الموازنة والنقابات

الموازنة والنقابات

تبذل الحكومة كل ما بوسعها لتوفير أفضل الظروف والأوضاع الملائمة لقوى رأس المال والمستثمرين بما فيهم قوى الفساد، وذلك من خلال السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها، وكذلك من خلال تأمين تلك البيئة القانونية والتشريعية التي تؤمّن المزايا المختلفة والمتزايدة لهذه الاستثمارات المختلفة تحت يافطات عدة ومنها توفير هذه المادة أو تلك.

أما العمال وتحسين وضعهم المعيشي وتحسين أجورهم بما يتناسب مع حالهم هذا وإيجاد تلك البيئة القانونية والتشريعية التي تضمن حقوقهم المختلفة في العمل والحياة الكريمة وخاصة الأجور المتدهورة دائماً فهي تضع كل ما تيسّر لها من عراقيل وسدود لكبحها وتقليصها خدمة لتلك القوى، وخلال الفترات السابقة استطاعت الحكومة أن تبسط جزءاً من يدها على الحركة النقابية وتفرض عليها بعضاً من ضغوطها وتفرّغها من جوهرها الحقيقي مع بقاء شكلها البراق.. ودفع الحركة النقابية لتبني تلك الشعارات التي لا تعبر عن الجوهر الكفاحي والنضالي للحركة مثل النقابات والحكومة تحت سقف واحد، مما أفقدها جزءاً هاماً من استقلاليتها مما أضعف العديد من أدوات نضالها الضرورية والهامة لتحصيل حقوق الطبقة العاملة ومطالبها المحقة التي يضمنها ويكفلها الدستور وخاصة لقمة عيشها وعملها. صدر قانون الموازنة العامة لعام 2023 بتحديد اعتمادات الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023 بمبلغ إجمالي قدره 16550 مليار ليرة سورية. وهي لا تختلف من حيث الجوهر عن الموازنات السابقة خلال هذه الأزمة. حيث حاولت أن تغطي الكثير من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية…إلخ. ولكن ما يهمنا في هذا المقال ماذا سينوب الطبقة العاملة من هذه الموازنة، وما هي الاستحقاقات التي يجب أن تحصل عليها من حقوق مختلفة تشريعية ومعيشية وديمقراطية وغيرها من الحقوق المشرعة دستورياً ودولياً، وهي مازالت منقوصة، أو التي فقدتها خلال تعاقب الحكومات السابقة.
إن الموازنة العامة للدولة بتراجع مستمر إذا ما قيست بمستوى التضخم والغلاء الفاحش وخاصة للمواد الأساسية لحياة العباد. والسؤال هل أخذت الموازنة بعين الاعتبار معدّل الجوع والفقر وكيفية توزيع الدخل الوطني، بين الأجر والأرباح. من خلال قراءة أرقام الموازنة التي صدرت لعام 2023، نجد أنها تمضي نحو إلغاء الدعم الاجتماعي، حيث خصص له مبلغ 4927 مليار ليرة، بينما كان 5529 مليار ليرة في موازنة العام 2022، وهذا يعتبر تراجعاً وانخفاضاً مقارنة بمستوى التضخم الحاصل، وكذلك حسب الموازنة الصادرة لعام 2023، نلاحظ ضعفاً كبيراً في حجم الإنفاق الاستثماري الذي يسهم في دعم الاقتصاد.
وبالعودة إلى التنظيم النقابي فالتنظيم النقابي ليس مجرد هيئات نقابية ينحصر نشاطها في مجال الخدمات النقابية البسيطة من مساعدات إنسانية صحية واجتماعية وغيرها فقط. بل له كل الإمكانيات وله الحق بمراقبة أداء الحكومة الاقتصادي وممارساتها. ويمكن أن يكون له دور فاعل في لجم تلك السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة المحابية لقوى الفساد والنهب. المعادية بالضرورة لمصالح العمال والكادحين. وإننا نعتقد أن إغضاب هذه الحفنة من الفاسدين والناهبين لاقتصادنا الوطني أسهل بكثير من إغضاب العمال وكافة الكادحين، وقد بينت كل أحداث الأزمة التي تعصف بالبلاد أن العمال سواء كانوا في القطاع الخاص أو قطاع الدولة هم الأشد حرصاً على الإنتاج والأكثر صدقاً وأماناً في حماية منشآتهم وآلات معاملهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1101
آخر تعديل على الخميس, 22 كانون1/ديسمبر 2022 14:54