استغلال مضاعف للعاملات
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

استغلال مضاعف للعاملات

في ظروف الأزمة اضطرت الكثير من النساء للنزول إلى سوق العمل نتيجة لفقدان المعيل الوحيد الرجل أو بسبب تدني مداخيل الكثير من العائلات بسبب مستوى الأجور والرواتب الهزيل الذي لا يسد سوى 3% من متطلبات المعيشة مما أجبر الكثيرات على العمل، ولكن هؤلاء لا يملكن أية خبرة بأي مجال أو أعمال ولا يملكن شهادة دراسية تؤهلهن للعمل بها، فلجأن إلى المعامل ومصانع الألبسة والمشاغل الصغيرة ومنهن من اتجهن للعمل خادمات وصانعات في البيوت أو بائعات في الأسواق أو مندوبات مبيعات.

ليس هناك أية حقوق لهن

ونتيجة لقلة خبرتهن بالعمل وأساليبه وشروطه وتعليمهن المتدني فقد وقعن فريسة لأرباب العمل حيث مارسوا عليهن أكبر استغلال من خلال العمل لساعات طويلة وبرواتب هزيلة ومن دون تسجيلهن في مؤسسة التأمينات ولا تستطيع أي منهن الاعتراض على ظروف عملها بسبب خوفها المستمر من الطرد والبحث عن عمل مرة أخرى وهي فرصة قد لا يحصلن عليها مرة أخرى.

معاناة مضاعفة

ناهيك عن معاناتهم مع أبنائهن بسبب انشغالهن بالعمل طوال اليوم والذي يسبب مشكلات عائلية واجتماعية شتى وخصوصاً أن أغلب المنشآت لا تلتزم بقوانين العمل وليس لديها دور للحضانة أو وضع نظام خاص للمرأة الحامل أو مراعاة الوضع الخاص للمرأة التي لديها أولاد صغار.
جل اهتمامهن وتركيزهن على الأجر البسيط والمتواضع الذي يحصلن عليه لإعانة أسرهن ولو بالقليل، ونتيجة لكونهن غير مؤهلات للعمل ولا يعلمن كيف تكون علاقة العمل وكيف يجب أن تكون وبسبب قلة خبرتهن بالحياة فهن يتعرضن في الكثير من الحالات إلى حوادث التحرش والاستغلال الجنسي وخاصة تلك الفئة التي لا يوجد من يساندها في العائلة أو فقدانها المعيل والسند كما يسمونه، فيقعن ضحية الاستغلال الجنسي من قبل رب العمل وربما تصدق البعض منهن الكلام المعسول لرب العمل أو صاحب المنشأة الذي يعيشها في وهم أنها ستتخلص من الفقر والحاجة والعمل إذا لبت له رغباته وربما يصل بالبعض بوعدها بالزواج ولكن بالسر ويقوم بتطليقها بعد شهر أو شهرين (أي زنا تحت غطاء شرعي).
هذا عدا عن حالات التحرش التي لا تحصى والتي تتعرض لها العاملات واستغلال لمظهرهن وخاصة ذوات الأعمار الصغيرة وهن عبارة عن وسيلة ترويج للبضاعة وجلب الزبائن خاصة في بعض المهن كمندوبات المبيعات أو عاملات في محلات التجزئة.

ما الحل؟

محاربة هذه المظاهر والتي للأسف باتت طبيعية في حياتنا تتطلب أولاً وقبل كل شيء وقوف اتحاد العام لنقابات العمال واتخاذه موقف المدافع عن هؤلاء النسوة وحمايتهن من خلال جمعهن وتوعيتهن بحقوقهن القانونية والدستورية لكي يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهن وإصدار قوانين مشددة على من يتعرض لهن بالتحرش أثناء العمل وتشديد العقوبة في حال كان التحرش من خلال استغلال حاجتهن للعمل كي يكون هناك رادع قانوني لأرباب العمل وغيرهم.
وليس الحل عبر إعادة هؤلاء إلى منازلهن وحياتهن السابقة التي كانت تقتصر على المنزل وكأنها مخلوق غير منتج وتعيش عالة على الرجل فالوضع تغير اليوم وباتت الحاجة إلى العمل ضرورية والمرأة مجبرة على العمل كالرجل تماماً وخاصة في ظل هذه الظروف والمطلوب حمايتها أثناء العمل وتأمين عمل لائق لها بشروط وظروف إنسانية ورفع مستوى معيشتها من خلال زيادة الأجور وربطها بالأسعار كي لا تقع ضحية الحاجة والفقر الذي يولد بسببه هذه الظواهر الشاذة والغريبة على مجتمعاتنا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1096