% لأصحاب الأجور أي إن العمال والموظفين وهم الغالبية في المجتمع لم يكونوا يحصلون سوى على 25% من الثروة الوطنية مقابل حصول الأقلية على 75% من الثروة.
قبل الأزمة
وكانت الظروف الاقتصادية- من تدنٍّ لمستوى المعيشة للغالبية مع اتباع سياسة رفع الدعم تدريجياً بدءاً من المحروقات وتحرير أسعار المواد والسلع الأساسية وازدياد معدلات النهب والفساد وتراجع الإنتاج الزراعي والصناعي- أحد الأسباب الهامة والضرورية التي ساهمت في انفجار الأزمة.
اتباع نفس السياسات
ورغم حدوث الانفجار وما حملته السنوات العشر الماضية من مآسٍ على المجتمع بشكل عام استمرت الحكومة في اتباع نفس السياسات الاقتصادية الليبرالية من تجميد الأجور وخفض قيمتها الحقيقية المتبقية مع رفع الدعم بشكل نهائي ورفع أسعار حوامل الطاقة وضرب الإنتاج بنوعيه، وهذه السياسات عمّقت من الأزمة وضاعفت من نتائجها لا بل وكانت حصان طروادة في تدمير الدولة والمجتمع من الداخل في تكامل واضح مع العامل الخارجي المتمثل بالعقوبات والحصار.
وتشير الأرقام إلى أن مستوى توزيع الثروة في سورية قبل عام 2021 هو 87% لأصحاب الربح والذين لا يمثلون سوى 10% من المجتمع مقابل 13% للعمال والذين باتوا يشكلون 90% من المجتمع أي حصلت زيادة في تمركز الثروة في قطب وزيادة الفقر والعوز والحرمان في القطب الثاني من المجتمع وسنشرح بالتفصيل كيف استحكمت هذه القلة الثروة وشفطتها من العمال الذين ينتجون الثروة.
أساليب شفط الثروة
فمقدار ربح الحكومة وأرباب العمل من العمالة المأجورة عليه سؤال يحتاج إلى إجابة بدقة علمية من قبل المكتب المركزي للإحصاء وطرح موقع سيرياهوم أمثلة رقمية تعطي صورة عن حجم الأرباح التي تحصلها الحكومة والقطاع الخاص من العاملين بأجر.
وبحسب الموقع بلغ عدد العاملين في الجهات الحكومية 1563482 عاملاً في عام 2019 مقابل 2135217 عاملاً في القطاع الخاص وكان راتب بدء التعيين للإجازة الجامعية عام 1985 أي قبل عام واحد من أول تعديل على سعر الصرف لا يقل عن 250 دولاراً بينما انخفض إلى 34.44 دولاراً الآن.
وإذا اقتصرنا على الحد الأدنى للأجور حالياً (92970 ليرة) فإنه لا يتجاوز 31 دولاراً مقابل 200 دولار عام 1985 وهذا يؤكد أن الحكومة تربح حالياً من كل عامل 169 دولاراً شهرياً أي 2028 دولاراً سنوياً وبالتالي ربحها من إجمالي عمالتها لا يقل سنوياً 3170 مليون دولار وهو يساوي حساب آخر سعر للصرف (3015 ليرة) مبلغ 955705 مليار ليرة وهذا المبلغ هو من حق العاملين بأجر وليس من حق الحكومة وهو الذي يسبب حالة الفقر الشديد وعجز الأسرة عن تأمين احتياجاتها.
وأكد التقرير المحلي أن القطاع الخاص يربح أكثر من عمالته لأنها أكبر حجماً فربحه السنوي من العمالة المأجورة لا يقل عن 4330 مليون دولار أي 13054 مليار ليرة بالسعر الرسمي، وبما أن القطاع الخاص يسعر بالسعر الأسود فإن ما يربحه فعلياً من عمالته لا يقل عن 20 مليار ليرة سنوياً.
وبحسب الموقع فإن هذه الأرقام تكشف أن سبب ارتفاع نسب الفقر في سوريا وعجز ملايين الأسر عن تأمين احتياجاتها ليس سببه ارتفاع الأسعار ولا تراجع القدرة الشرائية لليرة وإنما قيام الحكومة والقطاع الخاص بشفط دوري للأجور مع كل تعديل على سعر الصرف.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1105