ماذا يريد عمال العالم
قبل 105 أعوام، كان تشرين الثاني حامياً: كانت قد اشتعلت ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى التي غيرت وجه التاريخ، وقبل عام واحد فقط، شهدت الولايات المتحدة أكبر موجة عمالية في العقود الأخيرة، وأطلق اسم تشرين الإضرابات على هذه الموجة. أما في هذه اللحظات، تشرين الحامي عمالياً يمتد عبر العالم. فماذا يريد عمال العالم اليوم.
عاشت فرنسا إضرابين عامّين خلال أسبوع واحد فقط، وامتدت احتجاجات مستوى المعيشة ومعاودة تزويد أوكرانيا بالسلاح إلى ألمانيا وإسبانيا والتشيك وإيطاليا وبريطانيا. وبالإضافة إلى ذلك، شلّت الإضرابات العمالية من أجل رفع الأجور العديد من القطاعات الحيوية في بلدان الغرب الجماعي.
بدأت هنا وهناك الإضرابات طويلة الأمد، ففي الولايات المتحدة دخل إضراب عمال المناجم في آلاباما حتى تاريخ 4 تشرين الثاني 2022 يومه الـ 583، وفي الهند وبالتاريخ نفسه، دخل اعتصام المطالبين بالعمل في كلكوتا يومه الـ 600 بمشاركة عشرات الآلاف من أعضاء الجبهة اليسارية والحزب الشيوعي الهندي الماركسي ومشاركة وزراء الحزب احتجاجاً على ما يسمى «العمل الحر» مطالبين بالعمل العادل ومحاسبة الاحتيال والفساد في التوظيف.
وتتواصل في الولايات المتحدة حملة تنظيم النقابات العمالية التي لا تخلو من معارك كبيرة مع الشركات العملاقة تصل إلى درجة تخريب قطاعات العمل واتهام العمال بذلك، كما فعلت شركة أمازون مرتين خلال إضراب العمال. وظهرت أيضاً العديد من الكراسات العمالية بمثابة دليل العمل التنظيمي، بالإضافة إلى تعميم التجارب الناجحة في تنظيم النقابات والإضرابات. وظهرت دعوات نقابية ما زالت خجولة تطالب بالسيطرة العمالية على الاقتصاد في بلدان الجنوب الفقير، وتأسيس نقابات جديدة من أجل تجاوز النقابات الإصلاحية، وفرض المطالب العمالية على أرباب العمل.
ولكن بين كل ذلك، تبدو الموجة الشعبية والعمالية الأوروبية الأكثر ملاحظة لدرجة واسعة، والتي تصادف الذكرى الـ 105 لثورة أكتوبر الاشتراكية. والتي تجاوزت المطالب الطبقية المباشرة للعمال إلى المطالب السياسية التي تتعلق بالأزمة الأوروبية الحالية، والتي يدفع العمال ثمنها يومياً من قضم حق الأجور ومستوى المعيشة والتدفئة وغير ذلك. فالنخب الحاكمة تريد رمي العمال في المحرقة النازية، ولكن رد العمال سرعان ما ظهر في الموجة الأوروبية من الاحتجاجات والإضرابات التي تتسع أسبوعياً في الفترة الأخيرة.
تخوض الطبقة العاملة حول العالم نضالاً على خطين، يتمثل الخط الأول في المطالب العمالية المباشرة التي يستعر النضال حولها يومياً. ولكن هذا الخط لن يكتمل رغم ضرورته إلا مع الخط الثاني، فالطبقة العاملة خلال نضالها اليومي من أجل مطالبها الآنية، لا تنسى نضالها طويل الأمد من أجل الاشتراكية.
إنّ تصادف الموجة الشعبية والعمالية الأوروبية مع ذكرى ثورة أكتوبر صدفة جميلة غير مقصودة. ولكنها تعطي هي الأخرى صورة عن المستقبل، لأن الاشتراكية هي الحل. فالرأسمالية أصبحت قاتلة على المدى القصير، وآن للطبقات العاملة حول العالم اتخاذ المزيد من الإجراءات في نضالها الآني من أجل المطالب ونضالها من أجل الاشتراكية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1095